محمد بارلاص - صحيفة صباح - ترجمة وتحرير ترك برس
هواة السياسة هم الذين يتابعون المباراة السياسية من المدرجات يشبهون تماما جماهير كرة القدم. يعلقون على كل لقطة قائلين: "لو كنت أنا لفعلت غير ذلك". لا تحمل تعليقات هواة السياسة هذه أي معنى أو أهمية، لأننا أصلاً لا نستطيع رؤيتهم إلا وقت الحسابات الداخلية للأحزاب السياسية.
ويمكننا ضرب أمثلة على هذا النوع من التعليقات من خلال الأحاديث التي بدأت تتهادى على مسامعنا بسبب اقتراب مؤتمر جديد من مؤتمرات حزب الشعب الجمهوري التي لا تنتهي.
انطلقت مرحلة الحسابات الداخلية للطاقم الذي يسعى الآن للفوز بالمؤتمر على الأقل بعد خسارته للانتخابات، لتبدأ تعليقات هواة السياسة من جديد الذي يقولون الآن كما كانوا يقولون في الماضي تماما: "يسعى حزب الشعب الجمهوري لتجديد نفسه".
هل تُخدع أمريكا أيضاً من هواة السياسة؟
إحدى مغالطات هواة السياسة الأخرى هي تعليقاتهم حول إمكانية انقسام حزب العدالة والتنمية من خلال خلافات ستنشأ بين أردوغان وعبد الله غُل.
هؤلاء الهواة أثّروا على صحافة العالم الخارجي أيضاً. على سبيل المثال ما كتبته صحيفة "نيويورك تايمز" بتاريخ 18 آب/أغسطس في افتتاحيتها غير المتوقعة: "النظام الاستبدادي لرئيس الوزراء أردوغان أضرّ جداً بعلاقة الأخير مع عبد الله غُل. ولكن هل يعني ذلك أن غُل سيخرج على أردوغان؟ هذا غير معروف".
هل من الممكن أن يكون الكاتب تُركيّاً؟
لو قرأتم تلك الافتتاحية كاملة لاستنتجتم أن الكاتب ربما ليس أمريكي وإنما أحد خبثاء هواة السياسة الأتراك. لأنّ أردوغان الذي يتخذ النظام الرئاسي الأمريكي كمثال لفكره اعتبر هذه الافتتاحية "تهديدا للديمقراطية التركية". ولو استخدمتم ذات المنطق الذي كُتبت به الافتتاحية لقلتم أن على أمريكا الانتقال من النظام الرئاسي إلى النظام البرلماني لكي تحافظ على ديمقراطيتها!
مراسم الوداع
عند الحديث عن العلاقة بين أردوغان وعبد الله غُل، من الاستحالة أن تعرفوا الأحاديث التي دارت بين الرجلين إذا لم تكونوا موظفي تنصت تابعين لـ"جماعة غولن" أو لـ"الاستخبارات الألمانية".
لكن ما قاله عبد الله غُل في مراسم الوداع، وردة فعل زوجته على بعض الصحفيين من الممكن أن يوضح قليلا هذا الأمر.
يقول غُل: "سيكون رئيس الوزراء القادم الوزير الذي قدّمته أنا وأكسبته للسياسة وللدولة.. هو وزير الخارجية أحمد داود أوغلو".
خرج خبثاء هواة السياسة ليعلقوا على هذه الجملة قائلين: "هل يسرق غُل الدور من أردوغان؟".
الشعب قدّمه
لكن في النهاية غُل سينقل صلاحياته إلى أردوغان بعد رئاسته الناجحة جداً للجمهورية التركية. والمؤكد أن مَن قدّم وساعد غُل لرئاسة الجمهورية هو أردوغان. لكن من دَعم وقدّم أردوغان لقيادة الدولة والسياسة التركية ليس غُل وإنما "الشعب".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس