ترك برس

تداولت وسائل إعلام عربية مزاعم غير مسبوقة عن محاولات إسرائيلية للتجسس على تركيا باستخدام الحيوانات، من طيور السنونو إلى الصقور.

وفي هذا الإطار، تطرق تقرير لقناة i24NEWS الإسرائيلية بتهكم لمزاعم تداولتها وسائل إعلام عربية حول "ضبط جواسيس إسرائيليين غير متوقعين في دول عربية وإسلامية.

وأشار التقرير إلى أن هؤلاء "الجواسيس" لم يكونوا بشرًا، بل حيوانات وطيورًا بريئة حوّلها الإعلام إلى عملاء سريين لجهاز الموساد.

وأوضح التقرير أن القاسم المشترك بين قرش أبيض ظهر في شرم الشيخ، ودولفين قبالة سواحل غزة، ونسر في صحارى السعودية، وسحلية في إيران، وطائر السنونو الصغير في حقل تركي، هو اتهامهم جميعًا بأنهم "عملاء صهاينة"، رغم براءتهم التامة، بحسب ما نقلته وكالة "RT" الروسية.

وبدأ التقرير باستعراض واقعة شهيرة وقعت في ديسمبر 2010، حين هاجمت أسماك قرش شواطئ شرم الشيخ، ما أثار ذعر السياح وأدى إلى تراجع كبير في الحركة السياحية. وسرعان ما تحول الحدث إلى "مؤامرة"، إذ زعم غواص مصري يُدعى مصطفى إسماعيل أن أحد أسماك القرش التي تم اصطيادها كان يحمل جهاز GPS على ظهره، ملمحًا إلى أن الموساد وجّهه عن بُعد لضرب السياحة المصرية. وذهب محافظ جنوب سيناء آنذاك، اللواء محمد عبد الفضيل شوشة، إلى حد القول إن "الموساد لا يُستبعد من هذه الحادثة"، ما دفع الإسرائيليين، وفق التقرير، إلى التعليق ساخرًا: "يبدو أن المحافظ شاهد فيلم 'الفك المفترس' أكثر من اللازم".

وأشار التقرير إلى أن خبراء الأحياء المائية قدّموا تفسيرات علمية منطقية للظاهرة، مثل إلقاء جيف أغنام في البحر، والصيد الجائر، وارتفاع درجات حرارة المياه، لكن هذه التفسيرات لم تجد آذانًا صاغية أمام سطوة نظرية "قرش الموساد" التي سيطرت على الخطاب الإعلامي المصري.

وانتقل التقرير إلى واقعة أخرى في عام 2015، حين أعلنت حركة حماس في غزة عن "ضبط دولفين جاسوس" كان يحمل كاميرات ومعدات تنصت. ولم تتوقف القصة عند هذا الحد، بل عادت إلى الواجهة في يناير 2022، عندما بثت وسائل إعلام إيرانية فيديو دعائيًا يظهر "دولفينًا قاتلًا" ينفذ هجمات كوماندوز تحت الماء، ووصفت التقارير الإيرانية إياه بأنه "دولفين صهيوني".

وفي السعودية، أفاد التقرير أن عام 2011 شهد ضجة إعلامية حول نسر "تلمودي" تم اصطياده وهو يحمل خاتمًا يحمل شعار جامعة تل أبيب، ما دفع الصحف إلى وصفه بـ"الجاسوس الصهيوني". لكن الأمير بندر بن سلطان تدخل شخصيًا، قائلاً: "يا جماعة، هذا بحث علمي. دعوه يطير"، فتم إطلاق سراح النسر، لكن لقب "نسر الموساد" ظل راسخًا في الذاكرة الشعبية.

أما في تركيا، فكانت الحادثة عام 2012، حين عُثر على طائر سنونو صغير ميت في حقل، وعلى ساقه خاتم تعريف إسرائيلي. وسرعان ما استُدعيت وحدات مكافحة الإرهاب وأطباء بيطريون لتشريحه، وزعمت بعض الصحف أن "فتحات أنفه كبيرة جدًا وقد تحتوي على رقاقة تجسس". وبعد عام، وصل صقر آخر يحمل علامة "تل أبيب" إلى جامعة فيرات لفحصه، وكتب مسؤول على استمارة الدخول: "جاسوس إسرائيلي"، قبل أن يخضع لأشعة سينية تُثبت براءته تمامًا، ويُفرج عنه لعدم كفاية الأدلة.

ولم تخلُ إيران من نصيبها، ففي 2018، ادّعى الدكتور حسن فيروز آبادي، رئيس الأركان الإيراني الأسبق، أن جهات غربية — من بينها إسرائيل — استخدمت سحالي للتجسس على المنشآت النووية، لأن "جلودها تمتص الإشعاع الذري"، ما يسمح باكتشاف اليورانيوم. ولم يقدم آبادي أي دليل على وجود "فيلق السحالي الجاسوسة"، لكن التصريح أصبح مادة دسمة للسخرية في وسائل الإعلام الغربية.

وختمت i24NEWS تقريرها بسخرية لاذعة قائلة: "هكذا وُلدت حديقة حيوانات الموساد: أسماك قرش مزوّدة بـGPS، دلافين مُدرّبة على الاغتيال، نُسور قيد التحقيق، وطيور تُنهي حياتها بفحص بالأشعة السينية!"

يأتي هذا بالتزامن مع تكثيف الموساد الإسرائيلي محاولاته للتجسسس على شخصيات داخل تركيا، وسط إحباط هذه المحاولات من قبل الاستخبارات التركية.

وقبل أيام، أعلنت السلطات التركية القبض على أحد عملاء جهاز المخابرات الإسرائيلية (الموساد) تورط في أنشطة تستهدف ناشطاً فلسطينياً معارضاً للممارسات الإسرائيلية في منطقة الشرق الأوسط.

وقالت مصادر أمنية إنه تم القبض على سركان تشيشك، وهو مواطن تركي اسمه الحقيقي محمد فاتح كيليش، على خلفية ثبوت عمله لصالح «الموساد»، في عملية مشتركة للمخابرات التركية وشعبة مكافحة الإرهاب في مديرية أمن إسطنبول والنيابة العامة، أُطلق عليها اسم «ميترون» ونُفذت فجر الجمعة. كما تم القبض، في عملية لاحقة، على محامٍ ساعده وآخرين في الحصول على معلومات لصالح «الموساد».

وبحسب معلومات المخابرات التركية، التي كشفت عنها المصادر لوكالة أنباء «الأناضول» الرسمية، تبين أن تشيشك كان على صلة بأحد عناصر المركز الإسرائيلي للعمليات عبر الإنترنت، يُدعى فيصل رشيد، وأنه وافق على تنفيذ أنشطة تجسسية تستهدف ناشطاً فلسطينياً معارضاً للممارسات الإسرائيلية في الشرق الأوسط.

وأظهرت التحقيقات أن كيليش غيّر اسمه إلى سركان تشيشك بعد تراكم ديون كبيرة عليه في أعماله التجارية، وغيّر نشاطه من التجارة وأسّس منذ عام 2020 شركة «باندورا للتحريات»، وبدأ العمل كمحقق خاص.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!