فرح داغستاني - ترك برس
تأسست الجمهورية التركية في عام 1923، وتعاقب عليها 11 رئيساً، أولهم مصطفى كمال آتاتورك لأربع فترات رئاسية، وثانيهم عصمت إنونو لأربع فترات، وجلال بيار لثلاث فترات. وتولى الرئاسة بعدهم كل من جمال غورسيل، وجودت سوناي، وفخري كوروترك، وكنان إفرين، وتورغوت أوزال، وسليمان دميريل، وأحمد نجدت سيزار وعبد الله غل لدورة واحدة.
حيادية الرئيس من أهم عناصر مبدأ "الرّقابة والتوازن" الذي يميز النظام الديمقراطي
أهم الصفات التي ينبغي أن يتمتع بها رئيس الجمهورية هي الحياد. ولكن كيف له تطبيق ذلك، هل يجب عليه أن يبتعد عن الحكومة والمعارضة بنفس المسافة تماماً كما هو لاعب كرة القدم الذي يرمي الكرة في مرمى الفريقين؟ بالتأكيد لا، الحيادية ليست كذلك أبداً، فالحيادية في النظام الديمقراطي هي أن لا يتدخل الرئيس بكرة القدم السياسية أصلاً، وأن يبتعد عن الكرة ولا يلمسها أبداً، فمهمته هي تماماً كمهمة الحكم الذي لا يهمه إلا أن تجري المبارة حسب القوانين، مهمته المراقبة أكثر من أي شيء آخر.
لاشك أن للرئيس قناعاته السياسية وتنعكس هذة القناعات على كلماته وأفعاله. وهذا أمر طبيعي فالحيادية لا تعني ألا يكون صاحب قناعات، وإنّما حياديته تعني ألا يتحيز لحزبه، عليه أن يحافظ على صورة الرئيس ويكون مرجعاً لكل المواطنين من كل الأحزاب والأفكار.
يذكر أحد الحقوقين الكبار البروفسور "علي فؤاد باش غيل" مهام رئيس الجمهورية باختصار شديد: "رئيس الجمهورية في النظام البرلماني يجري لقاءات مع الزعماء، ويلعب دور الوسيط المهدئ عند حدوث نزاعات، وإنّه إن كان منحازاً في الصراعات السياسية سيجزئُ الرأي العام".
صلاحيات الرئيس لم تتغير منذ 1982
في عام 1982 تمّ تعديل الدستور. وأكد الدستور الجديد على نظام المجلس الواحد، والعودة إلى نظام الجمهورية، وأعطيت فيه صلاحيات كبيرةٌ لرئيس الجمهورية وذلك في المادة 104 من الدستور المعتمد إلى يومنا الحالي.
ومن هذه الصلاحيات للرئيس تعيين رئيس الوزراء وقبول استقالته، ويمكنه أن يترأس اجتماعات الوزراء، وهو يرأس القوات التركية المسلحة، ويعقد اتفاقيات مع الدول، ويعين رئيس الأركان، ويعقد اجتماعات مجلس الأمن القومي، وله الحق في تعيين أعضاء مؤسسة التعليم العالي وعمداء الجامعة والقضاء الأعلى، ويمكن له أن يترأس مجلس الشورى العسكري ومجلس الأمن القومي.
وقد صرّح أردوغان بأنّه يتمنّى فوز حزب العدالة والتنمية في الانتخابات البرلمانية عام 2015، حتّى يتمكن من تعديل الدستور.
العدالة والتنمية يتّجه نحو النظام الرئاسي
أصدر حزب العدالة والتنمية بيانات ضمن برامجه الانتخابية في 2002 و2007 و2011، كان موضوعها الأساسي هو تغيير الدستور. وعلى خلاف البيانات السابقة، لم يُشِر حزب العدالة والتنمية في بيانه الانتخابي لعام 2011 إلى فكرة النظام البرلماني، فيما اعتُبِر إِشارةً إلى تبنّي الحزب لفكرة النّظام الرئاسي.
وذكر أردوغان في حملته الانتخابية عام 2014 أنه يرغب بالانتقال بتركيا إلى النظام الرئاسي أو شبه الرئاسي، مشيراً إلى أنه لن يكون على رأس حزبه في ذلك الوقت إذا ما نجح في الانتخابات الرئاسية ولكنه يفضل النظام الرئاسي، ويعتقد أنّه سيعود على تركيا بالنفع لأنه سيسرع سن القرارات وسيكون بمثابة إصلاح سياسي، وإصلاح في المحكمة الاستئنافية العليا.
تاريخ تركيا مليء بالانقلابات العسكرية، ومن الرؤساء الذين استلموا السلطة بعد انقلاب عسكري كنان إيفرين. وحتى عام 2007 كان الرئيس ينتخب من قبل البرلمان، ولمرة واحدة فقط لمدة سبع سنوات. أما بعد هذا التاريخ فقد أصبح الرئيس ينتخب من قبل الشعب ولمرتين لمدة 5 سنوات في كل مرة. ويجب أن يكون رئيس الجمهورية مواطناً تركياً قد تجاوز الأربعين من عمره، وحصل على شهادة تعليم عالي ونائب في البرلمان.
كان رجب طيب أردوغان أول رئيس ينتخب من قبل الشعب مباشرة، وفاز في الانتخابات التي جرت في العاشرمن آب الحالي وحصل على 51,79% من الأصوات، وأصبح بذلك الرئيس الثاني عشر للبلاد، وسيتسلم منصبه الفعلي في 28 آب في القصر الرئاسي ضمن احتفال يؤدي فيه اليمين الدستوري بحضور العديد من زعماء العالم وكبار المسؤولين وشخصيات هامة، وقد أعلن زعيم أكبر حزب معارض كمال كلتشدار وأوغلو عدم نيته حضور الحفل.
سوابق في رئاسة أردوغان
بفوزه في انتخابات رئاسة الجمهورية، حقّق أردوغان سوابق لم يسبقه إليها أحد في تاريخ تركيا. أولها أنه في الفترة ما بين 10 و28 آب/ أغسطس يشغل منصب رئيس الجمهورية المنتخب ورئيس الوزراء ويتزعم حزبه في المؤتمر العام الذي سيجرى في 27 آب/ أغسطس، وهذه هي المرة الأولى التي يتزعم فيها رئيس الجمهورية المنتخب اجتماع حزبه.
في العادة يستلم الرئيس المنتخب قرار تعيينه رئيساً للجمهورية منذ اليوم الذي ينتخب فيه من قبل رئيس البرلمان في المقرّ الرئاسي. في حين سيستلم أردوغان القرار في البرلمان مع احتفال عسكري، حيث سيقسم على الحيادية.
بعد أداء اليمين الدستوري سيتوجه أردوغان إلى القصر الرئاسي، وللمرة الأولى سيستلم رئيس الوزراء الرئاسة من رئيس الجمهورية الذي تسلم رئاسة الوزراء منه في عام 2002 حين استلم الحزب السلطة، وذلك عند إعادة إجراء الانتخابات في مدينة سييرت شرق البلاد بعد تعديل القانون الذي منع أردوغان بموجبه من العمل السياسي وقتها، حينها تولّى عبد الله غُل رئاسة الوزراء لفترة مؤقتة.
أول تجديد لأردوغان سيكون بعد دخوله القصر الرئاسي، وسيعيّن وزيراً من الحكومة الحالية بمنصب رئيس الوزراء بالوكالة ليشغل مقعد رئاسة الوزراء الفارغ، لاستمرار الحكومة الحالية أثناء حفل اليمين الدستوري حتى تشكيل الحكومة الجديدة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!