أتيلا يايلا - صحيفة يني شفق - ترجمة وتحرير ترك برس
تعيش أوروبا اليوم حالة من القلق والرعب بسبب أزمة المهاجرين، فبينما تسمي أوروبا الأزمة بأنها أزمة لاجئين؛ لا تقصد بهذا ما يعانيه اللاجئ من دراما حتى يصل أوروبا؛ بل تقصد في هذا ما تواجهه هي من مصاعب! ولا نرى أن هنالك حلول مطروحة لحل مشاكل هؤلاء اللاجئين؛ مما يعني بأن أوروبا ستستقبل كل يوم لاجئين جدد سلكوا طرق مختلفة وجاءوا من أماكن مختلفة هربا من الظروف التي كانوا يعيشونها.
يظهر للعيان أن موجة الهجرة الحالية كانت بسبب الحرب الداخلية في سوريا، ويعتقد الغرب والولايات المتحدة الأمريكية بأن الشرق الأوسط لن يستطيع حل مشاكلها؛ ولا حتى أنه سيبذل أدنى جهد من أجل حلها. لكني في المقابل أقول اتركوكم من هذا، فلو كان هؤلاء اللاجئين قبل مئتي سنة من الآن لاستقبلتهم أوروبا، بينما نراها اليوم ترفضهم ونحن نعيش عصر الحضارة والتطور وعصر الاتصال والتواصل!
لقد أخطأ الغرب خطأ كبيرا، فبدل المساعدة في إسقاط القاتل الديكتاتور الدموي بسرعة لتجنب هذه الهجرة، فعل عكس ذلك بتأخير إسقاطه وتمديده إلى أجل غير مسمى، ثم أوقعوا تركيا في هذه المشكلة، فلو تم إسقاط الأسد بسرعة؛ لما حدثت هذه الحرب الداخلية، ولو حدثت فإنها لن تكون بهذا القدر من الدموية واللاإنسانية، ولو أنهم أوجدوا نظامًا آخر يحل مكان هذا النظام؛ لما اضطر ملايين الناس إلى ترك منازلهم وأوطانهم، فغباء وطيش وقصر نظر الغرب ونفاقه أدى إلى خراب سوريا وتضرر دول الجوار وبالذات تركيا، واليوم نرى أن الأزمة تتمدد وتنتقل لتصل إلى أوروبا.
في الحقيقة، على تركيا فتح الطريق للاجئين نحو أوروبا، فلماذا على تركيا تحمل كل هذا العبء؟ تركيا اليوم تستضيف أكثر من 2.5 مليون لاجئ؛ وتصرف عليهم البلايين من الدولارات كواجب إنساني وجزء من خلق الضيافة، ونرى في المقابل أوروبا وهي تتخاذل عن بذل أدنى جهد من أجل تقاسم هذه الأعباء، بل على العكس تماما؛ فنحن اليوم نرى الكثير منهم يريد تحميل تركيا المسؤولية ومن ثم محاسبتها وكأنه رب العمل!
ورغم أن أزمة اللاجئين في تعاظم مستمر؛ نرى أن الغرب لم يستتب في أمره، فبحجة محاربة داعش نراهم وهم يدعمون حزب العمال الكردستاني، ثم نراهم كذلك وهم يتصرفون بعنصرية دينية، كما ويريدون استخدام تركيا كمقاول يخوض الحرب على داعش عنهم، ويشنون حملات التشويه المنظم على حزب العدالة والتنمية وأردوغان، ويريدون إهمال تركيا وتحطيمها عبر خططهم المجهّزة لسوريا، في المقابل أحب أن أذكرهم بأنهم لو حوّلوا تركيا إلى النموذج السوري؛ فإن تركيا قادرة على احتلال أوروبا، فكما كتبت في مقال سابق بأن تركيا لو تفعل ما تفعله سوريا اليوم من خروج الأتراك كلاجئين بأعداد تقدر مثلا ب30 مليون تركي إلى أوروبا، فان بعض المناطق ستُحتل من قبل الأتراك بلا أدنى شك، بل إن الطوفان التركي لو حصل سيكون أسرع وأسهل في اجتياحه لأوروبا.
على الغرب وأوروبا ترك النفاق وقصر النظر والتمسك ببقية عدل وتوازن، فعليهم أن يعلموا ويعقلوا بأن افعالهم التخريبية وخطواتهم الهدّامة ستكون بفاتورة ثقيلة تحمل الضيف التركي الثقيل إلى أعتابهم.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مواضيع أخرى للكاتب
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس