كنان الباي - صحيفة يني عقد - ترجمة وتحرير ترك برس
لم يجد مشروع القرار الذي رُفع في البرلمان الروسي من أجل طلب التدخل في سوريا أي أصوات معارضة، ولم تقتصر تذكرة التدخل الروسي على الدعم الجوي؛ بل شملت أيضا التدخل البري والبحري، ثم كان بعد ذلك دور بوتين بحمله للراية الدولية في محاربة الإرهاب بإشراك كل من إيران وحزب الله من أجل عيون بشار الأسد والنظام السوري، وما إن خرج إذن التدخل الروسي حتى ضربت الطائرات الروسية حمص بالقنابل والمتفجرات.
لقد فتح تدخل وريث الاتحاد السوفييتي في سوريا ومحاولته تثبيت سيطرته ملفات الاحتلال الروسي في أفغانستان وحتى الشيشان ومن جورجيا إلى أوكرانيا، وكما يعلم الجميع فإن روسيا كانت قد حضّرت جيدا لدورها في سوريا، وفي الحديث عن الاحتلال الروسي نجد أنه لا يختلف قيد أنملة عن غريمه الأمريكي؛ فمن الدمار والخراب إلى الجرائم الإنسانية، هي كلها بضاعة محتومة في أي تدخل لهذه القوى.
في الوقت الذي كان توجه كل من الرئيس أردوغان ورئيس الوزراء داود أوغلو نحو الحلول الدبلوماسية في حل الأزمة السورية نجد أن بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية رفضت كل تلك الحلول الدبلوماسية وتعلقت بعقليتها الغربية التي تحركها محاولة هزيمة تركيا وتدميرها، وشاركوا في آرائهم هذه نظام البعث وإيران وحزب الله وروسيا الذين بنوا استراتيجيتهم دون الالتفات إلى القتلى والثكلى والدمار والخراب ولا حتى إلى تلك القلوب الهلعة التي تهاجر خوفًا على أروحها. وفي الوقت الذي قد يبدو للعيان كره كل من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا لنظام الأسد، نجد أنهم مستفيدون من حالة عدم الاستقرار ويريدون دوامها. ثم أعلن نظام الأسد بعد ذلك نفسه محاربا للكتائب الإسلامية؛ ليُسكت بهذا الأصوات الرافضة لتدخل إيران وحزب الله وروسيا، وزاد الأمر حدة عندما بتنا نرى الرضى العام على التدخل العسكري لروسيا وفتحها لكل الجبهات في سوريا.
ما هو الحل الذي يريده الدب الروسي لسوريا؟ ومن الذين سيدافعون أو يتخاذلون عن الأزمة السورية؟ فالمسألة لا تقتصر فقط في تفسير الأمور بما تريده سياسة أوباما، ولا تقتصر أيضا على المحاولات المحمومة في تصفية تركيا عبر الأزمة السورية. إن رؤية بوتين وروسيا للحل في سوريا تُقصي أوباما والولايات المتحدة الأمريكية، كما تُلغي أيضا بقايا ارتباط بريطانيا بالأزمة، وتسعى إلى إضعاف تركيا لتقوية إيران في المنطقة ولتعميق خططها الاستيطانية، ثم تسليم سوريا للأسد أو من يشبهه بعد قتل بضعة آلاف آخرين. لكن الشعب السوريا لن يقبل بهذا؛ وسيعمل على رفضه ومحاربته حتى التخلص منه.
هل ستكون سوريا الوحيدة التي ستدفع هذه الفاتورة؟ يجب أن نُدرِك خطط الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وحزب العمال الكردستاني وروسيا وإيران ونظام الأسد في تحضير سوريا الجديدة ستكون عبر تحطيم المقاومة الشعبية، فلماذا ستسلّم حركات المقاومة الشعبية الإسلامية لهذا المصير؟ بالتأكيد سيكون هنالك ثمن باهظ يدفعه من يحاول تركيع شعب عظيم يزيد عن عشرين مليونا. ولن نستغرب أو نُدهش إذا رأينا التوابيت تعود زُرافات إلى روسيا مثل ما عادت من قبل إلى لبنان وإيران، فالأزمة ليست نفسيّة تُحل في وسائل إعلام دوغان، ولا هي أفغانستان لتستطيع روسيا احتلالها، ولا تشبه احتلال القوقاز والشيشان بشيء. كما وفي الوقت الذي تهدد المخابرات بمصير شيشاني؛ نعلم أن المنطقة لن تسير فقط بجواز سفر إيراني وروسي؛ بل هناك يد خامسة لها تأثير كبير في صياغة الحدث.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس