كنان الباي – صحيفة يني عقد – ترجمة وتحرير ترك برس
مع اختلاط القيم اليسارية الاشتراكية والليبرالية الغربية في المنظومة العالمية واستمرارها على هذا المنوال، كان من الغريب أن تسمع أمريكا وأوروبا والأمم المتحدة كل تلك الانتقادات التي وجهها لهم رئيس الجمهورية التركية رجب طيب أردوغان، فمصداقيتهم التي كانوا يتشدقون بها لما كانت انتقاداتهم مقتصرة على أطراف مثل الطاغية القذافي والتحفة فيدل كاسترو أصبحت اليوم في مكان الشك والمساءلة مع الخطاب الأخير للقائد المسلم أردوغان. بالطبع لم يكن خطاب الرئيس أردوغان غريبا عن أسماعنا، فهو خطاب واقعي عقلاني من رئيس لدولة محاطة بأزمات من كل الجهات كالأزمة السورية والعراقية والأوكرانية، وما زاد خطابه عمقا ومصداقية هو محاولة الانقلاب الأخيرة وعلاقته بأمريكا وأوروبا والأمم المتحدة والناتو.
إذا كنا بشر، فماذا تكونون؟
كلمات الرئيس أردوغان في خطابه كانت كلها منطقية تخاطب العقل وتلامس أكثر المناطق حساسية، ففي رده على بربرية الأسد التي سمحت بها أمريكا وروسيا قال "نحن لم نغلق أبوابنا لأننا بشر نحمل القيم الإنسانية، فالسوريون جيراننا وأقرباؤنا"، ثم أعقب كلامه هذا ووضع النقاط على الحروف عندما أكد بأن حل الأزمة السورية يكون بمنظور "سوريا للسوريين". وفي رده على سؤال وكالة رويترز: لماذا لا زلنا نرى بعض الدول تدعم الأسد؟ فأجاب بأنه "لا مكان للأسد في المرحلة الانتقالية"، ثم أتبع ذلك وقال بأن تركيا ستستمر في تنفيذ "المنطقة الآمنة" وستستمر في عملية درع الفرات ضد داعش ووحدات حماية الشعب الكردي. على الأرض وتوازيا مع كل ما سبق خرجت حركة أحرار الشام كُبرى حركات المعارضة بفتوى تدعم عملية درع الفرات وتضرب كل معارضيها من داعش وحتى حزب العمال الكردستاني ومن روسيا وحتى الولايات المتحدة الأمريكية.
خيار الدبلوماسية المسلحة
تحاول أمريكا تعقيد الأمور في المشهد السوري بإصرارها الدائم والمستمر في دعم حزب العمال الكردستاني الفرع السوري، وتحاول تغطية هذا الأمر بتوصيتها المستمرة لمتحدث حزب الاتحاد الديمقراطي صالح مسلم أن ينفي في كل منصة ومن على كل منبر أي نوايا انفصالية له ولحزبه، لكن هذه النوايا سرعان ما تنكشف ويبان زيفها مع تواتر الأحداث، وما الأعلام الأمريكية في تل أبيض عنا ببعيد. في الجزء الآخر من الصورة تقوم أمريكا ولأول مرة بضرب تجمعات لقوات الأسد في دير الزر، ثم ترد روسيا على ذلك بضربها المستمر للمستشفيات والمرافق المدنية!
لماذا سوريا ليست للسوريين؟ وكيف نستطيع جعلها للسوريين؟ هذه الأسئلة وما يشببها تُطرح كل يوم مع التوغل المستمر للاحتلال الرأسمالي في سوريا، لكن مع انتفاضة الديمقراطية وانطلاق المارد التركي بإرادة الخامس عشر من تموز في عمليات درع الفرات عادت الإرادة السورية لتظهر على السطح من جديد، وذلك لأن قدر تركيا كان وما زال من قدر سوريا والعراق، ومن الواجب عليها أن تستمر بروح ثورتها المشتعلة حتى تفسد خطط المتآمرين في الحلف الشرقي الذي يضم إيران وروسيا والحلف الغربي الذي يضم أوروبا وأمريكا.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس