
جلال سلمي - خاص ترك برس
تُعد فترة ماقبل الانتخابات ميدان المبارزة السياسية الأكبر، وذلك لأن جميع الأحزاب السياسية في هذه الفترة تحاول الوصول إلى قلب وحس ومنطق الناخب للحصول على صوته وتعاطفه معها، وقضية الوصول إلى قلب الناخب ومنطقه ليست بالقضية السهلة بل تحتاج إلى العديد من الإجراءات الإعلامية الفنية التأثيرية وبعضًا من الوعود السياسية المستقبلية القريبة للواقع وبعضًا من الكلمات أو الشعارات التي تُحرك وجدان أو قلب أو عقل الناخب وغيرها الكثير من الأساليب التي يعمد المستشارون السياسيون في الأحزاب السياسية حول العالم إلى استخدامها من أجل الوصول إلى الناخب بلغة تأثيرية.
وتركيا أيضًا، كما هو معلوم، ترتقب ومواطنيها إجراء انتخابات برلمانية مُبكرة بتاريخ 1 تشرين الثاني/ نوفمبر 2015، وبما أن هذه الانتخابات مُبكرة فهذا يعني بأنه كان قبل ذلك انتخابات برلمانية جرت في الأفق القريب ولكن لم يستطع أي حزب الحصول على نسبة تؤهله لتأسيس حزب بمفرده الأمر الذي جعل حزب الأغلبية يحاول التوافق مع أحزاب أخرى ولكن لم يُكتب لمشاورات التوافق النجاح، ومن أجل ذلك يسعى حزب الأغلبية إعلاء نسبته الانتخابية ليحصل على نصيبه من تأسيس الحكومة بمفرده وتسعى الأحزاب البرلمانية المعارضة الحصول على نسبة عالية تجعل معارضتها وتأثيرها على سير العملية السياسية أكبر حجمًا وبالتالي تحجيم وحد عنصر استفراد حزب الأغلبية بالحكم، وهذا ما يجعل الميدان حادًا جدًا في ظل التنافس الشديد بين الأحزاب البرلمانية الفاعلة في الميدان.
وبما أن تركيا على أبواب الانتخابات المُرتقبة بعد عدة أيام لا بد من إلقاء نظرة على الدعاية الانتخابية للأحزاب السياسية التركية. يُلخص الخبير الإعلامي مُحرم صاري كايا الحملات والشعارات الانتخابية للأحزاب السياسية الفاعلة في تركيا من خلال مقال سياسي تقييمي لهبعنوان "بعد 42 عام النقطة التي وصلت إليه الدعاية السياسية التركية" نُشرت بتاريخ 25 تشرين الأول/ أكتوبر 2015.
ويقيم صاري كايا الدعاية الانتخابية للأحزاب السياسية بالشكل التالي:
ـ حزب العدالة والتنمية:
أكثر الأحزاب التي بحاجة إلى حملة انتخابية قوية ومُدوية تصل جميع قلوب وعقول الناخبين من أجل استرجاع أغلبيته التي خسرها في الانتخابات السابقة، من ناحية إعلامية يبدو بأن حزب العدالة والتنمية والأحزاب الأخرى أصبحوا على قناعة تامة بأن الدعايات المرئية لها تأثير أقوى من الدعايات السمعية والتحريرية، خاصة بعد تجربة حزب الشعب الجمهوري في الانتخابات السابقة، حيث أظهر الأخير مجموعة من الفيديوهات المرئية التي تُخاطب المواطن ووضعه الاقتصادي وعقله الباطن بشكل مباشر وكانت هذه الفيديوهات مُكثقة ومنوعة الأمر الذي زاد من أصوات الشعب الجمهوري.
حزب العدالة والتنمية انتبه لهذا الخطأ لذا أصبح أكثر استعدادًا من الانتخابات السابقة. يطرح حزب العدالة والتنمية شعار "بمفرده على رأس العمل" ليؤكد للناخب بأن الاستقرار والتقدم والتنمية والنمو وغيرها الكثير من العناصر لا يمكن لها أن تتم في تركيا بشكل خاص إلا من خلال حكم حزب الأغلبية بمفرده، أما الشعار الثاني فهو "بعشق اليوم الأول هيا بسم الله"، ولكن بعد حظر هذا الشعار من قبل الهيئة العليا للانتخابات أصبح شعاره "بعشق اليوم الأول كلنا معًا"، أراد حزب العدالة والتنمية من الشعار الأول مخاطبة المواطنين وقلوبهم بروح عثمانية إذ كان الجيش العثماني يفتح البلاد بكلمة "هيا بسم الله"، ولكن لم يوفق بذلك فرجع إلى شعار "بعشق اليوم الأول كلنا معًا" ليؤكد جانبه الاحتضاني وجانبه التطويري الذي أنطلق وتأسس من أجله ليمحو ما يُقال بأنه "استقطاب" نتج عن بعض "الأخطاء الخطابية لزعيمه الأسبق" حسب مراقبين.
أما من ناحية مرئية وسمعية فهو يخاطب بأغنيته الانتخابية من خلال عدد كبير من قنواته التلفازية ومن خلال الحافلات التي يسيرها في الشوارع وبكثافة ونشاط يفوقنا كثافة ونشاط الحملة السابقة التي تميزت ببعض الخمول.
وما يميز حزب العدالة والتنمية في هذه الحملة أيضًا هو رجوعه لأسلوب اللقاء وجهًا لوجه من أجل مخاطبة الناخب بشكل مباشر والاستماع لمشاكله ومطالب بشكل مباشر وهذا أيضا ً له تأثير جيد، بشكل عام يمكن تقييم الحملة الانتخابية لحزب العدالة والتنمية الحالية مقارنة بالسابقة بأنها إيجابية أكثر.
ـ حزب الشعب الجمهوري:
يطرح حزب الشعب الجمهوري شعارات: "حزب الشعب الجمهوري يستطيع حل المشكلات"، و"نحن موجودون وسنعمل"، شعارات تفيد بالحماسة والاستعداد فلهما تأثير جيد، وأما من ناحية مرئية فتحويل هذه الشعارات إلى أفلام تحتوي على جميع أطياف وفئات المجتمع فهذا أيضًا يعني الشمولية والاحتضان والاهتمام بكافة الفئات، استعانة حزب الشعب الجمهوري ببعض الشركات الأجنبية مكنته من الاستفادة من خبرات عدة لها تأثير فعال على الناخب خاصة تلك التي تُخاطب الجانب الاقتصادي للناخب.
ـ حزب الحركة القومية:
حزب الحركة القومية من أكثر الأحزاب الخاملة في تركيا، حزب الحركة القومية شعارته تضرب حزب العدالة والتنمية وتحاول كسب قلب المواطن وصوته من خلال ذلك، لكن ينسى المستشارون الإعلاميون لدى حزب الحركة القومية أن هناك سخط كبير على زعيم الحزب دولت باهتشالي جراء نزاعه مع ابن مؤسس الحزب الذي قبل الانضمام لحكومة حزب العدالة والتنمية بعد رفضه لأي عرض من قبل حزب العدالة والتنمية، كان الأفضل لحزب الحركة القومية تجنب هذا الشرخ لا توسيعه.
وكما شعاره "أنت حرة تركيا" الذي يفيد العتاب والتنبيه بالندم المستقبلي يجعل الكثيرين من الناخبين يشعرون بالانزعاج لأن ذلك شعار تفريقي يُميز حزب الحركة القومية كأنه الوحيد في الساحة الذي يتحلى بالصواب وغيره في غيابات الجُب غائص لا يعلم ما يدور حوله، كان يمكن له استقطاب الناخب بشعار أكثر جاذبية وليس بشعار ترهيبي يعمل على التنفير.
أما من ناحية إعلامية فهي عبارة عن شعارات بصوت عالٍ تصيب الناخب ببعض البلودة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!