كمال أوزتورك – يني شفق - ترجمة وتحرير ترك برس

تبقى خمسة أيام على الانتخابات، ها هي الترتيبات الأخيرة وها هي المرحلة الأخيرة في هذا السباق. أصعب المراحل في الماراثون هي المرحلة الأخيرة؛ ففي تسارع آني يسبق أحدهم المنافسين ويقطع الخيط بصدرة أو يحافظ على مكانه في المقدمة، فهل هذا ينطبق على عالم السياسة؟ موضوع يستحق النقاش.

قبل أن أكتب مقالي هذا طالعت وصدقت التحليلات بعد أن تحدثت مع أصحاب شركات استطلاع آراء موثوقة على مستوى تركيا، شرحوا المرحلة الأخيرة، وكانت تحليلاتهم وتعبيراتهم متشابهة!

لا شك أننا جميعا نراقب أصوات حزب العدالة والتنمية لأنه الوحيد على الساحة الانتخابية الذي يملك الفرصة للانفراد بالسلطة وكل مسألة الانتخابات تتعقد عند هذه النقطة بالتحديد هل سيستطيع حزب العدالة والتنمية الانفراد بالسلطة أم لا.

حياة على حد السكين

حزب العدالة والتنمية كان قد صرح مرارا أنه "يعيش على حد السكين" وأحد رؤساء شركات الاستفتاء الذين التقيتهم استخدم نفس التعبير "حد السكين"؛ فحزب العدالة والتنمية من 7 حزيران/ يونيو وهو يترنح على حد السكين حتى أنه يمكننا القول إن فقدان الانفرادية في السلطة بفارق 18 نائب ليس وقوفًا على جرف الهاوية وإنما حياة على نصل السكين الحاد؛ فهذه الواقعة جرحت وسببت الألم وتركت آثارا في حياة الكثير من الناس. وحتى الآن ما زال حزب العدالة والتنمية يسير على حد السكين فإما سيحصل على السلطة بفارق طفيف أو سيفقدها بفارق طفيف كذلك ولهذا فإن المرحلة الأخيرة جدُ مهمة فهي مرحلة الجري على نصل السكين كونها انتخابات وسط جلبة من الإرهاب، والهجمات، والحرب، والقتلى من المدنيين والشهداء من العساكر. الجميع قد تعب وقد عانى ما يكفي من المشاكل حتى أنه وفي الآونة الأخيرة ليس حزب العدالة فقط وإنما الشعب كله يعيش على حد السكين.

انتخابات الارواح المتعبة

في الأزقة والأسواق وفي المواصلات العامة نجد الشعب بكافة أطيافه وألوانه يتحدث عن الانتخابات، ونلمس الحزن والتعب وعدم الاستقرار وانعدام الراحة في أصواتهم المرهقة. قد يكون قول ذلك سهلا على اللسان، ولكن في الحقيقة إن أربع انتخابات في عام واحد لهو أمر غاية في الصعوبة. فالانتخابات ولكونها وسط جو من التوتر والنقاشات وفترة خصبة انتشار الشائعات وبيئة لنشاط الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، كل هذه الأمور تخرج المواطن عن طور عقله. فالهجمات الإرهابية التي حصلت بعد 7 حزيران والقنابل التي تفجرت بأجساد الشهداء والأرواح التي فقدناها أتعبت المواطن وأرهقته؛ جميعنا تعب وتأثرت نفسيته بما يجري ولهذا السبب ترانا نهتم بهذا القدر في نتائج الانتخابات، لكن مع الأسف إن هذه الارواح المتعبة والعقول الضجرة والأجساد المرهقة تستصعب الذهاب لصندوق الاقتراع!

فنتائج الاستفتاءات تظهر أن انخفاضًا شديدًا سيحصل في أعداد المقترعين ولن تكون حجة "إنها فترة عطلة، المواطنون ذهبوا لقضاء العطلة" مقبولة هذه المرة، ومن الأنسب القول إن هذا الانخفاض نتيجة الإرهاق من المكوث تحت ضغط الإرهاب، ومن أن هذه الانتخابات هي الرابعة في هذا العام.

الذهاب للاقتراع هو تحدي للإرهاب

صحيح أن الشعب مرهق وغير راغب في انتخابات جديدة، ولكن لا بد من أمر أخير يقوم به شعبنا البطل.

إن محاولة إبعاد الشعب عن صندوق الاقتراع وإرهاق المواطنين بالإرهاب والإعلام والاتصالات، وإضعاف الدولة هو ما يرغب فيه أصحاب النية السوداء الذين يعدون أمرهم للعبث بتركيا؛ وإن عدم ذهابنا للاقتراع ليس بالسمعة الجيدة لديمقراطية دولتنا وسيزيد من يأسنا ويضعف إيماننا بصندوق الاقتراع. ولهذا السبب وفي هذه المرحلة الأخيرة بالذات فإن الخطابات التي تحفز المواطنين للذهاب للاقتراع وتعمل على إيجاد آليات عمل لحماية مصداقية صندوق الاقتراع أهم بكثير من إلقاء التهم جزافا على جميع الأحزاب. فيجب أن لا ننسى أن ارتفاع نسبة المشاركة في الانتخابات القادمة لهو تحدٍ ورسالة قوية توجه للإرهاب وللحاقدين على الوطن.

ملاحظة: أي الأحزاب أكر تضررًا من انفجارات انقرة

برأيي أن نحول أرواح مواطنيينا الذين  قضوا في الاعتداء الارهابي لمكاسب سياسة أمر محزن ومزعج جدًا ، فحياة أكثر من مئة شخص قضوا نحبهم في انفجارات أنقرة ليست مادة سياسية أبدا ولا يجب أن تكون  كذلك، وحتى محاولة جعله كذلك لا تنم إلا عن قلة احترام تجاه القتلى وعائلاتهم الثكلى.

على أي حال، أقوال السيد "بهتشلي" زعيم حزب الحركة القومية "انفجرت القنابل، فإذا استفاد حزب العدالة والتنمية منها سيكون واضحًا للعيان من المسؤول" تشبع إلى حد كبير وغريب أقوال رئيس حزب الشعوب الديموقراطي. في هذا الموضوع خصوصا سألت رؤساء شركات الاستفتاء الذين التقيتهم وكانت أجوبتهم التي بنوها على استفتاءات حصلت ما بعد الانفجارات  تفيد بأن من الواضح أن هذه الانفجارات ليس بصالح حزب العدالة والتنمية البتة".

من جديد استمرار النقاش في هذا الموضوع ما هو إلا قلة ذوق باتجاه الأموات. ومحاولة ربط الإرهاب بالسياسة أمر خطير جدا.

عن الكاتب

كمال أوزتورك

إعلامي صحفي تركي - مخرج إخباري وكاتب - مخرج أفلام وثائقية - مدير عام وكالة الأناضول للأنباء سابقًا


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس