جلال سلمي - خاص ترك برس

أوردت الكثير من وسائل الإعلام التركية بأن وزارة التربية والتعليم التركية قررت بتاريخ 23 تشرين الأول/ أكتوبر 2016 جعل من اللغة العربية درس اختياري لطلاب المرحلة الابتدائية في تركيا اعتبارًا من العام الدراسي القادم 2016 ـ 2017.

وأشارت المديرية العامة لتعليم الدين التابعة لوزارة التعليم التركية بأن الهدف من تعليم اللغة العربية بشكل اختياري لتركيا هو "تعليم الطلاب الراغبين لجعلهم أكثر قدرة ً على فهم دينهم وأحكامه"، وكما أوضحت المديرية العامة بأن "اللغة العربية التي يتم النطق بها كلغة أساسية من قبل 350 مليون شخص في 22 دولة هي إحدى اللغات الستة الرسمية المُعترف بهم من قبل الأمم المتحدة، وكما أن الأهمية الجيوسياسية والاستراتيجية للغة العربية تجعل الكثير من الأتراك مُجبارين على تعلمها لأسباب اقتصادية وسياسية وسياحية وتجارية وأدبية".

وبعد إدخال وزارة التعليم التركية للغة العربية كلغة أجنبية اختيارية للمناهج التعليمية بدأت الكثير من الأصوات، خاصة القومية والعلمانية والمُستغربة، المعارضة بالارتفاع والتعالي وافتعال المعمعة المُنتفضة والضجيج الإعلامي المُعارض بشدة لهذا الحدث بحجة أن اللغة العربية ليس من اللغات المهمة عالميًا وبأنها لغة تعارض مبادئ العلمانية التي على أساسها تم تأسيس الجمهورية التركية، وذلك بسبب ارتباطها بالقرأن الكريم، وبأن متحدثيها الأثرياء، خاصة في منطقة الخليج، لم يستطيعوا جعلها لغة حضارية مرتبطة بالأبحاث والدراسات والاختراعات والفنون لذا إن كان أهلها لا يعلون من مستواها لماذا تتم إضافتها للمناهج التعليمية في تركيا؟.

ويُعلق الكاتب السياسي مراد بارداكجي على هذه التعليقات الهجومية الصادرة عن العلمانيين والقوميين من خلال مقال تقييمي خاص باللغة العربية تحت اسم "اللغة العربية" نُشر بتاريخ 28 تشرين الأول/ أكتوبر 2015، ويشرع بارداكجي في مقاله بالقول "قبل سنوات قليلة تعالت الأصوات المُعترضة على وضع اللغة العثمانية، اللغة الأصلية للغة التركية والتي تحتوي على الميراث العثماني التركي الأصيل، كإحدى اللغات الاختيارية التعليمية ولكن هذه الأصوات اندثرت ولم يبقى لها صدى ولكن عادت نفس الأصوات بالارتفاع ولكن بصدى مختلفة عن الصدى السابق وصدى هذه الأصوات الحالي مُتعلق بالاعتراض على اللغة العربية".

ويشير باردكجي إلى أنه "قبل اللغة العربية كانت توجد تسع لغات أجنبية اختيارية مُضافة للمنهج التعليمي في تركيا، هذه اللغات هي كالتالي؛ اللغة الإنجليزية، اللغة الفرنسية، اللغة الألمانية، اللغة الإيطالية، اللغة الصينية، اللغة الإسبانية، اللغة اليابانية، اللغة الروسية، اللغة العثمانية وفي التاريخ القريب تمت إضافة اللغة العربية لهم، لم نسمع أي اعتراض على اللغات الأجنبية المذكورة قبل اللغة العثمانية ولكن ما إن تم إضافة اللغة العثمانية واللغة العربية تعالت الأصوات المعترضة الرافضة لهاتين اللغتين باعتبارهما لغتين مضادتين للمبادئ العلمانية الخاصة بالجمهورية التركية".

ويتساءل بارداكجي عن سبب الاعتراض الغريب وغير المُقنع الذي وجهته الفئات العلمانية لدرس اللغة العربية، ويوضح بارداكجي بأن "هذه الدروس ستحتوي على أسماء الحيوانات والفصول السنوية والتعارف والأعداد والرياضة والملابس والهوايات وغيرها من المواضيع البسيطية، أشعر باستغراب شديد بأنه كيف تم ربط العلاقة بين العلمانية والدين من خلال هذه المواضيع البسيطة؟ هذه الفئة العلمانية أوضحت بأن اللغة العربية هي لغة الإسلام والقرآن وهذا يعني بأن اللغة العربية فقط هي لغة دين لذا لا نريدها لأنها تمثل خطرًا كبيرًا على مبادئ العلمانية الخاصة بالجمهورية التركية!!".

ويرد بارداكجي على هذه الادعاءات بالقول بأن "هناك ظاهرة جد خطيرة تُحيط بهذه الفئة وهي ظاهرة "العداء للشيء الذي لا تعرفه"، أقول لهؤلاء إن تركيا دولة ذات أسس قوية جدًا ولم تهتز هذه الأسس منذ تأسيس تركيا وحتى الآن على الرغم من حجم المخاطر الداخلية والخارجية الجسيمة التي أصابتها، وهذا يعني بأن درسًا اختياريًا للغة العربية مدته ساعتان أو أربع ساعات في الأسبوع لن يهدم الأسس المتينة لتركيا كما يدعي بعض "المساكين"، وأتمنى بأن تتم إضافة اللغة الأرمنية والفارسية والجورجية لهذه اللغات الأجنبية، لأن هذه اللغات خاصة بالدول المجاورة لنا ونحتاجها بشدة لتقوية علاقتنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتجارية مع هذه الدول دون الحاجة إلى مترجم بيننا، لا سيما في ظل أن هذا المترجم يكون في العادة ليس تركيًا بل من جنسية الدول اللغات المذكورة أعلاه والتي تسعى إلى جعل مواطنيها يتعلمون اللغة التركية وبشكل جاد لتقوية العلاقات، بينما بعضنا ممّن فهم القومية والعلمانية بشكل خاطئ يعترض على تعليم هذه اللغات في مدارسنا الابتدائية، أمرٌ جد محزن".

وفي نهاية المقال يستشهد بارداكجي بالمثل العربي القائل "من جهل شيئًا عاداه" في إطار دفاعه عن أن اللغة العربية إضافة إلا أنها لغة دين فهي أيضًا في المرتبة السادسة بين لغات الأمم المتحدة، وتأتي في الترتيب الرابع بين اللغات الأكثر استخدامًا حول العالم، وليست محصورة بالدين كما يدعي العلمانيون والقوميون في تركيا.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!