محمود أوفور - صحيفة صباح - ترجمة وتحرير ترك برس
من الممكن أن نقيم انتخابات الأول من تشرين الثاني/ نوفمبر على عدة وجوه ولكن في البداية لا بد أن نعطي هذا الشعب حقه ’حيث تحلى بضبط النفس وكتب التاريخ بيديه، حيث قام بتلقين كل شركات استطلاع الرأي وكل السياسيين وكل مهندسي السياسة درسا لن ينسوه أبدا، والأمر ليس جديدا على هذا الشعب فقد قام بنفس الشيء في انتخابات 1950، فعند المراحل الحاسمة في تاريخ السياسة التركية يقول الشعب كلمته ويقلب الطاولة على الانقلابيين وعلى كل أصحاب حملات التشويه لتغيير مزاج المواطن والتأثير على الرأي العام.
والذي حصل في الأول من نوفمبر لا يختلف كثيرا عما حصل في الماضي، فالشعب لم يسلم لكل محاولات مهندسي السياسة لتغير الواقع التركي تارة عبر أحداث حديقة غيزي وتارة عبر التنظيم الموازي داخل الدولة وتارة عبر إحداث الفوضى عبر عمليات تنظيم بي كي كي وداعش وغيرها من العمليات التي نفذتها بعض التنظيمات اليسارية المتطرفة، أو حتى عبر الحملة الإعلامية الشرسة التي هدفت إلى تغيير الرأي العام التركي لصالح بعض مراكز القوى.
وفي اعتقادي إن هذه النتيجة لم تأتي بمحض الصدفة، بل إن الهجمة التي وجهت لشخص رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان قبيل الانتخابات أدت إلى ردة فعل عكسية جعلت قسم كبير من الشعب يتوجه إلى الصناديق للتصويت للعدالة والتنمية وهذا يعني أن الشعب كان على وعي تام لحجم المؤامرة. كما ينبغي أن نضيف أن رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو قرأ نتائج الإنتخابات في السابع من حزيران الماضي بشكل جيد، حول فيها انتخابات الأول من نوفمبر إلى ثورة للإرادة الشعبية. وفي ذات السياق تشير الانتخابات إلى تراجع أصوات الاحزاب القومية الكردية والتركية على حد سواء لصالح العدالة والتنمية وهذا يمنح العدالة والتنمية فرصة لأن يكون الحزب الوحيد الذي يمثل كل أطياف الشعب التركي.
في نظري فإن مشكلة تركيا ليست في الحزب الحاكم بل مشكلتها في وجود معارضة لا تستخلص الدروس من أي تجربة انتخابية، حتى حزب الشعوب الديمقراطي الذي استطاع دخول معترك الحياة السياسة لم ينجح هو الآخر في استخلاص الدروس والعبر من تجارب أحزاب المعارضة الأخرى.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس