محمود أوفور - صحيفة صباح - ترجمة وتحرير ترك برس
منذ تأسيس الجمهورية التركية و هناك تصوران للدولة، التصور الأول هو الذي يمثله العسكر والبيرقراطيين والنخبة، وهذا التصور يريد ان يفرض قيمه على المجتمع .
والتصور الثاني هو الذي تمثله الجهات التي تسعى على المحافظة على التقاليد والقيم الاصيلة للمجتمع التركي .
و في عبارة اخرى يمكن ان نقول ان تركيا الأولى هي التي يمثلها "الاتراك البيض" و تركيا الثانية هي التي يمثلها المتدينون , ففي السابق كان مدار الخلاف في المجتمع بين الطبقة الغنية و الطبقة الفقيرة بين اليمين و اليسار , اما بعد حقبة التسعينيات من القرن الماضي فقد تحول مدار الخلاف في المجتمع التركي بين العلمانية و المناهض للعلمانية ,وهذا يفسر حالة الاستقطاب في البلاد .
اما بعد وصول حزب العدالة و التنمية الى الحكم في 2003 فإن هذا التصور و الخلاف المجتمعي تغير الى تركيا الحديثة و تركيا القديمة، وهذا ما يفسر الهجوم الحاد من قبل بعض الجهات التي تمثل تركيا القديمة لمفهوم "تركيا الحديثة" بعد عشر سنوات على انطلاق مسيرة العدالة و التنمية, ولهذا نلاحظ ان المستفيدن من النظام القديم لتركيا من اعلاميين و وسائل اعلام و رجال اعمال و مثقفيين و احزاب سياسية يشنون حملات تشويه بحق كل ما يمثل "تركيا الحديثة"، حيث يعملون على تصوير ان تركيا الحديثة عبارة عن عالم من الخيال، وان الديمقراطية غير مطبقة وان الحقوق غير مطبق وان تركيا في هذا الواقع ذاهبة نحو المجهول، في محاولة لتغير الأنطباع لدى الناس بهدف الاطاحة بالعدالة والتنمية وإعادة الوصاية القديمة على البلاد من قبل النخبة التي تمثل تركيا القديمة.
في الحقيقة فإنه على الرغم من كل حملات التشويه و الضغوط الداخلية والخارجية على النظام الذي يمثله حزب العدالة و التنمية, فان تركيا الحديثة بما تمثله من توجه سياسي قد نجحت في الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي, بل ما زال النظام الذي يمثل تركيا الجديدة مستمر في انتاج المشاريع التي تمثل الوجه الجديد لتركيا .
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس