ولاء خضير - ترك برس
تطيل التأمل بهذه العبارة، لتقول لنفسك مبالغة، وبأنها لم تصل لهذا الحد، لكن كُن على يقين عزيزي القارئ، إن لم تسمعها اليوم، ستكون حقيقة ماثلة أمام ناظريك بالمستقبل القريب، وإن رأيته بعيدا، نراه أقرب من أي شيء أخر، ليس لأن تركيا تحقق بوقت قياسي ما تحتاج له دول أخرى سنين وسنين، بل لأن مقوماتها تنطق بأن تركيا تستحق اللقب بلا منازع.
وبتسارع العالم تكنولوجيًا، وبتسارع الدماء المحتقِنة، بات القليل من الإنسانية هو آخر رمق حياة لشعوب تعيش بيننا، لم تعد التكنولوجيا والاختراعات هي المعيار الأساسي في تقييم الدول.
ففي ظل ما يحوم بالعالم من تخبط ودماء واعتداءات وعدم استقرار، باتت الإنسانية، وتقبل الطرف الآخر، هو المعيار الأمثل لتثبت نفسك، وتركيا أثبتت بقيادتها، وحكومتها، وشعبها أنها الأولى بهذا الميدان!.
ليس بالغريب على رئيس جمهورية تركيا رجب طيب أردوغان، هدوئه واتزانه وسماحته حتى في أحلك الظروف، عندما وصفه أحد الصحفيين بأنه “ديكتاتور” فكان رد الرئيس: "أعتقد أنه لا يمكنكم طرح مثل هذا السؤال في بلاد يحكمها ديكتاتور.. لا يمكنكم رؤية إهانات وألفاظ تحقير توجه لرئيس وزراء، ورئيس جمهورية، وأسرتيهما في بلد يحكمه ديكتاتور".
تركيا الدولة الوليدة، التي استنزفتها الحرب لعقود طويلة، خرجت منها بكل قوة، فكانت حضارتها وثقافتها وإنسانيتها ماثلة، رغم كل محاولات طمسها، ولا تنسى من دعمها، بقول أردوغان: "تاريخ 19 أيار/ مايو 1919 بداية حرب الاستقلال التي اختلطت فيها دماء أجدادنا بدماء السوريين والفلسطينيين والعراقيين والبوسنيين، لم نكن حينها وحدنا كما يقول البعض، فإنَّ إخوتنا المسلمين كانوا معنا، فلن ننسى عندما احتُلّت "أرضروم" و"إزمير" و"إسطنبول" بكاء إخوتنا في العالم الإسلامي، ولن ننسى المساعدات التي قدمها إخوتنا من أفغانستان وباكستان والهند وبنغلادش من أجل دعم كفاحنا في حرب الاستقلال".
تركيا التي تجتمع بها عشرات القوميات، وما يزيد عن ذلك، أثبتت عبر تاريخ طويل أنها الحاضنة الأكبر للاختلافات في العالم أجمع، وأن لكل قومية على أرضها الحق في الحفاظ على معتقداتها وشعاراتها ومبادئها، اصدح بما شئت، وافعل ما شئت، ما دمت تريد الوحدة والأمان لتركيا، أما غير ذلك فإن أمامك عدوًا يصادمك بكل خطوة، فالشعار هنا، "تركيا موحدة آمنة قبل كل شيء".
ألم تثبت تركيا انطلاقا من تجربة انتخابات البرلمان الأخيرة الحاسمة أنها أكثر ديمقراطية من بريطانيا؟ وأنها نجحت في تقديم نموذج حي لباقي الدول!.
وإن كنت لا تعلم الكثير عن تركيا، فتركيا تحتل الصدارة في مجالات مختلفة، فهي تعد الثالثة عالميا في مجال التبرعات الانسانية، والأولى مقارنة بدخلها القومي!.
تركيا التي ستستضيف القمة الإنسانية العالمية، في شهر أيار/ مايو 2016، بغية إيجاد حلول ملموسة لكافة المشاكل التي تعاني منها دول الصراع، وعلى رأسها سوريا، وتشدد تركيا على ضرورة تشكيل مناطق آمنة في سوريا، في حال عدم التوصل إلى حل سياسي للأزمة فيها، على المدى القصير.
2.1 مليون لاجئ سوري مسجل في تركيا، يقيم نحو 300 ألف منهم في 25 مخيما، ما يجعلها البلد الذي يستضيف أكبر عدد من اللاجئين في العالم، وصرفت ما يزيد عن 8 مليارات دولار من أجل اللاجئين السوريين، في حين لم يتجاوز حجم المساعدات الدولية مجتمعة لتخفيف أعباء اللاجئين، 418 مليون دولار!.
السوريون في تركيا يتمتعون بكامل حريتهم وإنسانيتهم كلاجئين، وأثبتت للعالم أنها تصدر نموذج سلام وتعايش، وليس عنصرية أو طائفية أو إرهابية!.
وإن كنت تهتم بالشأن التركي، ابحث مطولا بماذا تتفوق تركيا، ستجد تركيا الأولى في كثير من المجالات باختلافها وتنوعها، التي تلائم رغبات واحتياجات مواطنيها وزائريها وسائحيها، تركيا مثلا تطمح إلى أن تصبح الوجهة الأولى عالميا في السياحة الحلال، حيث تأتي ثانية بعد ماليزيا حاليا!.
وأيضا تركيا تحتل المرتبة العاشرة في العالم بمجال السياحة العلاجية، وتحتل السياحة التركية بالمرتبة السادسة عالميًا بـأكثر من 42 مليون سائح، وتأتي مدينة إسطنبول في المرتبة الخامسة، بين المدن الأكثر جذبا للسائحين في العالم، حيث من المتوقع أن يبلغ عدد الزائرين للمدينة أكثر من 12.5 مليون زائرا سنويا!. تركيا الدولة الوحيدة التي تتقدم في الترتيب السياحي عالميا.
تركيا، الدولة الأولى عالميا في عمليات زراعة الشعر، زراعة الشعر التي تكلف حوالي 25 ألف دولار في الولايات المتحدة أو بريطانيا، لا تتجاوز كلفتها في تركيا ألفي دولار، ويستغل الزائرون فرصة انخفاض تكلفة العملية، في تحويل زيارتهم العلاجية إلى تركيا، إلى رحلة سياحية متكاملة.
تركيا الإنسانية، تركيا الجمال، لم تقل منافسة عن مثيلاتها من الدول المتطورة، دخلت مضمار تصنيع طائراتها المحلية بصناعة محلية 100%، تركيا أطلقت أقمارها الصناعية الوطنية، وأنهت بنجاح تجارب طائرات تركية بدون طيار، وأطلقت طائرات "هوركوش" فوق مياها الإقليمية، وهو تصميم تركي بامتياز!.
تركيا تصدر أجود أنواع المؤكلات للعالم، قهوتها التي لا مثيل لها، البندق التركي أحد أهم صادرتها، تركيا تحتل المرتبة الأولى في قائمة منتجي ومصدري التين في العالم، التين الأسود الذي تنتجه مدينة “بورصة” هو أكثر أنواع التين رواجًا في تركيا والعالم، بسبب ندرته وتميزه، والذي أصبح علامة تجارية فريدة لتركيا!.
لا ندعي بأن تركيا "مثالية"، بيد أن كل من يزورها سيحدثك عن جمال وحضارة وثقافة لن تجد مثيل له في دول العالم، يكفيك كرم شعبها، وحسن ضيافتهم، وابتسامتهم للغريب وإن لم يعرفوه! تركيا لا تميز من أنت! لن تجد نفسك غريبا فيها مهما كانت ملتك ومعتقدك ودينك، ستجد بها ملاذك الأمن، ستسحرك ببريق لا يقارن، حتى تنطق بعبارة حق "تستحق تركيا ان تكون الأولى عالميا، وبأهم معيار هو معيار "الإنسانية"!.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس