برهان الدين دوران - صحيفة صباح - ترجمة وتحرير ترك برس
تهدف تركيا خلال مرحلة قيادتها قمة العشرين إلى إذاعة صيتها على امتداد القمم القادمة للمجموعة، ويتطلع رئيس الجمهورية التركية رجب طيب أردوغان إلى رسم خارطة الطريق لأعضاء مجموعة العشرين في القمة التي ستقام على الأراضي التركية في مدينة أنطاليا. أعتقد أن هناك لقاءات ثنائية ومفاوضات مهمة سوف تكون بين رؤساء الدول المشاركة في القمة بالإضافة إلى القرارات التي سيتخذها الأعضاء.
وباعتقادي أيضًا إن اللقاءات الهامة بين الرئيس الأمريكي أوباما والرئيس الروسي فلاديمير بوتين والعاهل السعودي الملك عبد الله ستُحدّد الأبعاد الجديدة للعلاقات الثنائية. قمة أنطاليا ليست مهمة بالنسبة لتركيا لبحث مواضيع مواجهة خطر داعش أو التحدث عن مستقبل سوريا واللاجئين السورين فقط، فهي تسعى لإظهار مدى قوتها ومركزها بين دول العالم العظمى بعد الاضطرابات السياسية التي عاشتها قبل الفوز بالانتخابات الأخيرة.
تركيا اليوم ستكون مستقرة سياسيًا على مدى أربع السنوات القادمة ولديها تمركز سُلطوي ثابت قادر على عمل إصلاحات وقفزة اقتصادية إيجابية، ومن الواضح أن الحملة العالمية السلبية التي تقوم بها الأحزاب المعارضة لحزب العدالة والتنمية ستكون ذات تأثير ضئيل، فالانتقادات الموجّهة ضد الحكومة في موضوع الاستبداد وحرية الصحافة وغيرها إذا ظلت مستمرة ومتداولة في وسائل الإعلام بهذا الشكل ستفقد الأحزاب المعارضة تأثير حديثها مع الوقت. تركيا اليوم بلغت مرحلة متقدمة ووصلت لوسط دولي تُعبّر له عن مدى تصميمها وعزمها على مواجهة الإرهاب وحزب العمال الكردستاني، فلو لم يكن كذلك لكانت عناوين الصحافة العالمية كتبت بشكل مختلف عن العملية التي قامت بها القوات التركية في سيلفان ضد حزب العمال الكردستاني الإرهابي الذي حاول إقامة إقليم مستقل ذو حكم ذاتي.
فقمة أنطاليا ستوضح السياسة الخارجية التركية الجديدة التي ستنتهجها تركيا في موضوع الأزمة السورية والمواضيع الأخرى الساخنة.
لماذا سوريا مركز الحوار بكل هذه الأهمية؟
أثّرت موجة الاحتجاجات والتظاهر المرافقة للربيع العربي في سوريا على السياسة الخارجية التركية بشكل كبير جدًا بالأخص في منطقة الشرق الأوسط، فتحولت هذه الموجة إلى حرب أهلية تبدو غير منتهية، والأكثر من هذا قيام حزب العمال الكردستاني بتعطيل مرحلة حل الأزمة الكردية والاضطرابات السياسية الداخلية بعد عام 2013 جميعها جعلت القضية السورية في أولويات السياسة الخارجية التركية.
تحضر أنقرة الآن للقيام بخطوات جديدة في سياساتها الخارجية ورفع صوتها عاليًا بداية من الأزمة السورية حتى مواجهة خطر داعش الإرهابي، وقد بدت الأبعاد العسكرية لعزمها وتصميمها على بناء منطقة عازلة أمنيّة بين جرابلس واعزاز ظاهرة للعيان.
هذه المرحلة الجديدة ستكون أولوياتها تعاون أمريكي-تركي مشترك جديد بين الدولتين يبدأ من الأزمة السورية، فكل من الطرفين يسعى لمواجهة داعش بشكل أكثر فعالية ودعم المعارضة السورية المعتدلة وتحجيم قدرات حزب الاتحاد الديمقراطي. يبدو أن السياسة الأمريكية مستمرة في التخلي عن حزب الاتحاد الديمقراطي ولو بشكل ضئيل لكنه أمر واقعي، فبعد القرار الصادر من منظمة العفو الدولية واستنكارها عمليات التطهير العرقية التي يقوم بها حزب الاتحاد الديمقراطي أعلنت الإدارة الأمريكية وقف الدعم العسكري للحزب وتحذيرها من تأسيس منطقة ذات حكم ذاتي يمس بوحدة الأراضي السورية.
انتقلت هذه الانتقادات الموجهة لحزب الاتحاد الديمقراطي إلى مستوى دولي أكبر، فكان تصريح وزير الدفاع البريطاني مايكل فالون على درجة عالية من الشجب والاستنكار لما يقوم به حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي من تطهير عرقي بحق العرب والتركمان وإجبارهم على الهجرة القسريّة. كذلك يجب عدم حصر مرحلة التباحث بين تركيا والاتحاد الأوروبي على قضية اللاجئين فقط، بل يجب التباحث وتسريع مرحلة حل الأزمة القبرصية وعمل إصلاحات أكثر شمولية.
فهنا يجب القول إنه بعد الفوز بانتخابات الأول من تشرين الثاني/ نوفمبر فتحت مجالات عديدة أمام حكومة حزب العدالة والتنمية من أجل العمل على تطوير وإعادة هيكلة سياساتها الخارجية من جديد.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس