هلال قابلان - صحيفة صباح - ترجمة وتحرير ترك برس
ذهبنا في وفد يمثل تركيا مع رئيس الجمهورية الطيب أردوغان إلى مؤتمر تغيرات المناخ للأمم المتحدة، لكن وكصحفيين لا يهمنا تغيرات المناخ بقدر ما يهمنا إلى أين ستصل جهود هولاند في تحقيق المقابلة بين الرئيس أردوغان ونظيره الروسي بوتين. وللتذكير فقد اجتمع الرئيس أردوغان مع نظيره الأمريكي أوباما.
أما خط سير الأزمة فقد كان كالتالي: لا تزال نيران الطائرة الروسية التي أسقطتها دفاعاتنا الجوية بعد رفض الأخير للتحذيرات مشتعلة إلى الآن، ومن يوم الحدث إلى الآن نرى أن ميزان القوى يتحرك على النحو التالي بين الدولتين:
1- دعم الأمم المتحدة: بعد سقوط الطائرة الروسية خرج الرئيس أوباما وصرح بشكل واضح أنه غير مسرور بما فعله بوتين لعدم احترام الأخير لاتفاقيات السيادة ومحاولته كسرها، بينما قال إن من حق تركيا حماية حدودها، كما نقد عدم ضرب روسيا لداعش وتركيز ضرباتها للمعارضة السورية المعتدلة التي تدعمها تركيا والولايات المتحدة الأمريكية وبقية دول التحالف.
بعدما أعطى الرئيس أوباما ضوئه الأخضر خرج الناتو ليعطي الحق لأصحابه في تركيا، وطلبت دول الاتحاد الأوروبي كلا من تركيا وروسيا إلى ضبط النفس وعد زيادة التوتر. وسجلت الولايات المتحدة الأمريكية الهدف القاتل في الدقيقة ال 90 عندما خرج وزير الخزانة ورد على التصريحات الروسية التي تدعي أن تركيا تشتري النفط من داعش حيث أعلن الوزير الأمريكي عن قائمة متورطين روس فيهم من الحكومة يعملون في تجارة نفط تنظيم داعش. وبهذا نرى أن كل الدول القوية تدعم تركيا بشكل مباشر أو غير مباشر.
2- إدارة الازمة: نجحت تركيا في إدارة الأزمة بشكل غير مسبوق، فمن الساعات الأولى قامت بنشر خرائط لتجاوزات الطيار الروسي، وفي اجتماع الناتو الذي عقدته قامت بتشغيل ملف الصوت الذي يحوي تحذيرات قوات الدفاع الجوي للطيار الروسي؛ لتزول بهذا كل الشبهات، ثم نشرت كل هذا في وسائل الإعلام لتشاركه مع المجتمع الدولي.
في المقابل عاشت روسيا أياما صعبة في إدارتها للازمة، ففي البداية أنكروا حصول الاختراق، لكنهم ما لبثوا حتى تراجعوا عن ذلك بعدما اظهرت صورهم الخاصة حقيقة ما حدث، بعدها لجؤوا إلى أسلوب "تركيا طعنتنا من الخلف" وزادوا عليها بتكذيبات مثل "أردوغان لم يتصل"، ولو أخذنا نتائج استفتاء الكرملين التي أظهرت أن 63% من الرأي العام يرى أن بوتين غير محق لعلمنا حجم الأيام الصعبة التي تعاني منها إدارة الأزمة في روسيا.
3- البريستيج: لو لم نحسب ثقل أردوغان ورده بالصداقة الروسية لوسائل الإعلام لكفانا التأييد الذي جاءه من كل أنحاء الوطن وموقفه الشامخ في عدم تركه للتركمان. ثم حصلت موجة التأييد من دول شرق أوروبا والدول العربية التي عانت من دويلات روسيا في السابق، وكان ذلك الفيديو الذي صوره أوكراني لدعم القوات الجوية التركية هو الأكثر غرابة، ودعمت الدول العربية تركيا بحملة دعم البضائع التركية على صفحات التواصل الاجتماعي.
في المقابل بدأت الانتقادات تنهال على بوتين الذي لم تعتد سياسته وكرزمته مثل هذا الشيء من قبل، فبعد الأزمة الأوكرانية عانت روسيا من أضرار اقتصادية جسيمة، وستزيد هذه الأضرار في حال استمرت بأزمتها مع تركيا. وفي خضم كل هذه الأحداث المتضاربة يسأل الروس: "نقاتل من أجل قوميتنا في أوكرانيا وجورجيا والكرم ولكن ما لنا في سوريا حتى نقبل كل هذا الكم من اللكمات؟".
تستمر المباراة ونتمنى الفوز للأفضل.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس