فخر الدين ألتون - صحيفة صباح - ترجمة وتحرير ترك برس
مع تصاعد التوتر بين تركيا وروسيا يُلاحظ أن شهية المعارضة التركية مفتوحة ضد أردوغان، ففي الداخل والخارج على حد سواء كل من يرى بفوز أردوغان ووصوله للسلطة عقبة في طريقة نراها يلهث في محاولات التسلق على التوتر التركي الروسي ويلهج بالدعاء من اجل تعمق الازمة بين البلدين.
الأكيد أن المعارضة لا يكتفون بالدعاء فقط بل يبذلون كل ما بأيديهم لتحول الأزمة إلى نزاع، لكن الغريب بالموضوع أن ما بأيديهم ليس بالكثير! وسبب ذلك أن تركيا لا تسعى إلى التوسع ولا تملك خاصية الانتشارية. وبالتالي فإن إمكانية قيام تركيا بعملية فعلية على المستوى العالمي محددة جدا. فلو كانت تركيا وفي الفترة السابقة تسعى مثل إيران إلى التوسع في المنطقة لكانت المعارضة والمتأمرين في الداخل والخارج يملكون الفرصة للزج بتركيا في الزاوية واتخاذ خطوات نعلمها جميعا.
فتركيا وعلى الرغم من كونها دولة حدودية يتأثر أمنها الداخلي بما يحدث في سوريا، إضافة لأن أكثر من اثنين ونصف مليون لاجىء قد قطع الحدود إلى تركيا لكنها لم تسعى نحو تدخل عسكري في الأزمة السورية. وأظهرت غيرة وجهدًا حقيقيًا وحتى اللحظة وبالتعاون مع الائتلاف العالمي من أجل التوصل لحل سياسي للأزمة السورية. وناضلت من خلال الحلف الدولي لمحاربة التهديدات التي خلقتها وأنتجتها الأزمة السورية متمثلة بداعش وبقية الأحزاب الإرهابية. فقد تبنت تركيا ومنذ البداية وجهة النظر الداعية لتقديم المساعدات الإنسانية ولحل الأزمة بالطرق الدبلوماسية.
الأزمة التي نعيشها اليوم بين تركيا وروسيا مجالها الحقيقي هو الدبلوماسية، فعلى الرغم مما حدث ما زالت تركيا تسعى لمعالجة الأزمة بالطرق الدبلوماسية. لكن أعداء تركيا الذين على أهبة الاستعداد دوما والذين نرى بريق أسنانهم يزداد مع هذه الأزمة لا يتوانون عن تشغيل ماكينة البروباغاندا والإشاعات الكاذبة وبوتيرة عالية، هذه الماكينة تعطي نفس النتائج سواء في إيران، والولايات المتحدة، وروسيا أو بلجيكا.
***
فيما تلا انتخابات الأول من تشرين الثاني/ نوفمبر وعلى الرغم من وضوح الصورة أمام الجميع وإيصال الرئيس المنتخب أردوغان رسالته وبوضوح عن رؤيته وتطلعه إلى تركيا الجديدة سمعنا من المعارضة الكثير من الاتهامات مثل:
- نتائج الانتخابات ستؤدي إلى خلق مجال مناسب لزيادة في التوجهات الدكتاتورية عند أردوغان.
- نتائج الانتخابات، ستعمق التطبيقات اللاقانونية التي ينتهجها حزب العدالة والتنمية وستتيح الإمكان لتطبيقات وسياسات جديدة تهدف لخنق المعارضة والتضييق عليها ودفنها.
- إنها تبعد تركيا عن حلف شمال الاطلسي وتوسع الفجوة بين تركيا والاتحاد الأوروبي.
- تعمق الاستقطابات السياسية.
- ستؤدي بحزب العدالة والتنمية لاتخاذ قرارات اكثر صرامة وشدة بخصوص المسألة الكردية.
- ستخلق لنا مقص الرقيب وتؤدي إلى توجيه الإعلام.
- ستؤدي إلى سياسة خارجية على خطا الأحزاب الإسلامية الردايكالية.
اليوم نرى كلًا من الروس والإيرانيين يستخدمون نفس هذه المواضيع في دعايتهم، غريب الأمر أليس كذلك؟
فروسيا تدعي أن تركيا ليست بشريك حقيقي في حلف شمال الأطلسي.
أما الإيرانييون لا يكفون عن القول بأن أردوغان لم يكن يوما متوافقًا مع الأمريكان بخصوص سياسته الخارجية.
أنظروا للادعاءات التي في الأعلى، ستلحظون أنها انتقادات غير عادلة. مبالغ فيها، ألعوبة، كأنها قراءات من كتاب تم تحضيره مسبقا. لكن المهم ليس هذا وإنما أن أي من هذه الادعاءات لم يناقش أو يقيم التساؤل القاضي بـ"ما الذي سيحصل لتركيا؟".
فـ"قدر تركيا" ليس على أجنداتهم، لا وجود لمشاكل البلد الفعلية على أي من جداول أعمالهم، لأنهم يعملون وكما في السابق على أسر تركيا واستعبادها بجداول أعمال افتراضية.
***
العالم يبحث عن مخططه وخريطة العالم تتشكل من جديد، و تركيا في هذه التقسيمة الجديدة لاعب طموح. على كل من يدعي محبة هذه البلد أن يعطي قراره الأخير: هل يدعم أن تخرج بلده بنصيب ويدعم المصالحة الوطنية أم يدعم المصالح القومية لـ"لاعب عالمي" أو بالأصح يدعم مصالح "قوى ناشئة أُخرى".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس