ولاء خضير - خاص ترك برس
تأثرت العلاقات التركية العراقية بالفترة الأخيرة بتوتر وتأزم ملحوظ، بسبب تواجد القوات التركية في شمال العراق، بموقع بعشيقة العسكري، والذي كان الهدف منه حسب تصريح الحكومة التركية تدريبيًا محضًا.
وبالعودة للسنوات الخمس الأخيرة، كان هنالك توتر ملحوظ على العلاقات بين البلدين، فما بين أعوام 2010-2014، لم تحدث أي زيارات رسمية رفيعة المستوى بين البلدين، إذ كان يترأس الحكومة العراقية آنذاك نوري المالكي، الذي أعلن ولاءه الكامل لإيران.
وفي أواخر عام 2014، وبعد استلام حيدر العبادي للحكم، بدأت الزيارات المتبادلة رفيعة المستوى تأخذ مجرى سريعًا ونشطًا، حيث قام أحمد داود أوغلو بزيارة لبغداد، وخلفه زيارة لحيدر العبادي لأنقرة، حيث فتحت العلاقات حقبة جديدة بين البلدين، وأُعيد إحياء اجتماعات مجلس التعاون الاستراتيجي، الذي كان قد توقف عن عمله في عام 2009.
كما شهد شهر نيسان/ أبريل 2015 زيارة رئيس الجمهورية العراقية فؤاد معصوم، وبشكل رسمي إلى تركيا، برفقة كل من وزير الثقافة العراقي فرياد رواندوزي، ووزير الداخلية العراقي محمد قبان، ومستشار الأمن الوطني العراقي فلاح فياض، للمشاركة في احتفالات الذكرى المئوية لانتصار "جناق قلعة"، والذي أعطى العديد من الدلالات والإشارات على تحسن العلاقات على جميع المستويات بين البلدين.
وبعد زيارة وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري، في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني 2014، قام بزيارتها من جديد في تموز/ يوليو 2015، والتقى بمسؤولين أتراك على مستوى رفيع، ورأى مختصون وخبراء أن هذه الزيارة هي خطوة مهمة لتطوير العلاقات المتدهورة إلى حد ما بين البلدين في الفترة الأخيرة.
ومن الجدير بالذكر أن هذه الزيارات، حملت أجندة، على المستوى العسكري والسياسي والاقتصادي، خصوصا في مجال التعاون العسكري المشترك بين البلدين من أجل محاربة الإرهاب، وسبل مكافحة تنظيم "داعش" والقضاء عليه.
وعلى الصعيد الاقتصادي، فإن كلا البلدين، بحاجة لبعضهما البعض، في الوقت الذي لا يمكن فيه استمرار التوتر بينهما، وترغب الحكومة العراقية الجديدة، في إصلاح العلاقات التي تضررت خلال السنوات السابقة، فالعراق يشهد أزمة أقتصادية بسبب هبوط أسعار النفط، وفي المقابل تركيا في حاجة إلى العراق، الذي يعد ثاني أكبر سوق للصادرات التركية.
وعلى الصعيد السياسي، تركيا تدعم عملية مكافحة "داعش" بشكل قوي، حيث قدمت الدعم الاستخباراتي واللوجستي للتحالف الدولي، بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية.
ومن أجل تطوير العلاقات السياسية والعسكرية مع العراق بشكل أكبر، قامت تركيا في وسط العام المنصرم بإرسال دعم عسكري، على شكل طائرتين عسكريتين، مليئتين بالمهام والعتاد للعراق.
وقامت القوات التركية الخاصة، ووحدات التدريب التركية العسكرية، بتدريب ما يزيد عن 1600 شخص من البشمركة، وأكثر من 1500 عسكري عراقي، من أجل إعدادهم لتحرير الموصل، وتخليصه من أيدي تنظيم "داعش"، وصرحت تركيا بأن الدعم العسكري، والتدريب، جاء تلبية لدعوة الرئيس العبادي خلال زيارة سابقة له لأنقرة، طالب فيها تركيا بالمساعدة بالقضاء على تنظيم "داعش" وأعماله الإرهابية في المنطقة.
ومن خلال قراءة هذه الزيارات المتبادلة، والدعم المقدم من قبل تركيا للدولة الجارة العراق، نرى أن هنالك تحسنًا ملحوظًا في العلاقات بين البلدين، على جميع المستويات.
إلا أن أزمة تواجد الجنود الأتراك في معسكر بعشيقة، في الموصل شمالي العراق، وضعت الكثير من علامات الاستفهام على العلاقة بين البلدين.
فيرى الجانب العراقي أن التواجد العسكري التركي، في شمال البلاد هو بمثابة اعتداء على حدود الجمهورية العراقية، وانتهاك واضح لاتفاقية الأمم المتحدة، ففي شهر كانون الأول/ ديسمبر من العام الماضي، أعطى رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، تعليماته لوزارة الخارجية، لتقوم بنقل ملف الجنود الأتراك في الموصل، إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
إلا أن تركيا ترى التواجد العسكري لجنودها في الموصل، على أنه ليس إلا تكاملًا، واستمرارية للاتفاقيات المعقودة بين البلدين، من أجل تدريب عناصر البشمركة، بهدف مكافحة ومحاربة الإرهاب، حيث أن هؤلاء الجنود يقومون ومنذ نحو عامين ونصف بهذه المهمة.
وكما يرى الأتراك، وعلى لسان رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو، أن هناك جهات دولية أجنبية، تحاول إفساد العلاقات الجيدة التي بنيت في الفترة الأخيرة بين البلدين، وذلك باستغلال قضية تواجد الجنود الأتراك في معسكر بعشيقة.
فتركيا التي تقدم دعمها، وقدمت للعراق عسكريا خلال السنوات السابقة، وقامت بتدريب الجنود العراقيين وجنود البشمركة عدة مرات، وكان لها تواجد عسكري بهدف التدريب عدة مرات في العراق، وذلك بعلم الحكومة العراقية في بغداد.
إذا لماذا الآن تسعى الحكومة العراقية بالضغط دوليا وإقليميا على تركيا؟ هل لأزمة الطائرة الروسية التي أسقطت في جنوب تركيا، في الأشهر الماضية، علاقة بهذا الاحتجاج العراقي لتواجد الجنود الأتراك؟ من هي الجهات المستفيدة من تضرر العلاقات التركية العراقية، خصوصا مع حاجة تركيا للنفط العراقي؟ ومع حاجة العراق لتركيا من أجل محاربة المنظمات الإرهابية التي تفتك بالعراق؟
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس