برهان الدين دوران - جريدة صباح - ترجمة وتحرير ترك برس
قررت وكالة الطاقة النووية رفع الحصار عن إيران يوم السبت الماضي، ولا شك أنّ لهذا القرار انعكاسات اقتصادية إيجابية بالنسبة لهم، حيث بدأت الشركات العالمية بإعادة الاستثمارات التجارية مع إيران، لكن المكاسب الأساسية لطهران تكمن في المجال السياسي والأيديولوجي، وبذلك تكون قد أنقذت نفسها من العزلة التي كانت مفروضة عليها منذ الثورة الإيرانية عام 1979، وهذا يفتح المجال واسعا للتصالح مع الدول الغربية، ولذلك علينا أنْ نكون جاهزين لمفاجآت جديدة على صعيد العلاقات بين إيران وأمريكا، فهناك تاريخ لهما يجمع بين مصالحهما الثنائية، حيث ساهمت أمريكا بتقوية إيران من خلال احتلالها للعراق وأفغانستان، سواء أقامت بذلك بصورة مقصودة أم لا.
وعندما هبت رياح الربيع العربي، أصبحت كلتا الدولتين ترى بأنّ هناك "راديكالية سنية" تهددهما، ولن يكون من المفاجئ أنْ تدخل الولايات المتحدة الأمريكية بتعاون عسكري مع إيران في سوريا، لأنّ واشنطن لا تريد ترك إيران بيد روسيا، ولا شك بأنّ أهم مكسب لإيران من هذا التقارب مع أمريكا، هو إنهاء الحرب الأيدولوجية بينها وبين الغرب، وانتهت بذلك شعارات "أمريكا الشيطان الأكبر"، ووافق العالم على إدخال إيران في النظام العالمي كدولة شيعية قومية، والجميع، ما عدا السعودية وإسرائيل، يرون بأنّ ذلك إيجابيا، وهذا ما عبرت عنه الإدارة الأمريكية.
لكن هل ستصبح المنطقة أكثر أمانا بعد هذا الاتفاق؟ من ناحية الصراع النووي، يبدو الأمر كذلك، لكن لا نستطيع الجزم بذلك بالنسبة لحالة الفوضى وحروب الوكالة التي تجري في المنطقة، وعلينا الانتظار لنرى كيف سينعكس ذلك على تصرف إيران في الشرق الأوسط، والواقع الآن هو أنّ إيران تقود عمليتين متناقضتين في نفس الوقت، وهما زيادة قوتها السياسية، وإضعاف تشددها الأيديولوجي.
ولذلك فإنّ زيادة العلاقات التجارية والاقتصادية والسياسية مع الغرب، سيفقد إيران تشددها نحوهم، وستكسب بذلك الميليشيات الشيعية قوة إضافية، وستشكل بذلك تهديدا خطيرا على أهل السنة، وستكون سببا في زيادة الحقد والكراهية، وتجاوز هذا الأمر، يمر عبر قيام الدول، وعلى رأسها تركيا، بحملات دبلوماسية وتعاون سياسي لإنهاء حالة الاحتقان القائمة، لأنّ أهم ما سيحدد الشكل المستقبلي للمنطقة، هو كيفية استثمار إيران للنقاط الإيجابية التي كسبتها من خلال إدخالها في النظام العالمي، وتطبيع علاقاتها مع الغرب.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس