جلال سلمي - خاص ترك برس

يؤكد الخبير الاقتصادي "دونالد ب. كسينج"، في نظريته "التكنولوجيا والتجارة الخارجية"، أن تطور القطاع الصناعي والزراعي والخدماتي وبالتالي نمو حجم الصادرات منوط بحجم إنفاق الدولة على البحث والتطوير وتحسين مستوى معيشة الفرد التي تنتج أيدٍ عاملة نوعية تلعب الدور الأكبر في إحراز مستوى ملموس من التنمية الشاملة، مشيرًا إلى أن العلاقة بين البحث والتطوير والأيدي العاملة النوعية وبالتالي التنمية الشاملة هي علاقة طردية تحسم الخطوات التي يجب اتباعها من قبل أي دولة تهدف إلى خلق مستوى ملحوظ من النمو والتنمية.

وفي إطار الرؤية الاستراتيجية 2023 الخاصة بحزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، وضعت الحكومة التركية عددًا من السياسات المتعلقة بتنمية الموارد البشرية، حيث قامت بزيادة ميزانية المؤسسات الخاصة بهذا المجال، مثل مؤسسة تركيا للأبحاث التكنولوجية والعملية "توبيتاك" ومركز مرمرة للأبحاث، وأقامت مراكز أبحاث متعددة المجالات، ورفعت من مستوى استخدام الإعلام، من خلال إعداد عدد من الأفلام والبرامج، لتوعية المجتمع فيما يتعلق برؤيتها الاستراتيجية، وعملت على توفير العديد من فرص التعليم المجاني لطلاب الجامعات، ورفع مستوى العناية الصحية، وتوفير فرص أكبر للوصول إلى الإنترنت من قبل أكبر نسبة ممكنة من المواطنين الأتراك، وغيرها الكثير من السياسات المرتبطة بتنمية الموارد البشرية.

وفي سياق متصل، يوضح الباحث الاقتصادي في شؤون التنمية "صادق أنوي" أن دول العالم المتطورة اتجهت نحو التنمية البشرية، عقب الأبحاث المُكثفة التي أجريت على يد عددٍ من الباحثين الاقتصاديين المرموقين في الولايات المتحدة الأمريكية، والتي أظهرت أن الولايات المتحدة لا تُعد القوة الاقتصادية في العالم لوفرة مصادرها الأولية اللازمة للعمليات الصناعية التحويلية، بل إن سبب تطورها يعود إلى الموارد البشرية المبدعة التي توفر لها سلعًا مميزة بأسعار باهظة في المرحلة الأولى التي يُطلق عليها مرحلة السلعة الجديدة، مؤكدًا أن هذه الأبحاث أحدثت قفزة نوعية في مفهوم التطور الاقتصادي، حيث أضحت معظم الدول المتطورة تهتم بالمقام الأول في تطوير الموارد البشرية لتحقيق التقدم الذي تخطط له.

ويشير أنوي، في مقاله بصحيفة بوغون "أين تركيا من مستوى التنمية البشرية؟" إلى أن تركيا احتلت، خلال عام 2015، المرتبة الثانية والسبعين وفق مواردها البشرية حسب الأمم المتحدة، بينما حازت على المرتبة السابعة عشر من حيث حجم اقتصادها، مبينًا أن تركيا أحرزت تقدمًا ملحوظًا منذ عام 2000 وحتى الآن، ولكنها لا زالت بحاجة إلى السير على وتيرة أسرع وأكبر للوصول إلى مستوى أعلى يؤهلها إلى الوصول إلى مرتبة الدول الصناعية الكبرى العشر.

وفي هذا الخصوص، تبين الخبيرة الاقتصادية "خديجة كاراهان"، في مقالها بصحيفة يني شفق "الاقتصاد والحداثة" أن تركيا شهدت تطورًا ملحوظًا في تنمية الموارد البشرية خلال الآونة الأخيرة، حيث ظهر تغير إيجابي في متوسط العمر وأجور الحد الأدنى والمتوسط ومستوى التعليم ودعم المشاريع الإبداعية وغيرها الكثير من النقاط الكفيلة بالتعريف بمستوى التقدم الملموس الذي توصلت إليه تركيا في مجال التنمية البشرية، خلال السنوات الأخيرة، منوّهةً إلى أن مقارنة المؤشرات الخاصة بتركيا خلال الفترة الأخيرة بالمؤشرات السابقة ستظهر وبكل جدارة مدى التقدم الذي أحرزته تركيا.

وتلمح كاراهان إلى أن حكومة حزب العدالة والتنمية "تعمل جاهدةً لتحقيق الرؤية الاستراتيجية 2023 الشاملة"، مبينةً أن حكومة حزب العدالة والتنمية، منذ توليها لمقاليد الحكم عام 2002، وحتى الآن، "خصصت لمشاريع التنمية البشرية ما يقارب 50 مليار دولار، وذلك لإيمانها العميق بالمردود الضخم الذي سيعود إليها، نتيجة لتطوير الكوادر البشرية في جميع المجالات".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!