خلود الخميس - العرب القطرية
في عام 2005 أطلق كل من رئيس وزراء جمهورية تركيا آنذاك، رجب طيب أردوغان، ونظيره الإسباني خوسيه لويس رودريغيس ثاباتيرو مبادرة «تحالف الحضارات» وباعتمادها من الأمين العام للأمم المتحدة صارت مبادرة أممية.
ومبادرة تحالف الحضارات يهدف للتعبير عن الحب والصداقة والسلام والإنسانية التي تجمع البشرية من مختلف الأعراق والأديان. ضم في بدايته 110 دول و20 مؤسسة دولية وعقدت له أربعة منتديات كبرى في كل من اسطنبول، مدريد، ريو، والدوحة. طرح من خلالها أسس التحالف وقدمت كل دولة خطة العمل الخاصة بها. وقدم منتدى اسطنبول في 2012 لرسم خارطة طريق جديدة عبر تحديد رؤية مستقبلية للتحالف.
وقبل أيام تبلور حلف استراتيجي بين قطر وتركيا بإنشاء مجلس أعلى للتعاون الاستراتيجي برئاسة سمو أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني والرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي تبنى مشروع تحالف الحضارات إبان رئاسته لوزراء تركيا قبيل عقد من الزمن.
لقد التقطت قطر القصد من تصريح الرئيس أردوغان قبيل مغادرته تركيا متجهاً إليها؛ حيث قال: «أمن واستقرار الخليج لا يقل أهمية عن أمن واستقرار بلدنا»، ومن هذا المنطلق والفهم لأهمية بدء علاقة تضاف للعلاقات السابقة الأصيلة التي تجمع بين البلدين مثل الدين والأهداف المنسجمة والمواقف المتسقة من القضايا الدولية فيما يتعلق بالأمة الإسلامية وعلى أسس أن الإنسانية هي العامل المشترك مع الجميع.
التحالفات الاستراتيجية هي مطلب رئيس للدول الصغيرة سكاناً ومساحة. ويزيدها قوة حكمة القيادة في اقتناص الحليف المناسب في الوقت المناسب ضمن معاهدة تمثل معادلة الفوز والربح للفريقين. وهذا ما فعلته الإدارة القطرية مع الإدارة التركية.
وكذلك نتمنى من الخليج كمنظومة تعاون تتأرجح على صفيح ساخن من الخلافات المغطاة بالمجاملات والترضيات والتأجيل، لا نعلم متى يحرق ما فوقه، أن تجري معاهدات شراكة تقرير مصير مستقبل المنطقة في ظل تهديدات إيران بمشروعها الصفوي التاريخي الذي لا يعمى عنه إلا محللو السلطة السياسيون، والغرب الطامع باستمرار التشرذم بمشروع إعادة التقسيم لمنطقة الشرق الأوسط، وأولئك الحكام الذين ينتظرون ملك الموت منتهجين المبدأ الفرعوني «أنا ومن بعدي الطوفان» تاركين شعوبهم من بعدهم لفوضى الفراغ السياسي الحتمية.
الخليج هو المستفيد من الشراكة مع تركيا بنقل مميزات الإدارة التركية وتجربتها بتكريس الديمقراطية والتعددية الحزبية والتنافس في خدمة الوطن والشعوب، وخفض نسب الفساد في مؤسسات الدولة بالرقابة البرلمانية، والمرونة الدستورية بأن يتغير طبقاً للمعطيات والواقع؛ ذلك لأن الدساتير لا تصلح لكل زمان ومكان لذلك لزم تعديلها لتتناسب والمتغيرات والمستحدثات.
التجربة التركية ليست الحنكة السياسية في سلوك الإدارة في بيئة دولية تميل للعدائية أكثر من الصداقة، والعلاقة النفعية فقط مع الدول ذات الغالبية الإسلامية فحسب، بل إن لديها مشروعين: داخلي: نهضوي تنموي اقتصادي اجتماعي واضح، وخطة تنفيذية وجدول زمني. وخارجي: عبر سياسة خارجية رسمها أحمد داود أوغلو كمختص، ووافقت عليه الأمة عبر ممثليها في البرلمان، ثم سخرت الأدوات لتحقيقها وأطلقت يده في التنفيذ، وكل مختص كذلك أخذ فرصته والدعم الذي يتطلبه ويحتاجه لتحقيق سياساته وخططه ضمن رؤية 2023 للحكومة ممثلة بحزب العدالة والتنمية الذي يدير الدولة منذ ما يفوق عقدا.
مشروع تحالف الحضارات سيمر عليه عشرة أعوام في 2015، وهي مبادرة تطبيقية للإدارة الأخلاقية بالحب وقبول الآخر، ومشروع الحلف الاستراتيجي بين تركيا وقطر رغم أنه بدأ قانونياً هذا العام، فإنه بالتأكيد لم يبدأ اليوم فعلياً، فكل ما سبقه كان ممهداً له.
الشغب من المنظمات الدولية زاد ضد الدول الإسلامية، وأضحى ضرورة التكتلات الاستراتيجية بين الدول ذات الأهداف المشتركة والدين والتاريخ.
بقيَ أن يقتنع الديناصورات بأنهم انقرضوا، وأن مكانهم المتاحف فقط ويتركوا العصافير تغرد مع سرب المسبحين بحمد ربهم.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس