ترك برس

أفاد كبير مستشاري رئيس الجمهورية التركي السابق لشؤون الشرق الأوسط، أرشد هورموزلو، أن الأحزاب السياسية في تركيا أدركت أنها ستخسر قواعدها إذا وقفت مع الحل الانقلابي حتى في أحلك الظروف، وأنها يجب أن تنتظر الانتخابات المقبلة إذا أرادت ترويج برنامجها الانتخابي وتطلب التصويت لها في صناديق الاقتراع.

جاء ذلك في مقال له نشرته صحيفة "الحياة"، بعنوان "هل يمكن أن يحدث انقلاب عسكري في تركيا؟"، أشار فيه إلى أن أخبار الصحف سواء كانت عربية أم غربية، تتناقل أحياناً، احتمالات ستعصف بتركيا بعد الأحداث الأخيرة التي شهدتها، سواء العمليات الإرهابية التي ضربت أنقرة واسطنبول أو الأمور الداخلية مثل محاكمة بعض الصحافيين واعتقال بعض الأكاديميين وما يجري الحديث عنه حول الحريات الأساسية في هذا البلد.

وقال هورموزلو إن "من الأقاويل التي تتردد، أن انقلاباً عسكرياً سيحدث في تركيا للتخلص من النظام القائم والحزب الحاكم، ومن يروّج لهذه التنبؤات يراهن على ترحيب بعض الأوساط، داخلية كانت أم خارجية، بهذا الحل باعتباره يرضي طموح من يريدون لتركيا أن تسلك طريقاً آخر يتطابق مع مفاهيمهم"، مضيفًا أنه "لا أحد ينكر أن أفكار القوى السياسية غير متطابقة مع بعضها البعض في كثير من القضايا والنظرة إلى الأمور ومستقبل البلد. وقد تنامت هذه الصراعات بعد الجدل القائم حول الرغبة المتمثلة في تحويل نظام الحكم في تركيا إلى نظام رئاسي بدلاً من البرلماني، وفي الاختلاف في التعامل مع الأحداث، بخاصة ما ورد ذكره أعلاه".

وأوضح هورموزلو أن "تركيا خبرت فعلاً، مشاهد انقلابات عسكرية كانت تحصل مرة كل عشر سنوات، إلى أن أدرك الكل أن الحل لا يكمن في تغيير النظام بانقلاب عسكري، بل بالاحتكام إلى الشعب. في الوقت نفسه، فإن تركيا وفي أحلك الظروف، احتكمت إلى صناديق الاقتراع وسلّمت السلطة لإدارة منتخبة في كل مرة"، مبينًا أن "الفرق في الأمر، أن السلطة العسكرية فكرت وقد يكون ذلك بحسن نية أحياناً، أنها أحرص على الشعب من شلة من المشاغبين الذين يختلفون ويتصارعون عبر مقاعد البرلمان، فتحاول تغيير بوصلة الحياة السياسية إلى وضع أحسن، متناسية أن هؤلاء قد خوّلوا من الشعب لوضع خريطة للطريق تقودهم إلى مستقبل أفضل، وأنه مهما اختلف السياسيون فإن الحكم هو الشعب وسيقوم بالتغيير بنفسه كما حدث في مرات عديدة".

ولفت هورموزلو إلى أن "الأمر استغرق عقوداً كي تفهم الجماهير التركية أن فرض الوصاية على الشعب لم يأت بالنتيجة المرجوة دائماً، إلى جنوب تركيا حصل انقلاب عسكري في العراق وتم اغتيال ملك لم يتجاوز الثالثة والعشرين من العمر مع مجموعة من أفضل سياسيي العراق، بدعوى أن القائمين بهذا الانقلاب حريصون على مستقبل الشعب ورخائه ورفاهه، ويذكر الجميع أن الأمور ساءت في هذا البلد إلى أن وصلت الأمور إلى كارثة عاشها كل فرد عراقي. وحدث انقلاب فتح سلسلة الانقلابات العسكرية في المنطقة كان عنوانه مصر، لكن على الأقل لم يرتكب المصريون ما ارتكبه بعض العراقيين، بل ودعوا الملك بتحية عسكرية إلى خارج البلاد".

وبيّن أن "تركيا ولجت الطريق الانتخابي منذ أكثر من ستين عاماً، وعلى رغم إطلاق صافرة التوقّف من العسكر لثلاث مرات فعلية وأخرى إلكترونية، فقد حافظ الشعب التركي على شرف صندوق الاقتراع وسلّم السلطة لمن فاز في الصندوق بانتخابات قلّ ما شكّك أحد في صحتها ونزاهتها على الأقل. من هذا المنطلق، أدركت الأحزاب السياسية أنها ستخسر قواعدها إذا وقفت مع الحل الانقلابي حتى في أحلك الظروف، وأنها يجب أن تنتظر الانتخابات المقبلة إذا أرادت ترويج برنامجها الانتخابي وتطلب التصويت لها في صناديق الاقتراع".

وتابع هورموزلو، "لقد مضى الزمن الذي كان الاصطفاف فيه عدائياً، وأدرك الجميع أن التناغم الاجتماعي يجب أن يسبق السياسي، أعني بذلك أنه قد ولى الزمن الذي قامت فيه القيامة ولم تقعد لدخول نائب محجبة إلى قاعة البرلمان، ولم يعترض أحد من مناصري تلك الفعلة حالياً عندما بدأوا يرون العشرات من عضوات البرلمان بحجابهن. قلنا دائماً إننا يجب ألا نركز على تغيير القوانين والأنظمة والدساتير بقدر التركيز على تغيير نمط التفكير والقبول بالآخر".

وأضاف الدبلوماسي التركي، "أقول ذلك لأنني أعلم أن من يعترض على الوضع القائم إلى درجة الكره، لا يرى الحل في انقلاب يغيّر هذه الأوضاع، وأنه سيكون أول من يتصدى لمحاولة من هذا القبيل. لذلك، أدعو من يراهن على هذه الاحتمالية أن يكفّ عن التبشير بذلك لسبب بسيط، وهو أنه لا يفهم الذهنية التركية الحالية بعد عقود رأى الأتراك فيها بأم أعينهم رؤساء سابقين ما زالوا على قيد الحياة ويتم الإنصات إلى تجاربهم وآرائهم. رؤساء ليسوا في أقبية السجون أو في مقابر مجهولة".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!