محمد حسن القدّو - خاص ترك برس
تعد جمهورية السودان بوابة أفريقيا والمدخل للسوق الأفريقية للدول الراغبة بإقامة علاقات اقتصادية وتجارية مع القارة الأفريقية.
بدأت تركيا في الآونة الأخيرة بإبداء اهتمام متزايد لتطوير علاقاتها مع دول القارة الأفريقية ومن ضمنها جمهورية السودان، وإحدى مظاهر ذلك اتفاقية عام 2014 لتشجيع الاستثمار المتبادل بالإضافة إلى مذكرة التفاهم للتعاون في مجال إنشاء مناطق حرة. بهدف إنشاء وتأسيس بنية تحتية قوية للعلاقات الاقتصادية بينهما مع تأكيد الجانبين على ضرورة زيادة صادراتهما المتبادلة بين الدولتين، وهذه كانت أولى البوابات التي فتحت أمام المستثمرين الأتراك في السودان، إضافة إلى بداية تأسيس مشاريع مشتركة بين الدولتين في السودان.
تقع جمهورية السودان في شمال شرق أفريقيا وتحتل مساحة قدرها 1,865,813 كيلو متر مربع وهي ثالث أكبر دولة في أفريقيا بعد الجزائر والكونغو الديمقراطية، والثالثة في العالم العربي بعد الجزائر والمملكة العربية السعودية.
لم يكن الاهتمام التركي بالسودان مجردا من التاريخ المشترك بين الشعبين فاللغة هي الحاجز الوحيد إن كان حاجزا بين إقامة أفضل العلاقات الأخوية بين الدولتين، فالعلاقات الأخوية التي أساسها رابطة الدين الحنيف والتاريخ المشترك هي دعائم وركائز عميقة بين الشعبين والدولتين.
امتدت جذور العلاقة والتعاون المشترك بين تركيا والسوادن لما يقرب من 450 عاما، إذ بدأت عام 1555 عندما أنشأ العثمانيون محافظة على جزء من شرق السودان وجزء من دولة إريتريا أطلق عليها مدينة سواكن، وكان للأتراك تأثير واضح فى العديد من مجالات الحياة فى السودان مثل الزراعة والحرف والخدمات الصحية والطبية والنقل والقوات النظامية والثقافة الغذائية.
أما العلاقات الدبلوماسية بين البلدين فبدأت فى العام 1981 الذي شهد أول زيارة لرئيس سودانى لتركيا الرئيس الأسبق جعفر النميري.
بعد فوز حزب "العدالة والتنمية" في انتخابات عام 2002 شهدت علاقات تركيا مع جمهورية السودان تطورا ملحوظا ولرغبة الدولتين في تطويرها.
تمتلك السودان احتياطيا من المواد الخام يؤهلها أن تكون ملتقى كثير من المستثمرين الأجانب فهي تملك 90% من الإنتاج العالمي من الصمغ العربي إضافة إلى وجود النفط والغاز فيها بالإضافة إلى منتجات زراعية وحيوانية، وهذه بدورها عبارة أسس لبناء صناعات تكريرية واستخراجية وإنتاجية وتحويلية، وبإمكان الشركات التركية استثمارها في مشاريع مشتركة أو منفردة.
يتطلب بناء أسس التكامل الاقتصادي بين الدولتين تشكيل مؤسسات بحثية مهمتها دراسة سبل تسهيل وإنجاز المشاريع وتسهيل عمل المؤسسات المالية الممولة للمشاريع من ناحية التحويلات وفتح فروع للمصارف التركية في السودان وكذلك المصارف السودانية في تركيا إضافة إلى إنشاء مصارف مشتركة بين الجانبين لغرض تيسير عمل المستثمرين. بالإضافة إلى إنشاء مراكز بحثية علمية لدراسة تقويم وبناء المشاريع المقترحة والتخطيط لها.
بدأت أولى المحاولات لتطوير التعاون الاقتصادي بين تركيا والسودان بتشكيل لجنة على مستوى وزاري مهمتها عقد الاتفاقيات الاقتصادية بين البلدين وهذه تجتمع بصورة دورية والتي تم تحقيقه من خلال هذه اللجنة هو التوقيع على اتفاقيات في مجالات الزراعة والشراكة الزراعية والمجال الفني والتعليم والتعاون العلمي والنقل والتعدين والمعادن والكهرباء، كذلك أوصت اللجنة بإزالة العوائق الجمركية وتسهيل الحركة التجارية ونقل البضائع إضافة إلى الاتفاق حول حماية وتشجيع الاستثمار المتبادل.
ويشير معظم الباحثين إلى أن العلاقات التركية السودانية آخذة في التطور والنمو ومن المؤمل أن يصل حجم الاتفاقات التجارية إلى ثلاث مليارات دولار في خلال العامين القادمين عبر إنشاء تكتل تجاري بينهما مشترك.
وقد أقامت جامعة أفريقيا في السودان ندوة عن العلاقات التركية السعودية وآفاق تطورها في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية، وأوصت الندوة بضرورة توطين الخبرات التركية في مجال الزراعة بالسودان وتبادل الخبرات والعمالة بين البلدين وبناء منطقة تجارة حرة في مناطق استراتيجية كمنطقة بورتسودان نسبة لحاجة الاقتصاد التركي لأسواق أيضًا أوصت الندوة بضرورة توسيع أطر التبادل الثقافي والتعليمي خاصة في مجال اللغات التركية والعربية وإنشاء مركز ثقافي بين البلدين وأوصت الندوة بضرورة اتجاه الاستثمارات التركية إلى مجالات الذهب والنفط والغاز والعمل علي تقوية القطاع الخاص وتقوية التبادل الأكاديمي بين الطلاب والأساتذه بين جامعات البلدين وعقد المزيد من الندوات لتعزيز هذه العلاقات علي أن تتولي الجهات المهنيه في البلدين تنفيذ هذه التوصيات من أجل علاقات أفضل بين البلدين.
وقد شملت الندوة مناقشة عدة دراسات قدمت من قبل الأكاديميين من البلدين وكانت إحداها للأستاذة فتحية عمر من مركز ركائز المعرفة السودانية بعنوان (التغيرات الإقتصادية وتأثيراتها علي العلاقات السودانية التركية) أشارت إلى أن الاهتمام التركي بالسودان قد أصبح واضحا وخصوصا على المنشآت الصحية والتعليمية والبنى التحتية بصورة عامة، وأشارت الكاتبة إلى أن وجود الاحتياطي الكبير من المعادن جعل من السودان وأفريقيا محط اهتمام متزايد من قبل القوى الكبرى. وهنا توصي الباحثة تركيا بالقيام بدور أكبر في السودان والقارة الأفريقية.
أما البروفيسور محمد عبد القادر أستاذ الاقتصاد بجامعة أفريقيا العالمية فيشير في ورقته إلى أن العلاقات الاقتصادية بين البلدين ومنذ الاستقلال لم تشهد تطورا ملحوظا رغم توفر عدة عوامل تساعد في زيادة التعاون الاقتصادي بينهما وأهمها المقاطعة الاقتصادية من قبل أمريكا وبعض الدول الأوروبية مما يدفع السودان إلى الحصول على شركاء آخرين وتركيا مؤهلة لتلعب هذا الدور. وأشار الباحث إلى أن التعاون الاقتصادي بين البلدين أقل من المستوى المطلوب، مضيفًا أن مستقبل التعاون بين البلدين سيشهد تطورا لوجود الرغبة الحقيقية من جانب البلدين ولكن تحقيق ذلك التكامل يتطلب إزالة كافة أشكال البروقراطية وتعقيد الإجراءات بالنسبة للمستثمرين وأن تسعى الحكومة السودانية إلى تقديم مزيد من التسهيلات للمستثمرين الأتراك في المجال الزراعي والصناعي والتركيز علي توطين التصنيع الزراعي.
وقد بلغ حجم التبادل الاقتصادي بين الجانين حسب آخر إحصائية لعام 2014 أكثر من 500 مليون دولار، أما نشاطات رجال الأعمال الأتراك في السودان فكانت تتنوع في البنى التحتية وتطويرها والتصنيع والصلب، وقد بلغ عدد الشركات التي تعمل في السودان 480 شركة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس