ترك برس
يشير المعاصرون لما يُسمى بـ"ثورة الشيخ سعيد" في عام 1925 إلى أن الشيخ لم يحمل فكرة الانفصال عن تركيا وتأسيس الدولة الكردية، بل كان يسعى إلى إعادة إحياء روح الخلافة بعد إلغائها وإعلان الجمهورية التركية وجمع شعوب المنطقة على أساس ديني وليس على أساس قومي، حسبما أورد المؤرخ التركي والنائب من حزب العدالة والتنمية عن ولاية دياربكر التركية عبد الباقي أردوغموش في مقال له في مجلة التاريخ العميق (Derin Tarih).
وقع مؤسس الجمهورية التركية "مصطفى كمال أتاتورك" على وثيقة توافق مع الأكراد، تؤكّد على أنّ الأكراد والأتراك يشكلون العناصر الإسلامية الأساسية في بلاد الأناضول، وعلى ذلك يتم إعادة تأسيس دولة بلاد الأناضول على أساس ديني وحدوي يجمع الطرفين، وما تزال هذه الوثيقة التي صدرت في 27 حزيران/ يونيو 1920 بتوقيع أتاتورك نفسه موجودة في أرشيف الرئاسة التركية، ولكن يشير أردوغموش إلى أن أتاتورك بعد تأسيس الجمهورية أقصى كافة القوميات الأخرى، وتغاضى عن أساس الوحدة الإسلامية واعتمد القومية التركية مرجعًا لتأسيس الجمهورية التركية العلمانية، الأمر الذي شكل دافعًا للشيخ سعيد للتمرد ضد الدولة الجديدة.
انضم عدد كبير من ذوي الأصول التركية إلى حركة الشيخ سعيد، لإيمانهم بهدفه وهو منع زوال الخلافة ومنع مؤسسي الجمهورية التركية من إقصاء الدين. ويشير أردوغموش إلى أن تصوير كتب التاريخ الصادرة عن مطابع السنوات الأولى للجمهورية عصيان الشيخ سعيد على أنه عصيان انفصالي أمر طبيعي لكونه يكشف انحراف مؤسسي الجمهورية التركية عقب انتهاء حرب التحرير.
بدأ تمرد الشيخ سعيد مطلع شباط/ فبراير عام 1925 في ناحية "إييل" التابعة لمدينة "دجلة" في ولاية ديار بكر، وصف الشيخ الجمهورية التركية بالطاغوت الذي هدم ركائز الخلافة الإسلامية، ولا بد من التمرد ضدها لإعادة تأسيس الخلافة الإسلامية في بلاد الأناضول، ولاقى الشيخ سعيد دعمًا كبيرًا من بعض عشائر جنوب شرقي تركيا، ولكنه فشل بعد إعلان الحكومة التركية حالة الطوارئ في المناطق التي ظهر فيها والقضاء عليه بحلول نهاية نيسان/ أبريل من العام نفسه.
ولا زال بعض المؤرخين يصفون تمرد الشيخ سعيد بأنه "كردي انفصالي" يسعى إلى إقامة دولة كردية منفصلة عن الجمهورية التركية، الأمر الذي ينفيه عدد كبير من المؤرخين الذين يؤكّدون أن الهدف الأساسي الذي أعلنه الشيخ سعيد وناصرته عليه العشائر المحيطة هو إعادة إقامة الخلافة بعد إعلان الجمهورية التركية إلغاءها في الثالث من آذار/ مارس 1924.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!