جلال سلمي - خاص ترك برس
يؤدي الانجرار وراء وسائل التواصل الاجتماعي التي يغلب عليها التهويل والمبالغة إلى إيقاع المتابع في أغاليط وأخطاء، ويرى حشمت بابا أوغلو الكاتب في صحيفة ديلي صباح أن على من يرغب في فهم ما يدور في تركيا أن يتروى في تلقي الأنباء والتحليلات.
وفي مقاله "بعض ما يدور عاري عن الصحة" يشير بابا أوغلو إلى أن رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو كان على علم تام قبل تسلمه لمقاليد الحكم بأن أردوغان يسعى إلى إرساء النظام الرئاسي، وأن "ما يدور الآن هو ليس طرد لداود أوغلو كما تصوره بعض وسائل الإعلام المغرضة، بل هي خطوات تكتيكية كان تحققها أمرا حتميا، ولكن التهويل الإعلامي والخلاف الذي نشب بين داود أوغلو وبعض رجال أردوغان داخل الحزب حالا دون مرور هذه الخطوة بهدوء".
وفي أثناء ذلك، تباينت ردة أفعال الأحزاب التركية البرلمانية تجاه قضية تقديم داود أوغلو للاستقالة، فبينما رأى حزب الشعب الجمهوري الأمر انقلابا على الحكومة والإرادة الشعبية، تهكم حزب الشعوب الديمقراطي عل مسيرة داود أوغلو خلال قيادته للحزب، وأما حزب الحركة القومية فقد بدا وكأنه داعم لما جرى ومستعد لدعم حزب العدالة والتنمية في الخطوات التالية.
وجاءت ردة فعل حزب الشعب الجمهوري على لسان زعيمه كمال كليجدار أوغلو الذي وصف الأمر "بانقلاب قصر الرئاسة على الحكومة التي اختارها الشعب عبر صناديق الاقتراع"، وذلك خلال كلمته الأسبوعية أمام حزبه، حيث أشار إلى أن داود أوغلو اضطر إلى ترك رئاسة الوزراء ليس بإرادة الثلاث وعشرين مليون و500 ألف شخص الذين انتخبوه بل بإرادة شخص واحد يجلس في القصر ويدير ما يريد عبر جهاز التحكم عن بُعد، مضيفًا أن التاريخ سيسجل ما حصل باسم "انقلاب القصر على الإرادة الشعبية بتاريخ 4 أيار/ مايو 2016."
ونوّه كيليجدار أوغلو إلى أنه هاتف داود أوغلو عبر الهاتف، للإعراب "عن آماله الصادقة في صدور نتيجة إيجابية عن اجتماع الهيئة التنفيذية والإدارية العليا لحزب العدالة والتنمية."
ومن جانبه، اتفق حزب الشعوب الديمقراطي، في كلمة لزعيمه صلاح الدين ديميرطاش سبقت اجتماع الهيئة التنفيذية والإدارية العليا لحزب العدالة والتنمية، مع رؤية حزب الشعب الجمهوري، حيث صرح ديميرطاش بأن ما تم في الرابع من مايو هو "انقلاب بكل ما تعنيه الكلمة، ولا يمكن تعريفه بأي تعريف آخر."
وقال ديميرطاش إن "99.9% من أعضاء حزب العدالة والتنمية مبايعون بشكل تام لسيد القصر"، قاصدًا بذلك أردوغان، "وعندما قام ممثل الإرادة الشعبية الذي يمثل نسبة 1% داخل الحزب باتخاذ بعض الإجراءات اعتمادًا على صلاحيته الدستورية، انزعج سيد القصر وأمر على الفور بإقصائه، للأسف نحن نعيش في عصر تحارب به الديمقراطية بشتى الوسائل."
وأشار ديميرطاش إلى أن حزب الشعوب الديمقراطي قال قبل ذلك لداود أوغلو إنه مجرد "متدرب عملي مؤقت" في منصب رئاسة الوزراء، مضيفا: "نصحناه بالإفصاح تكرارًا ومرارًا عن سلطوية القصر، ولكنه لم يصغَ لذلك، واليوم أنصحه من جديد بإفشاء الدور السلطوي الذي قام ويقوم به القصر ضد البرلمان والحكومة".
وذكر ديميرطاش أنه في حالة صدمة شديدة لم يفق منها حتى الآن، "إذ كيف لرجل أكاديمي مفكر مثل أحمد داود أوغلو أن يقبل بأن يضحي بنفسه وتاريخه من أجل الذات الماكث في القصر"، مضيفًا أن "علومه ما يبدو أخفقت في دفعه إلى التدبر قبل الإقدام على هذه الخطوة التي أودت بحياته السياسية."
وبينما هاجم حزبا الشعوب الديمقراطي والشعب الجمهوري قضية استقلال داود أوغلو هجومًا شرسًا، بدا حزب الحركة القومية وكأنه داعم لتلك الخطوة، حيث صرح زعيمه "دولت باهجلي"، خلال كلمته أمام أعضاء الحزب الجمعة الماضية، 6 أيار/ مايو 2016، بأن الشعب لا يقبل برئيس وزراء ضعيف الشخصية، وغير قادر على الدفاع عن صلاحيته التي منحها له الدستور، وعلى ما يبدو فإن الأمر كان لا بد منه، موضحًا أن دعم حزب الحركة القومية السياسي لحزب العدالة والتنمية يمكن أن يتحول إلى دعم قانوني إذا تم الاتفاق على آلية عمل تعاونية مشتركة بين الطرفين.
هذا وقد علق الكثير من الخبراء على كلمة باهجلي مشيرين إلى أن باهجلي ألمح خلال كلمته إلى إمكانية دعمه لحزب العدالة والتنمية في تغيير الدستور والنظام البرلماني، إذ أن الدعم القانوني لا يمكن له أن يعني غير ذلك.
ويُذكر أن وسائل إعلام تركية أوردت، خلال الأسبوع المنصرم، أن شواهد الخلاف القديم الجديد بين زعيم حزب العدالة والتنمية رئيس الوزراء التركي الحالي أحمد داود أوغلو ورئيس الجمهورية زعيم الحزب السابق رجب طيب أردوغان طفت على السطح، عقب سحب هيئة القرار والإدارة المركزية التابعة لحزب العدالة والتنمية سلطة اختيار رؤساء حزب العدالة والتنمية للمحافظات من يد داود أوغلو، إذ وصف البعض تلك الخطوة بالقشة التي قصمت ظهر البعير، وكشفت النقاب عن الخلاف الموجود بين الطرفين.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!