محمود أوفور - صحيفة صباح - ترجمة وتحرير ترك برس
اعتادت تركيا في الآونة الأخيرة، على أنْ تتعرض لهجمات كلما حققت أمورا إيجابية، وهذا لا يمكن أنْ يكون وليد الصدفة، حيث حملت تفجيرات سوروج وأنقرة أهدافا سياسية، وتفجيرات السلطان أحمد كانت تستهدف الاقتصاد.
لا يمكن لهذه الأعمال الجبانة أن تكون صدفة، وهذا ما يقوم به حزب العمال الكردستاني وداعش، وبنفس الطريقة لم تكن تفجيرات مطار أتاتورك الدولي مجرد صدفة، في الوقت الذي تقوم فيه تركيا بتطبيع علاقاتها مع إسرائيل وروسيا من جديد، فهل يعقل ان يكون توقيت هذا الهجوم صدفة؟
من المؤكد أنه لا يمكن لأي منظمة أنْ تجهز لمثل هذا الهجوم في وقت قصير، لكن هذا لا يخفي حقيقة أنّ هذه المنظمات عبارة عن أداة في حروب الوكالة التي نعيشها، ولذلك فإنّ القوى المحركة لها تستطيع التنبؤ بما سيحصل وتجري التحضيرات اللازمة بناء على ذلك، وليس من الصعب عليها أنْ تفعّل الخلايا النائمة التي تتبع لها، فلماذا تختار هذه المنظمات مثل داعش وغيرها، استهداف تركيا؟
الهدف الرئيسي الذي تسعى القوى العالمية إلى تحقيقه، هو القضاء على تأثير تركيا في المنطقة، ولهذا يغضون الطرف عن المجازر التي يرتكبها الأسد في شعبه، ولا يرجع استهدافهم لتركيا بسبب قوتها العسكرية ونموها الاقتصادي فحسب، وإنما بسبب رؤيتها التاريخية وامتداداتها في العالم الإسلامي.
يحاولون من خلال هذه الهجمات، أنْ يزعزعوا النموذج التركي الذي يعد مصدر إلهام لشعوب المنطقة، لكنهم لم ينجحوا برغم كل الهجمات التي تتعرض لها تركيا من الداخل ومن الخارج، ولم يفلحوا في جعلها سوريا جديدة، بل استمرت تركيا لتكون ميناء المنطقة الآمن، ونجحت في إعادة علاقاتها مع إسرائيل وروسيا رغم كل الظروف المحيطة والمعطيات الصعبة، وهذا ما يزعج القوى التي تسعى إلى إعادة رسم خارطة المنطقة، والمنظمات العاملة لديها مثل داعش وغيرها.
أكثر ما يزعج من يُدير منظمة مثل داعش، هو كون تركيا دولة "مسلمة وديمقراطية"، وما بدى واضحا في سوريا، هو أنّ أحدا لم يقاتل داعش بصورة فعالة، والدولة الوحيدة القادرة على فعل ذلك هي تركيا، وهذا ما يخيف القوى العالمية، وهذا هو الكابوس الأسود بالنسبة للأسد أيضا.
لم ينته إلى الآن دور داعش في سوريا، لكن الواضح أنه اقترب من نهايته.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس