ترك برس
نشر الكاتب والباحث الليبرالي التركي مصطفى أكيول مقالا في صحفية نيويورك تايمز الأمريكية كشف فيه الجوانب المظلمة في حركة فتح الله غولن، لافتا إلى أن هناك أسبابا وجيهة تجعل غولن المشتبه الرئيس في محاولة الانقلاب الفاشلة، وليس كما يعتقد الغرب أن هذه الاتهامات نظرية من نظريات المؤامرة الغربية التي يروج لها أردوغان.
وكتب أكيول أن أتباع غولن ينظرون إليه لا بوصفه مجرد رجل دين، كما يدعون علنا، ولكن على أنه "المهدي المنتظر"، كما قيل له بشكل خاص، الذي سينقذ للعالم الإسلامي، وفي نهاية المطاف سينقذ العالم نفسه. ويعتقد كثير من أتباعه أيضا أن غولن يرى النبي محمد ﷺ في أحلامه ويتلقى الأوامر منه.
ولفت أكيول المعروف بانتقاداته اللاذعة للعلمانية المتطرفة والإسلاميين المتطرفين إلى ميزة رئيسية أخرى لحركة غولن وهي التسلسل الهرمي الصارم، فالأئمة يعطون الأوامر لأئمة المستوى الثاني، الذين بدورهم يعطون الأوامر لأئمة المستوى الثالث، الأمر الذي سهل الوصول إلى القاعدة الشعبية.
وتحدث صاحب كتاب "إسلام بلا تطرف" عن أنشطة الحركة الأكثر وضوحا مثل فتح المدارس وإدارة الجمعيات الخيرية التي تقدم الخدمات الاجتماعية للفقراء وتشرف على مراكز الحوار مع الأديان، واستدرك: "لكن، وكما قال لي أحد أنصار غولن المحبطين العام الماضي فإن هناك جانبًا مظلمًا للحركة، وعدد قليل من أعضائها يعرفون ذلك". وعلى مدى عقود، تسللت الحركة في مؤسسات الدولة التركية، مثل قوات الشرطة والقضاء والجيش. ويعتقد الكثيرون أن بعض أنصار غولن، يتلقون الأوامر من أئمتهم، ويخفون هوياتهم ويحاولون الصعود عبر هذه المؤسسات من أجل الاستيلاء على سلطة الدولة.
ولفت الباحث التركي إلى التحالف الذي كان قائما بين حكومة العدالة والتنمية وحركة فتح الله غولن بهدف الإطاحة بالعلمانيين المتشددين الذين سيطروا على الجيش التركي منذ أيام أتاتورك، فشن ضباط الشرطة والمدّعون العامون والقضاة من أنصار غولن حملة مطاردات للعلمانيين. ومنذ عام 2007 اعتقل المئات من الضباط العلمانيين وحلفائهم المدنيين.
وأضاف: "كان أنصار غولن أكثر عدوانية من حزب العدالة والتنمية. والأكثر إثارة للقلق أن بعض الأدلة اتضح أنها مبالغ فيها. وقد كشف صحفيان علمانيان وقائد بقوات الشرطة الأدلة الوهمية، وألقوا باللوم على "جيش الإمام"، فاعتقلوا بسرعة بتهم وهمية".
وقال أكيول إنه عندما سأل صديقا له من أنصار غولن كيف يمكن أن تبرر استخدام أدلة وهمية لإلقاء اللوم على أناس أبرياء، فأجابه: نظرا لأن هدفهم النهائي عظيم، مشيرا إلى الطموح العالمي الكارثي الذي من أجله الغاية تبرر الوسيلة.
وأضاف أنّه اتّضح فيما بعد لماذا كان أنصار غولن متحمسين في اضطهادهم للعلمانيين، فقد أرادوا أن يحلوا محلهم. كان كثير من الضباط الذين شاركوا في محاولة الانقلاب الأسبوع الماضي قد رُفِّعُوا في السابق بفضل حملة تطهير الجيش في عام 2009.
ونوه الباحث التركي إلى التوتر الذي حدث بين أنصار حزب العدالة والتنمية وأنصار غولن، والذي وصل إلى ذروته في كانون الأول/ ديسمبر عام 2013، عندما اعتقل ضباط الشرطة والمدعون العامون من أنصار غولن عشرات المسؤولين الحكوميين في التحقيق بقضية فساد، على أمل إسقاط إردوغان، الذي أدان التحقيقات ووصفها بأنها “محاولة انقلاب”. وفي ذلك الوقت، بدا اتهام أردوغان وكأنه مبالغة لخدمة مصالح ذاتية.
وقال أكيول إن المؤامرة الدموية في 15 تموز/ يوليو جاءت في وقت كان من المفترض أن يخطط فيه أردوغان لتطهير الجيش من أنصار غولن. حدد رئيس هيئة أركان الجيش التركي، الذي عارض الانقلاب، الضباط المتمردين بأنهم من أنصار غولن. حتى أن أحد المتآمرين اعترف بالعمل بناء على أوامر من حركة غولن.
وخلص أكيول إلى أنه إذا نظرنا إلى ذلك كله إلى جانب النظر إلى الهيكل الهرمي لحركة غولن، فإنه يجعل غولن المشتبه به الرئيسي في هذا الانقلاب، داعيا الولايات المتحدة إلى تسليمه إلى تركيا لمحاكمته على أن تشترط الولايات المتحدة على تركيا أن تكون محاكمة عادلة.
وبحسب أكيول فإن هذا من شأنه أن يضمن العدالة، ويحسّن العلاقات التركية الأمريكية ويساعد على تهدئة الحماس الخطير في تركيا. بل إنه قد يكون ضروريا لمساعدة كثير من الأبرياء في حركة غولن لمعرفة حقيقة ما تورطوا فيه، وبدء حياة جديدة كمواطنين أحرار.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!