جلال سلمي - خاص ترك برس

مال الخبير السياسي أفق أولوطاش، رئيس دائرة العلاقات الدولية والسياسة الخارجية في مركز الدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية "ستا" المقرب من حزب العدالة والتنمية، إلى اعتبار الولايات الأمريكية المتحدة الشريك الأول والأساسي لحركة غولن في تحركها الإرهابي، ليذهب بعيدًا عن التحرك الدبلوماسي الذي انتهجته الحكومة التركية التي أكّد أولوطاش أنها تعلم علم اليقين حجم ضلوع الولايات الأمريكية المتحدة في محاولة الانقلاب الأخيرة.

وأكّد أولوطاش، في مقاله "أين أمريكا من محاولة الانقلاب الفاشلة؟" الذي نُشر على صحيفة أقشام، أن جماعة فتح الله غولن عرفت بدعمها لجميع عمليات الانقلاب بلا استثناء، مشيرًا إلى أن مقال سون كاراكول "المخفر الأخير" الذي كتبه زعيم الحركة احتفاءً بقادة انقلاب 1980 الدموي، ما زال إلى الآن منشورًا على الإنترنت، يمكن للجميع الوصول إليه بكل سهولة، ليعرف آليات التملق التي استخدمتها المنظمة لكسب كافة الأطراف السياسية لتركيا، في سبيل تحقيق مصالحها التنظيمية المتضادة مع مصالح تركيا القومية.

وكما أن الدليل الفعلي الواقعي لدعم المنظمة للمنقلبين على مدار السنين الأخيرة، الدعم الذي قدمته الحركة لمنقلبي 28 شباط/ فبراير 1997 ومن ثم انتقاله إلى الولايات المتحدة الأمريكية ليواظب على عمله في دعم الخطط الغير وطنية المساقة ضد تركيا، هكذا يبين مستشار رئيس الجمهورية في إعداد المشاريع الاستراتيجية ثروت هوجا أوغلو، حيث ينوّه إلى أن زعيم الحركة وقف إلى جانب الانقلابيين في أكثر من موقف، أبرزها الثناء عليهم إعلاميًا ومهاجمة أربكان ومطالبته لطالبات الجامعات بخلع حجابهم، بذريعة ضرورة الاستجابة لقرارات السلطة الشرعية الحاكمة.

وعن إمكانية ضلوع الولايات الأمريكية المتحدة في دعم الانقلاب، فيفيد هوجا أوغلو، في تصريح خاص لترك برس، بأن الولايات الأمريكية المتحدة دخلت القاموس السياسي والتاريخي على أنها الداعم الأول لأي انقلاب يقوم حول العالم، مشددًا على أن الانقلاب على "محمد مصدق" في إيران عام 1953، ومن ثم محاولة الانقلاب على الرئيس الفنزويلي "هوغو تشافيز"، وإشادة زعيم مكتب تركيا لدى السي أي إيه آنذاك "بول هانز" بانقلاب 1980، وقوله إن "جنودنا نجحوا في إنجاز المهمة" تعد من أبرز الدلائل على سعي أمريكا تاريخيًا لدعم الانقلابات العسكرية الدموية.

وحول دور أمريكا في محاولة الانقلاب الأخيرة، يوضح هوجا أوغلو أن تأني الولايات الأمريكية المتحدة في إصدار أي تصريح يستنكر المحاولة، يستدعي التأمل في اتباع الولايات المتحدة الأمريكية ذلك الأسلوب الذي أظهرته في 25 كانون الثاني/ يناير و3 تموز/ يوليو أثناء زعزعة الأوضاع في مصر ومن ثم حدوث تغيير حقيقي لرؤوس السلطة.

ويلمح هوجا أوغلو إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية انتظرت حتى سقوط مبارك، ومن ثم ظهرت بثوب ملاك الديمقراطية، ولكن عندما انقلب السيسي وقتل الآلاف في مجزرة مروعة لا تليق بعصرنا الحالي، تحولت فورًا إلى أكبر داعم له، مصرحة عبر وزير خارجيتها جون كيري بأن الإخوان سرقوا الثورة وما يجري الآن هو "عملية إنشاء الديمقراطية من جديد"، وهذا ما ظهر في ليلة 15 يوليو، حيث خيّم الصمت على موقفها، ولكن ما إن أيقنت أن "نموذج الديمقراطية" التي ترنو إليه لم يتحقق، ذهبت فورًا للحديث عن الديمقراطية وضرورة دعمها ضد الانقلاب.

وفي سياق متصل، أشارت صحيفة يني شفق إلى أنه عندما باءت محاولة انقلاب "الحلفاء" بالفشل، ذهبت الولايات الأمريكية المتحدة للحديث عن ضرورة تحلي تركيا بالأخلاق المثالية وأسس دولة القانون تجاه المنقلبين، وبدأت تطالب بقرائن مثبتة تدل على ضلوع جماعة فتح الله غولن بشكل وثيق في عملية الانقلاب، متسائلةً أليست تلك إشارة ملحوظة على حرص الولايات الأمريكية للحفاظ على آخر خادميها في تركيا، لا سيما في ظل تقييم تركيا تلك المحاولة الفاشلة كفرصة للقضاء على كافة معاقل التغلغل الغولني داخل أركان الدولة؟

ويعود أولوطاش بالأذهان إلى ما قبل شهرين، مشيرًا إلى أن مجرم الحرب في العراق "جون هانا" ورجل المخابرات الأمريكية الأسبق "مايكل روبين"، المعروفان بانتمائهما إلى المحافظين الجدد المعروفون بتشددهم ضد دول الشرق، أكّدا في مقالات لهما على أن أمريكا ستتحرك في أقرب وقت ممكن للانقضاض على أردوغان "عدو الديمقراطية"!!

وتعليقًا على ذلك، يؤكّد أولوطاش أن هذين الشخصين لهما دور بارز في الكثير من الحروب الأمريكية المسيرة ضد الشرق، كان أبرزها حرب العراق، كما لهما أنشطة واسعة داخل مؤسسات الدولة الأمريكية، فلا يعقل بأن يصرحا بما ليس لهما به علم.

وأوضحت يني شفق، في تقريرها "قادة أمريكيون خلف عملية الانقلاب" أن الولايات الأمريكية المتحدة لا تدافع ولا تحتضن أحدًا إلا إذا كان مثمرًا جدًا بالنسبة لها، وإن إصرارها على احتضان غولن بعد فشله في إبعاد الحكومة التركية بعد عمليات شرطة غولن في 7 شباط/ فبراير و17 و25 كانون الثاني/ ديسمبر المعروفتان بعمليات "السلام والتوحيد"، ضد حكومة حزب العدالة والتنمية، يدل على عدم انتهاء المهمة المنشودة آنذاك، ولكن الآن بعد الفشل الذريع الذي منيت به الجماعة التي استخدمت بعض مجموعات الجيش للانقلاب في مساء 15 يوليو، يرى مراقبون أن الولايات الأمريكية المتحدة قد تضحي بغولن، أو أنه قد ينقذ نفسه بالهرب من الولايات المتحدة الأمريكية إلى دول أخرى تأتي مصر في مقدمتها.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!