ترك برس
بعد أن تباكوا على الديمقراطية التركية في أعقاب الإجراءات الواسعة التي اتخذتها الحكومة التركية لتطهير مفاصل الدولة من العناصر المنتمية لحركة غولن الانقلابية، عاد معلقون إسرائيليون وتحدثوا عن انقلاب جديد يقوده الرئيس رجب طيب أردوغان لإعادة بناء تركيا من جديد.
وكتب تسفي برئيل محلل شؤون الشرق الأوسط في صحيفة هآرتس، إن تركيا في الوقت الراهن في مرحلة ما بعد الانقلاب التي ستحدد الإجراءات السياسية المقبلة التي يتخذها أردوغان طبيعة الدولة التركية وشكل النظام.
وأوضح برئيل أن حديث زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كليتشدار أوغلو عن ضرورة الحفاظ على روح التصالح والأخوة ستكون دافعا لأردوغان لإجراء تعديلات على الدستور، وإعادة بناء التسلسل الهرمي العسكري، وإصدار تشريعات تشجع أجندته الأيديوليجية، وهي أجندة دينية اجتماعية، على حد زعمه.
وتابع المعلق الإسرائيلي إن الرئيس التركي يسعى إلى تشكيل نموذج جديد للدولة التركية تعتمد قيمها على أسس دينية اجتماعية.
واستبعد برئيل أن تكون الدولة التركية الجديدة دولة شريعة على غرار النموذج الذي حاول الإخوان المسلمون تطبيقه في مصر أو النموذج السعودي، ولكن الإسلام فيها سيكون تعدديا ومصدرا للأخلاق، وبدونه لن تكون هناك هوية وطنية تركية، لافتا في هذا الصدد إلى أن أردوغان عندما زار مصر بعد نجاح الإخوان المسلمين اقترح عليهم تبني النموذج التركي العلماني.
وفي الاتجاه نفسه رأى الدكتور درور مانور في مقال نشره موقع قول براماه أن تركيا تمر في الوقت الراهن بانقلاب ثان، أكثر تنظيما من محاولة الانقلاب الساقط، وأن أردوغان سيبذل أقصى حهده لمنع تكرار هذه المحاولات في المستقبل، بإعادة بناء الجيش، وتطهير أجهزة الأمن ، والمؤسسات التعليمية.
وزعم مرور أن ما أسماه انقلاب أردوغان سيؤدي بتركيا خلال فترة قصيرة إلى التطرف الديني والابتعاد عن أوربا، كما أن هذا الانقلاب سيلحق الضرر بعلاقات تركيا مع الولايات المتحدة، حيث يشتبه أردوغان في تورط أمريكا في دعم محاولة الانقلاب العسكري، وإرسال ضباط استخبارات أمريكيين لمساعدة مدبري الانقلاب.
وفي سياق الحديث عن تداعيات محاولة الانقلاب على السياسة الخارجية التركية ذكرت دراسة أصدرها معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي إن المحاولة الانقلابية ستكون دافعا لتحسين العلاقات بين أنقرة وطهران على الرغم من خلافاتهما الكبيرة حول سوريا.
وقالت الدراسة التي أعدتها جاليا لندنشتراوس الخبيرة في الشأن التركي وسيما شاين المتخصصة في الشؤون الإيرانية إن مسارعة إيران بالتنديد بالانقلاب خلال الساعات الأولى، ووقوفها أإى جانب أردوغان لم يكن مصادفة، لأن الانقلاب أثار مخاوف كثيرة في طهران عن مستقبل العلاقات بين البلدين، وخشيتها من زعزعة أمنها الداخلي في حال نجح الانقلاب.
وأوضحت الدراسة أن محاولة الانقلاب وضعت أمام طهران احتمالات مثيرة للقلق من دخول جارتها المجاورة في صراعات عنيفة يستغلها الأكراد في إيران ، كما ستنعكس على الأقليات العرقية الموجودة في إيران.
وأضافت الدراسة أن الخوف من سقوط نظام إسلامي حتى لو كان سنيا، ينظر إليه في طهران على أنه سابقة خطيرة بالنسبة للنظام الإيراني الذي يتابع بقلق متزايد احتمال قيام انتفاضة شعبية ضده على ضوء الصدمه التي أصابته في أعقاب الاحتجاجات الشعبية ضد تزوير انتخابات الرئاسة عام 2009 .
ولفتت الدراسة إلى أن التغييرات في السياسة الخارجية التركية قبل محاولة الانقلاب كان مصدر قلق لإيران، وأبرزها المصالحة مع إسرائيل، وتحسين العلاقات مع روسيا بعد أزمة إسقاط الطائرة الروسية إلى جانب التقارب بين تركيا والمملكة العربية السعودية خلال العامين الماضيين، واستمرار دعم تركيا والسعودية للمعارضة المسلحة في سوريا ضد نظام الأسد.
وبحسب الدراسة فإن إيران ستسعى لاستغلال حاجة النظام التركي لتحقيق انجازات في سياسته الإقليمية وتحقيق تقدم في الساحة الداخلية، من أجل دفع مصالحها في المنطقة، وفي الوقت نفسه تعزيز العلاقات الثنائية مع تركيا
واستبعدت الباحثتان أن يخرج تحسين العلاقات بين أنقرة وطهران من إطار العلاقات الثنائية بين البلدين إلى مجال التنسيق الإقليمي بينهما، لأنه من المتوقع أن المملكة العربية السعودية لن تتخلى بسهولة عن علاقاتها الوثيثقة مع تركيا والتي وثقتها منذ وصول الملك سلمان إلى الحكم عام 2015 ويتجلى حرص السعودية على هذه العلاقة الوثيقة في استجابتها السريعة لطب أنقرة بتوقيف الملحق العسكري التركي في الكويت للاشتباه في تورطه في محاولة الانقلاب.
ومن جانبه رأى الدكتور يفيجيني كلاوفر الباحث في الشأن التركي في الجامعة العبرية أن الرئيس التركي لن يغير إستراتيجيته في الحرب السورية حتى بعد محاولة الانقلاب الساقط، ولن يقلل من تدخله فيها.
وكتب كلاوفر مقالا عن السياسة الخارجية التركية بعد الانقلاب رأى فيه أن تركيا ستواصل التقارب مع روسيا بعد تخلي الولايات المتحدة والدول الغربية عن تركيا سواء في الواجهة السابقة مع روسيا أو خلال محاولة الانقلاب.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!