ترك برس
تتوقع وزارة الخارجية التركية وفق بيانات نشرتها مؤخرًا أن تصبح تركيا ممرًا لثمانية أو أكثر من خطوط نقل الطاقة بحلول عام 2025، حيث نشرت الوزارة أسماء الخطوط والاتفاقيات الخاصة بتنفيذها، مشيرةً إلى أن مشروع السيل التركي ما زال قيد المفاوضات.
وفي السياق ذاته، أوضح الخبير الاقتصادي إردال تاناس كاراغول أن مشاريع الطاقة المشهودة ليس مهمة بالنسبة لتركيا فقط، بل هي مهمة واستراتيجية لدول العرض التي ستحظى بالمزيد من الأسواق، ودول الطلب التي ستنعم بمصادر متنوعة تزيد تنافسية السعر وتقلل من التكلفة العامة.
"لماذا اختارت الكثير من الدول تركيا كممر لطاقتها النفطية والغازية"؟ يتساءل كاراغول، ويجيب بأن تركيا جسر جغرافي استراتيجي يصل بين قارات العالم القديم ودوله، كما أن موقعها يوفر التكاليف المالية على دول العرض والطلب.
وأضاف كاراغول أن الاستقرار السياسي والديمقراطي الذي تنعم به تركيا مقارنة بالدول الأخرى، يجعلها دولة مرغوبة لدى دول العرض والطلب كذلك.
تتوسط تركيا بموقعها أهم مصادر النفط حول العالم مثل روسيا وأذربيجان وإيران وقبرص وإسرائيل حسب كاراغول، الذي يرى أنه لا يمكن لهذه الدول توريد مصادرها من الطاقة إلى أوروبا والأسواق الدولية إلا عبر تركيا.
وبحسب كاراغول، فإن أذربيجان ستبدأ بنقل غازها الطبيعي المسال إلى أوروبا بحلول عام 2018، أما روسيا فإنها تعمل على قدم وساق لإرساء أطر اتفاقية بدء العمل في مشروع السيل التركي الذي يعتبر بديلها الجغرافي السياسي والاستراتيجي بعد الأزمة الأوكرانية.
وإلى جانب ذلك، كشف كاراغول أنه لا يمكن إغفال رغبة إيران في استخدام الأراضي التركية لنقل غازها ونفطها نحو أوروبا والأسواق العالمية، بعد رفع الحصار الدولي المفروض عليها، مشيرا ً إلى أن التعاون التركي اليوناني في استخراج الغاز الطبيعي من حوض جزيرة قبرص المحتوي على احتياطي ضخم، سيفضي إلى أن تكون تركيا دولة مصدرة وناقلة لمصادر الطاقة في آن واحد.
ورأى كاراغول في مقاله بصحيفة يني شفق "تركيا باتت قريبة لأن تصبح مركزا ً حيويا ً لنقل مصادر الطاقة" أن من المعلوم لدى الجميع سُرعة التقارب التركي الإسرائيلي نتيجة اكتشاف إسرائيل لمصادر الغاز في حوض شرق البحر المتوسط، وهنا ظهر تأثير العامل الاقتصادي على الظروف السياسية.
ونوّه كاراغول إلى أن الدول الأوروبية تستهلك الطاقة بكميات ضخمة وستظل دائمًا دولًا استهلاكية مستوردة، على العكس من تركيا التي مكنها موقعها الجيواستراتيجي من أن تكون دولة عرض وطلب دون أن يكون لديها احتياطي نفط أو غاز طبيعي ضخم.
وأفاد كاراغول أن دول الاتحاد الأوروبي لا تستطيع تقبل حجم العائد الكبير الذي ستجنيه تركيا نتيجة هذه المشاريع، مشيرًا إلى أن دول الاتحاد الأوروبي لا يمكن أن تتقبل نفسيًا "تحكّم" تركيا بشريان حياتهم الرئيسي، لذا تبذل بعض دول الاتحاد الأوروبي جهودًا كبيرة لإفساد تنفيذ بعض هذه المشاريع، ولكنهم حسب كاراغول لن يتمكنوا من ذلك فتركيا أثبتت قدرتها على إدارة هذه الخطوط منذ النصف الثاني من تسعينات القرن الماضي، بالرغم من محاولات زعزعة الأمن والاستقرار.
واستنادًا إلى تحليل كاراغول، فإنه يبدو أن مالك الطاقة لن يكون اللاعب المحدد في سوق الطاقة، بل من يمررها من وإلى، أي الدولة الوسيطة التي توفر ممر الطاقة وبذلك تصبح صنابير تحويل الطاقة بين يديها.
ويُشير كاراغول إلى أن روسيا لن تتخلى عن تركيا في مشروع نقل مصادرها إلى أوروبا، ولن يكون الخط الجنوبي المار عبر بلغاريا بديلًا لها، وذلك بسبب التعاون الاقتصادي الوثيق بين الدولتين والتجربة السابقة التي جمعت بين الطرفين عبر خط السيل الأزرق والوفاء التركي لروسيا، حيث لم تنضم تركيا للحصار الأوروبي المفروض على روسيا، على العكس من بلغاريا التي تحركت بشكل متصل مع الاتحاد الأوروبي وعلقت أي مفاوضات متعلقة بخط السيل الجنوبي.
وبيّن كاراغول أن الوفدين التركي والروسي يعملان بجد للوصول بأسرع وقت ممكن إلى مرحلة توقيع اتفاقية تنفيذ المشروع.
ومن جهته، كان رئيس شركة غازبروم الروسية ألكسي ميلار قد صرح بأن الاتحاد الأوروبي يجب أن يُقدّم طلبًا لتركيا إذا احتاج إلى الغاز الطبيعي، وهذا يدل على أن روسيا، المصدر الأساسي للطاقة إلى أوروبا، قبلت بتركيا ممرًا رئيسيًا لنقل طاقتها، وهذا يدل على أن قبول الدول الأخرى المتعاونة وغير المتعاونة مع تركيا على أنها مركز الطاقة سيتم عاجلًا أم آجلًا، فقبول روسيا، الدولة العُظمى، بذلك سيكون له أثره على الآخرين.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!