برهان الدين دوران - صحيفة صباح - ترجمة وتحرير ترك برس
كثير من الإيديولوجيات والأفكار السياسية في عالمنا تظهر العداء والكره للغرب، فنظرة كلا من التيار اليساري والقومي والأصولي مختلفة من تقارب تركيا من الغرب، حتى أن بعضهم ينتقد هذا التقارب ويصفه بالمؤامرة، وخلف أي مشكلة يكمن مفهوم" أن الغرب هو العدو الأزلي".
في الحقيقة سلك حزب العدالة والتنمية طريقا وسطيا في تعامله مع الغرب بين الصداقة والعداوة، وقد حاول الغرب أن يندمج مع تركيا لكن لم يتم ذلك بسبب الفترات العقيمة التي مرت على علاقتهما أضف إلى أن المصلحة الشعبية فضلت سياسة "انتقاد الغرب"، كما أن العلاقات بين الغرب وتركيا توترت بسبب المشاكل التي أنتجتها أمريكا والاتحاد الأوروبي في المناطق القريبة من تركيا، كمسائل الإرهاب واللاجئين المتعلقة بالاتحاد، ومسائل تتعلق بتنظيمي بي كي كي، وبي ي دي وتنظيم غولن المتعلقة بأمريكا، وبناء على هذا كانت انتقادات رئيس الجمهورية أردوغان لمجلس الأمن وتحذيراته بخصوص الأزمة السورية لا تتعلق بأيدولوجية معينة بل على العكس كانت تخص أقرب حلفاء تركيا غير المهتمين بوضع تركيا.
فقد الاتحاد الأوروبي هيبته بعد عام 2006 وذلك بعدما خسر تركيا بعرقلته لعضويتها وانضمامها له، وزادت شبهات الشعب التركي بعد ذلك تجاه أوروبا وخصوصا حول أمريكا حاليا، وارتفعت أصوات الشعب المعادية لأمريكا بعد أحداث 15 تموز/ يوليو وبسبب مماطلتها في قضية إعادة غولن والدعم الصريح لتنظيم وحدات حماية الشعب.
في الحقيقة المسؤلون الأمريكان لديهم علم بهذا الوضع حتى أن الرئيس أردوغان تطرق لهذا الموضوع في نيويورك خلال المحادثات الجانبية مع المسؤولين الأمريكان، ونظرة واشنطن لأردوغان وحزب العدالة والتنمية تتلخص في أن الأخيران لا يكنان العداء لأمريكا، لكن أردوغان صرح للصحفيين خلال جولته في أمريكا بأن أصل المشكلة "مركبة" أي يقصد أن قرارات إدارة أوباما في السنوات الأخيرة بخصوص الأزمة السورية، وتنظيم غولن، ووحدات حماية الشعب زادت من العداء لأمريكا.
ليس هناك شك في أن انتقادات أردوغان لهيمنة الغرب على العالم أزعجت العواصم الغربية، ولذلك يواصل إعلام الغرب إظهاره بصورة "المزعج"، ولا تستغربوا حتى إذا دعموا تنظيمات إرهابية كتنظيم غولن و بي كي كي لإسكات أردوغان، فضلًا عن طموحهم في جلب نظام تركي جديد على طريقة نظام السيسي.
تهدف انتقادات وتحذيرات أردوغان للغرب وأمريكا إلى منع انفجار القنبلة الموقوتة التي بدأت صافراتها بالإنذار، فمع نهاية ولاية أوباما تشكلت ردة فعل كبيرة في الشرق الأوسط وفي تركيا ردا على قراراته خلال فترة ولايته، فسياساته لم تختلف كثيرا عن سياسات بوش، كما أن الثورات العربية ومأساة الأزمة السورية لا تختلف كثيرا عن احتلال العراق.
كلما زاد عداء الغرب وأمريكا كلما تأثرت البلدان وتركيا واحدة منها، وسوف تستند انتقادات أردوغان على مبادىء الديمقراطية والإنسانية حتى مع قدوم رئيس أمريكي جديد وإدارة أمريكية جديدة.
لا تقتصر مناقشة دور أمريكا الجديد في العالم على الأمريكان فقط، بل إن عواقبه بلاء على كل العالم وبالأخص على دول الشرق الأوسط.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس