الأناضول
بأناملهن الرقيقة يمسكن المسامير ويثبّتنها على اللوحات الخشبية بالمطارق، ثم يغزلن أسلاكا نحاسية رفيعة ملونة بينها ، لتخرج من بين أيديهن في النهاية، لوحات جميلة من فن الفيلوغرافيا أوالرسم بالمسامير والخيوط والأسلاك، سعيًّا لإحياء فن عثماني، كاد أن يندثر ويطويه النسيان.
تقدم الفنانة التركية، شنور دوغان، دورة تدريبية للنساء في خان "ألاجا" الأثري بمدينة طرابزون، شمالي تركيا، ضمن فعاليات مركز ثقافي حكومي، لتعليمهن فن الفيلوغرافيا، فتسهم من جهة في إحياء هذا الفن العثماني الفريد، و من جهة أخرى تستفيد النسوة من العائد المادي لبيع لوحاتهن.
وتضع دوغان لنفسها هدفا طموحا، يتمثل، وفقا لما ذكرته في حوار مع الأناضول، في محاولة إدخال لوحات الفيلوغرافيا إلى كل المنازل، وبالتالي يتم إحياء هذا الفن العثماني العريق.
وتشرح دوغان الخطوات، التي تمر بها لوحة الفيلوغرافيا، بالقول إنه يتم أولا تحضير قالب الشكل المراد رسمه، والذي قد يكون لوحة خط عربي، أو شكلا فنيا، ومن ثم تدق المسامير على حواف الشكل، وبعد ذلك يجري الوصل بين المسامير باستخدام أسلاك نحاسية ملونة، بطريقة فنية، ما يُخرج في النهاية لوحة ذات جاذبية عالية.
وبالإضافة للوحات يمكن أن يستخدم فن الفيلوغرافيا، لتزيين العديد من الأغراض المنزلية كالمرايا، أو المزهريات، أو الصواني.
ويتطلب فن الفيلوغرافيا الكثير من الصبر والأناة، حتى يقال إنه ظهر في السجون خلال العهد العثماني، حيث كان يتسلى به المساجين ، بانتظار انتهاء مدة عقوبتهم.
وتلفت دوغان إلى خاصية أخرى لهذا الفن، تتمثل في تفريغ التوتر والضغوط النفسية لدى المرء، حيث يسهم في تحسين الحالة النفسية، مؤكدة أنه فن مناسب لجميع الأعمار بداية من الأطفال وحتى كبار السن.
وتعبر دوغان عن سعادتها بالرواج، الذي بدأ يحققه فن الفيلوغرافيا، قائلة إنه خلال عامين أصبحت 20 من خريجات الدورة، يبعن منتجاتهن في خان ألاجا للسكان المحليين والزوار الأتراك والأجانب، ويشاركن في مهرجانات في دول أخرى، يقمن خلالها ببيع كميات كبيرة من إنتاجهن.
زينب تشولاك، إحدى المتدربات لدى دوغان، تقول إنها لم تسمع عن فن الفيلوغرافيا إلى ما قبل 7 أشهر، عندما أعجبت بإحدى لوحاته المعروضة للبيع في الخان، وأرادت صنع مثلها، وهكذا بدأت في التعلم.
تشير تشولاك، أن كثيرين يظنون أن هذا الفن خاص بالرجال، بسبب اعتماده على المطرقة والمسمار، إلا أنها تنفي ذلك، وتؤكد أن فن الفيلوغرافيا ليس صعبا، وإنما على العكس، فن ممتع يسهم في التقليل من التوتر ويسهل مزاولته من قبل النساء.
بدورها بدأت عائشة غول كارتال، التدرب على فن الفيلوغرافيا قبل عام، بعد أن تعرفت عليه من أختها. تقول عائشة غول إنها عندما شاهدت طريقة صنع اللوحات لأول مرة، ضحكت كثيرا وأعلنت أنها لا يمكنها كامرأة مزاولة الفيلوغرافيا، ولكنها عندما انتهت من أول لوحة لها، أحبت هذا الفن.
وتعرب عائشة غول عن سعادتها، لأنها تسهم في ميزانية الأسرة عبر بيع لوحاتها، كما تشارك في إحياء هذا الفن.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!