تقرير ديلي صباح - ترجمة وتحرير ترك برس
يوم الثلاثاء ذهب ملايين الأمريكيين إلى صناديق الاقتراع، وأدلوا بأصواتهم لانتخاب الرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة. يمكن القول إن هذه الانتخابات هي أبشع انتخابات رئاسية في الذاكرة الحديثة، فالسباق الانتخابي جمع وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون التي كان عليها أن تواجه فضيحة البريد الإلكتروني لفترة طويلة في مواجهة المرشح الجمهوري دونالد ترامب الذي تعرض للتشهير والشيطنة وتشويه السمعة، وبدا أنه كان يستمتع بذلك. وعلى الرغم من أن كلينتون هي مرشحة المؤسسة الحاكمة وترامب مرشح من خارجها، فإن الناس في جميع أنحاء العالم الذين تتأثر حياتهم بخيارات واشنطن السياسية كانوا متحدين في دعوتهم من أجل التغيير.
على مدى السنوات الثمان الماضية تحول الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، من مصدر إلهام لملايين المحرومين في الولايات المتحدة وحول العالم إلى تجسيد التردد والضعف وعدم الكفاءة. في عام 2008 وعد السيناتور عن ولاية إيلينويز آنذاك بإصلاح صورة الولايات المتحدة في العالم، وإنهاء الحروب في منطقة الشرق الأوسط، وتعزيز المساواة في أمريكا، لكن من الواضح أنه أخفق في مهمته.
عندما دخل أوباما البيت الأبيض، لم يكن لدى الشعب الأمريكي أي رغبة في خوض حرب، وبانتهاء حكمه يعاني العالم بسبب التزامه الشديد بعدم التدخل. تسبب توازن القوى الجديد الذي سعت إدارة أوباما إلى خلقه في منطقة الشرق الأوسط، في أكبر كارثة إنسانية منذ الحرب العالمية الثانية، ومما زاد الطين بله أن أوباما أخفق في اتخاذ الإجراءات اللازمة لإغلاق سجن جوانتانامو الذي كان هدفا أسهل بكثير من تحقيق الاستقرار في منطقة مضطربة ومعقدة.
يرث الرئيس الأمريكي الجديد من أوباما بلدا سيء السمعة غير جدير بالثقة ومتقلبا، وسوف يحتاج الرئيس الجديد من أجل تغيير هذه الأمور إلى اتخاذ بعض الخيارات الصعبة.
إن تحسين مصداقية الولايات المتحدة مسألة مصيرية لاستعادة النظام العالمي، ذلك أنه على الرغم من نجاح إدارة أوباما في العلاقات العامة ومواجهة التمييز، فإنها سقطت كلما واجهت تحديات من الخارج. في العراق أدت عدم رغبة الإدارة الأمريكية في بناء مؤسسات قوية إلى حدوث فراغ في السلطة ما دفع أخيرا إلى ظهور داعش، وفي سوريا أيضا تسبب إخفاق إوباما في فرض خطوطه الحمر إلى تشجيع نظام بشار الأسد على استهداف المدنيين بالأسلحة الكيماوية وقتل مئات الآلاف. تحتاج الولايات المتحدة إلى استمالة حلفائها المحبطين الذين تلقوا درسا مريرا في السنوات الأخيرة.
وإلى جانب التعامل مع مشاكل العالم النامي، يجب على الرئيس الأمريكي المقبل التركيز على وقف صعود اليمين المتطرف في أوروبا، فعلى حين يمكن للعنصرية وكراهية الأجانب والإسلاموفوبيا أن تزيد من قوة المتطرفين في الشرق الأوسط وأماكن أخرى، فإن ضعف الاتحاد الأوروبي بدوره قد يؤدي إلى تطورات تسببت من قبل في اندلاع حربين عالميتين في القرن العشرين.
وأخيرا يجب على البيت الأبيض أن يضمن أن تكون علاقاته مع جميع حلفائه شفافة ومتوقعة، والبرنامج النووي الإيراني مثال جيد على ذلك: فعندما قادت تركيا والبرازيل جهودا لاحتواء طموحات طهران النووية، أبعدت إدارة أوباما الحكومتين لا لشيء إلا من أجل التوصل إلى اتفاق مماثل مع الإيرانيين قبل أن يغادر منصبه. وخلال هذه العملية لم تكتف الولايات المتحدة بإبعاد دولتين صديقيتين، بل إن الإدارة الأمريكية كافأت دولة مارقة على خرقها للقواعد.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!