ترك برس
قال رجل الأعمال والخبير في الشؤون التركية الأستاذ غزوان المصري إنّ العلاقات التاريخية التي تربط مصر وتركيا هي أقوى من التصريحات المضادة لتركيا التي تصدر عن بعض المسؤولين المصريين، وذلك في لقاء له مع ترك برس، أشار فيه إلى أنّ التوتر الذي يشوب العلاقات لعله سحابة صيف تمرّ وتعود العلاقات إلى قوتها فلا بد لتركيا من مصر ولا بد لمصر من تركيا.
وأشار المصري إلى أنّه في حال حدوث تكامل اقتصادي وسياسي واجتماعي بين مصر وتركيا لا بد أنّ المنطقة بكاملها ستتغير، ولا بد أن ينعكس هذا التكامل على العلاقات مع باقي الدول العربية، موضحاً أنّ استثمارات تركية تقارب 2 مليار دولار تدفّقت إلى مصر بعد توقيع اتفاقية التجارة الحرة بين تركيا ومصر عام 2007، وأنّ ما يقارب 840 شركة تركية تعمل في مصر وتوفر 65 ألف فرصة عمل للإخوة المصريين.
ووصف المصري مصر بأنّها الميزان الحقيقي لاستقرار وتطور الدول العربية، قائلاً: "نحن في تركيا لا نريد إلا الاستقرار لمصر".
"أعذروا الأتراك على حساسيتهم تجاه الانقلابات"
لدى سؤاله حول الاستياء المصري سابقاً إزاء الكلمة التي ألقاها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في الأمم المتحدة، قال المصري: أولا أعذروا الأتراك على حساسيتهم الخاصة تجاه الانقلابات العسكرية، فقد عاش الأتراك أربع انقلابات عسكرية أرجعت تركيا إلى الوراء سنوات طويلة، وهذا التمدّن والتحضّر والتطور الذي تشهده تركيا كان من الممكن أن يحدث قبل 50 سنة لولا أول انقلاب على عدنان مندرس عام 1960. ورأى أنّ الانقلابات العسكرية لا يمكن أن تأتي بالخير على أي بلد، ولا يمكن أن تكون وسيلة للتنمية والتقدم.
وبناءً على ذلك قال المصري: "إذا كان هذا موقف الأتراك ممّا حصل في مصر أنا أتمنى أن نفهم الوضع تماما لأنّ ما حدث في مصر يؤلم الأتراك ويؤلم السياسيين الأتراك، لأنّ ما حدث انقلاب على الشرعية وانقلاب على الديمقراطية وعلى الدستور وعلى الصندوق الذي اختار الشرعية". وأشار إلى أنّ الأتراك عانوا سنوات طويلة لكي يكون الصندوق هو الحكم في العلاقات السياسية.
وأضاف أنّ "ما أغضب أردوغان هو أنّ المجتمع الدولي لم يصف ما حدث في مصر وصفاً دقيقاً، وما قام به في الأمم المتحدة هو وضع النقاط على الحروف"، موضحاً أنّ "أردوغان لم يتدخل في شؤون أي دولة وفي ما حصل في مصر، هو ذكّر الأمم المتحدة بوظيفتها الأساسية ألا وهي إحلال الديمقراطية، وأن تعترف بالصندوق كحكم بين الشعوب، لا أن تضفي شرعية على نظام أزاح الصناديق ورأي المواطن واختياره".
"تركيا لا تدعم جماعة معينة أو الإخوان المسلمين"
ولدى سؤاله عن سبب تمسّك تركيا بموقفها من الانقلاب على الرغم من اعتقاد البعض أنّ السابقين على السيسي وهم الإخوان أساؤوا إلى السلطة هم أيضا ولم يكونوا كفئاً لها وربما اعتذرت جماعة الإخوان في لحظة من اللحظات، أجاب المصري بأنّ "تركيا أولاً لا تدعم جماعة معينة أو الإخوان المسلمين وإنّما تدعم كل مظلوم"، مشيراً إلى أنّ "كل مظلوم في العالم الآن يمدّ يده إلى تركيا، وتركيا لن تقصّر في الذهاب إلى هذه البلاد وتقديم المعونات الإنسانية أو أن تفتح لهم أبوابها".
وتساءل المصري: "هل اليزيديون الذين دخلوا من العراق هم إخوان مسلمون؟ أكثر من مليون و600 ألف سوري موجودون الآن على الأراضي التركية هل هم من الإخوان المسلمين؟ هل اليهود الذين دخلوا من إسبانيا إلى تركيا عبر التاريخ هم إخوان مسلمون؟"، مضيفاً أنّ "تركيا حقيقة تفتح أبوابها لكل مظلوم يريد مكاناً آمناً، وهل هذا حلال على لندن وممنوع على تركيا؟ لماذا يلجأ المظلومون إلى لندن ولا أحد يتّهم بريطانيا بهذه الاتهامات، لماذا عندما اتّبعت تركيا سياسة الباب المفتوح نتهم تركيا بهذا الشكل؟".
وأضاف أنّه "ليست هناك مشكلة في مصر بين السيسي والإخوان المسلمين، هناك مشكلة بين الشعب والشباب ومن قاموا بالثورة، هم من عندهم مشكلة مع السيسي وليس فقط الإخوان".
"التكامل الاقتصادي لمصر مع تركيا سيساعدها في الخروج من الأزمة"
ولدى سؤاله حول كيفية فهم وجود توتّر على الجانب السياسي في العلاقات وفي الوقت نفسه تأكيد الجانب المصري على الحاجة إلى العلاقات في الجانب الاقتصادي، قال المصري إنّ التبادل التجاري بين مصر وتركيا قبل اتفاقية عام 2007 كان لا يتجاوز 380 مليون دولار، وبعد توقيعها ورغم برود العلاقات السياسية وصل هذا الرقم إلى 5 مليار دولار، مضيفاً أنّ الاقتصادي التركي يدرك أنّ مصر هي بوابة أفريقيا والدول العربي وأسواق كثيرة جداً، وأنّ هناك ميزات مهمة جداً كرخص الأيدي العاملة والطاقة ولذلك هناك مدن صناعية تركية تعمل في مصر الآن.
كما أكّد على أنّ من شأن هذا التكامل الاقتصادي أن يؤثر على القرار السياسي لكي تعود العلاقات كما كانت أفضل من السابق، مشيراً إلى أنّه لا بد أن يقوم رجال الأعمال من مصر وتركيا بهذا الدول وأن تساعد الدول العربية مصر لتخرج من أزمتها هذه، فهي الآن في أزمة اقتصادية وتحتاج مشاريع اقتصادية، معرباً عن اعتقاده بأنّ البعد الاستراتيجي لتركيا والتكامل الاقتصادي مع تركيا سيساعدها في الخروج من هذه الأزمة.
وقال المصري إنّ النّجاحات الاقتصادية التي حقّقتها تركيا ليست داخليا فقط وإنّما استطاعت الاستثمارات التركية والشركات التركية أن تخرج إلى دول العالم، فهناك أكثر من 2000 شركة تركية في روسيا وفي العراق وفي سوريا وفي مصر والجزائر والمغرب قبل الربيع العربي.
وأضاف أنّ الشركات التركية تُساهم في نقل الخبرة الصناعية التركية وخاصة مع دول العالم العربي والإسلامي، مشيراً إلى أنّ هناك عمقاً استراتيجياً للمنطقة؛ بتكامل قوى تركيا ومصر والخليج العربي وإيران فإنّ من شأن تكامل اقتصادي كهذا أن يغير جغرافية وسياسة واقتصاد المنطقة بالكامل ويَعُم الأمن والسلام والرفاهية، وطالب العقلاء والسياسيين في العالم العربي أن يفكروا بشكل جاد بهذا العمق الاستراتيجي لهذذه القوى، مشيراً إلى أنّه لا يمكن إيقاف القلاقل والحروب ولا يمكن التصدي لما تقوم به إسرائيل إلا إذا تكاملت هذه القوى في المنطقة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!