صحيفة إيزفيستنايا - ترجمة وتحرير ترك برس
في الفترة الأخيرة ناقش الخبراء فرضية انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي من عدمها، كما طُرحت أراء البعض من الخبراء والدبلوماسيين داخل تركيا وخارجها، واستنتج معظمهم أن انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي صار من أحلام الأجيال السابقة، خاصة بعد الخلافات العديدة بين أنقرة وبروكسل حول عديد الملفات.
فالعلاقة المتوترة بين أنقرة وبروكسل لازالت تسير نحو الأسوأ، فمنذ محاولة الانقلاب في جويلية/ يوليو الماضي والاتحاد الأوروبي لا يكف عن توجيه الانتقادات الى السياسة التركية، على إثر التدابير المُتخذة ضد الانقلابين التي اعتبرها الاتحاد الأوروبي غير عادلة.
فبعد أن كان الاتحاد الأوروبي قد وعد تركيا بضمها في نظام التجوال الحر تراجع عن وعوده، إذ أن الحوار بهذا الشأن لم ينتهي إلى الآن باتخاذ قرار حاسم، مما يمكن أن يؤدي إلى انهياره.
وقد دفعت مؤشرات انهيار الحوار مع الاتحاد الأوروبي، الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى إجراء استفتاء حول مواصلة المفاوضات مع بروكسل من عدمها، خاصة و أن برود العلاقات مع الاتحاد الأوروبي قد يهدد بفشل اتفاق الهجرة.
ففي مارس/ أذار الماضي وقع الاتفاق على مسألة اللاجئين بين تركيا والاتحاد الأوروبي، التي تم فيها الاتفاق على احتواء نسبة من اللاجئين القادمين من الشرق الأوسط في الأراضي التركية بشروط معينة، للحد من التدفق الهائل على أوروبا مقابل تحرير تأشيرات دخول الأتراك لأوروبا، إلا أن هنالك عديد النقاط في الاتفاقية التي لم تفي بها أوروبا، ويبدو أنها لن تنفذها حتى في المستقبل القريب.
فوفقا لمصادر ديبلوماسية تركية في بروكسل، فقد تم إلغاء تأشيرات الدخول للعديد من المواطنين الأتراك، على الرغم من أن الاتفاق يقتضي منح نظام تأشيرة حرة لمدة تصل الى 90 يوم.
فبروكسل تطالب أنقرة بإجراء بعض التغييرات في قوانين مكافحة الإرهاب كوسيلة ضغط، أما تركيا فترى أن هذه المسألة مسألة مبدأ لا يمكن المساس بها، خاصة وأن السلطات التركية تقاتل حزب العمال الكردستاني المصنف كمنظمة إرهابية في تركيا على أراضيها، وتدعو أوروبا إلى عدم الدفاع عن الأكراد.
وقد وصل الخلاف بين أنقرة و بروكسل إلى أوجه، توجه الزعيم التركي لمخاطبة شعبه فقال: "هل هذه اللعبة تستحق كل هذا العناء؟".
وحسب مفوضين عن الاتحاد الأوروبي فإن منح الأتراك نظام التأشيرة الحر هو رهين لبعض التنازلات من أنقرة، فيصبح السؤال هنا هل أصبحت مسألة انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي مجرد فرضية؟
ووفقا لما أعرب عنه رئيس المفوضية الأوروبية، جان كلود يونكر، فإن لتركيا الحق في إجراء الاستفتاء، لكن انضمامها للاتحاد الأوروبي يعتمد على مدى جاهزية تركيا لتحقيق ماهو مطلوب منها، كما أكد على ارتباط تحقيق التقدم في هذه المفاوضات بعديد الشروط على غرار احترام سيادة القانون وحقوق الإنسان والحريات الأساسية.
وقد صارت مسألة ضرورة انضمام تركيا الاتحاد الأوروبي من عدمه مسألة للنقاش بين الخبراء الأتراك، وقد بين الخبراء أن هذه المسألة لا تحظى بأهمية كبرى لدى الشعب التركي، وأفصح مستشار رئيس الوزراء التركي عن رأيه بعدم حاجة تركيا للانضمام للاتحاد الأوروبي، فأكد أن المعايير و الشروط التي يفرضها الاتحاد يمكن أن تضر بمصالح تركيا، كما أضاف أن الاتحاد الأوروبي ليس في أفضل أحواله الاقتصادية ويعاني من بعض المشاكل، مما قد يجبر تركيا على التعامل مع هذه المشاكل في حال انضمت للاتحاد.
وقد عرض الأستاذ في جامعة الاقتصاد وخبير العلوم السياسية تورغول إسماعيل، وجهة نظره التي تؤكد أن تركيا رسميا لازالت ملتزمة بالرغبة في الانضمام للاتحاد، أما واقعيا فإن خلافها مع بروكسل يٌنفرها باستمرار من هذا الحلم، أو بالأحرى من حلم الأجيال السابقة.
كما عبر عن اندهاشه من العقوبات الاقتصادية التي فرضها الاتحاد الأوروبي على تركيا، رفضا لسياسة أردوغان مع الصحفيين والمعارضين، وقال أنه من السهل إلقاء اللوم على تركيا، كما أشار إلى رفض أوروبا لتحسن العلاقات مع روسيا خاصة بعد عدم تأييد تركيا للاتحاد الأوروبي في قرار فرض العقوبات على روسيا.
كما أقر محلل سياسي أخر، وهو الأستاذ الجامعي صالح يلماز، بأن انضمام تركيا الى الاتحاد الأوروبي إلى حدود سنتي 2006_2007 كان من الممكن أن يكون مفيدا وناجعا، لكن بعد ذلك لم يعد بتلك الأهمية، فاقتصاد تركيا يسير نحو النمو بينما تترقب أوروبا أزمة وشيكة، كما أكد أن أوروبا تحاول باستمرار عرقلة تركيا بمختلف الأساليب.
بالاضافة إلى دعم أوروبا لحزب العمال الكردستاني المصنف في تركيا وروسيا كتنظيم إرهابي، مما تسبب في رد فعل سلبي لدى الرأي العام التركي، خاصة وأن الشعب التركي لا يؤمن باستمرار وجود الاتحاد الأوروبي بعد خروج بريطانيا.
وأشار الخبير إلى أن عدم وفاء الاتحاد الأوروبي بوعوده يدفع تركيا الى التفكير في إنهاء التعاون، إذ أن تركيا لا يمكن أن تعتمد على الاتحاد الأوروبي كشريك رئيسي لها، فشرعت في اتباع طريقها الخاص للتنمية، والآن من الممكن أن نقول أن تركيا بدأت بالتعاون بشكل رسمي مع روسيا والصين.
كما أكدت المستشرقة أفغينيا باخريفسكايا أن الشعب التركي غير مهتم بتاتا بمسألة انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي، وأشارت إلى أن رجب الطيب أردوغان يتهم أوروبا بالدعم المباشر للإرهاب، مما يؤكد عدم اهتمامه بالانضمام للاتحاد الأوروبي.
وعموما فان الانضمام الى الاتحاد الأوروبي لم يعد من أحلام تركيا، مما يجعل إمكانية التخلي عن هذا الحلم واردا جدا على حسب عديد الخبراء.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!