إمره أكوز – صحيفة صباح – ترجمة وتحرير ترك برس
خرجت علينا الولايات المتحدة الأمريكية قبل فترة، بتصريح مفاده أنّ عين العرب "كوباني" لا تشكل بالنسبة لها أهمية إستراتيجية في محاربة تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)"، لكن ما الذي حصل ليجعل الأمريكان يشنون هجمات صاروخية قوية، ولاحقا بتزويد المقاتلين من "وحدات الحماية الشعبية" (YPG) بالسلاح والذخيرة وبالمستلزمات الطبية؟
عندما بدأت الحرب الداخلية في سوريا، أعطى بشار الأسد للأكراد السوريين السيطرة على المناطق التي يعيشون فيها، فيما يشبه الحكم الذاتي، هذه المناطق يُطلق عليها اسم "كانتونات"، وفي هذه الكانتونات كانت السيطرة لحزب الاتحاد الديمقراطي (YPD) ذراع حزب العمال الكردستاني، وكذلك لقوات وحدات الحماية الشعبية الكردية (YPG).
هذه الكانتونات التي تقع على الحدود التركية مثل عين العرب "كوباني" وعفرين، كانت مثل الجزر التي تفصل بين العرب السوريين، وهؤلاء –أي الأكراد- كان من الممكن التضحية بهم في ظل الصراعات والنزاعات المسلحة القائمة هناك. وثم ومع انتهاء الفوضى القائمة، كان بالإمكان نقل هؤلاء السكان الأكراد إلى كانتون الجزيرة الذي يقع في شمال شرق سوريا.
كان تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" الذي تكوّن من العرب السنة بسبب ما تعرضوا له من اضطهاد وعنف خلال الأحداث الجارية في كلا البلدين، كان يريد – أي داعش- القضاء على هذه الكنتونات الكردية لعمل تطهير عرقي كامل، ومسحهم عن الوجود هناك.
لكن حدث ما لم يكن يتوقعه أحد، وهو أن الجنود الأكراد في عين العرب "كوباني"، نجحوا في مقاومة عساكر تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)" والذي يتفوق عليهم بقوة العدة والعداد.
هذا النجاح في التصدي لارهاب داعش من قبل الجنود الأكراد، جعل الولايات المتحدة الأمريكية تنظر إلى المسألة بطريقة مختلفة، فالقناعة التي وصل إليها الأمريكان، هي أنّ الأكراد وحدهم قادرون على هزيمة تنظيم "داعش"، برغم ما قام به الأخير من السيطرة على الموصل كلها بعساكر وصل عددهم إلى 1500 جندي فقط، والذي جعل الجيش العراقي المركزي المكوّن من 30 ألف جندي أضحوكة في العالم أجمع.
بدأت الآن القوات البرية التي كانت تحلم أمريكا بها بالتشكّل على أرض الواقع، وهكذا بدلا من الاعتماد على "الإسلاميين المتعلمين المعتدلين"، وهذا ما رفضته وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA)، أصبح الأمريكان يرون أنّ دعم الأكراد في هذه المرحلة هو الأكثر صوابا وتحقيقا لمصالحهم.
هذا التغيّر في وجهة نظر الولايات المتحدة الأمريكية، جعل أنقرة التي كانت تشاهد الأحداث في عين العرب "كوباني" من وراء الحدود، جعلها تنتقل إلى الخطة "ب"، وبسبب ذلك أعطت القوات البشمركية القادمة من كردستان الإذن لتقديم المساعدات لكوباني. لكن السؤال لماذا انتقلت أنقرة إلى الخطة "ب"؟
الطرفان كرديّان، سواء أكان حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD)، أو حكومة كردستان العراق متمثلة ببرزاني، لكن الفرق بينهما هو أنّ أحدها يجلس في سدة الحكم، وانطلاقا من هذا المبدأ، وتذكيرا بأنّ أنقرة (حاليا) تدعم حُكم البرزاني صاحب النفوذ النفطي والمالي في المنطقة، سنصل إلى نتيجة مفادها أنّ هدف الخطة الثانوية لأنقرة والتي بدأت بتنفيذها، هو القضاء على حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD)، والذي لم يستطع تنظيم "الدولة الإسلامية" القضاء عليه، ترى أنقرة أنه سيتم القضاء عليه عندما يحين الوقت لذلك من قبل حكومة البرزاني نفسها، ولهذا بدأت أنقرة بتنفيذ الخطة "ب" منذ هذا اليوم.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مواضيع أخرى للكاتب
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس