برهان الدين دوران - ديلي صباح - ترجمة وتحرير ترك برس
بينما يختار الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، فريق إدارته، استانفت الطائرات الروسية قصفها العنيف على حلب حيث فقد آلاف المدنيين حياتهم. يشبه الوضع في شرق حلب اليوم، من نواح كثيرة، الوضع في غروزني في عام 2000 تقريبا. كان ثمن إخفاق سياسة الرئيس الأمريكي باراك أوباما في سوريا السماح لروسيا بالسيطرة على البلد الذي مزقته الحرب.
على مدى مدة طويلة لم تخفق الولايات المتحدة فحسب في دعم المعارضين المعتدلين في سوريا، بل إنها منعت فعليا دول الخليج من مساعدتهم. أما اليوم فإنه ما يزال من غير الواضح ماذا تعتزم إدارة ترامب التي تتكون عموما من عسكريين سابقين، القيام به بشأن سوريا. وفقا لخبراء ومحللين، هناك خياران مطروحان: يمكن للرئيس الأمريكي المقبل أن يتعامل مع جميع المعارضين على أنهم "متطرفون إسلاميون" وأن يمد يده إلى نظام بشار الأسد. أما الخيار الآخر فإنه قد يستنتج أن الروس لديهم تأثير كبير للغاية في سوريا، فيتخذ إجراءات لإحداث توازن في الموازين لصالح واشنطن. وعندما يحين الوقت الذي سنكتشف فيه موقف الإدارة القادمة من سوريا، فإن أهل حلب يمكن أن يكونوا قد أبيدوا. وبعد أن تخلت عنهم الولايات المتحدة كثيرا، تحول المعارضون المعتدلون إلى تركيا لتسهيل المفاوضات مع الروس.
وعلى الرغم من أن هدف المحادثات السرية إنهاء الحصار، فإن القصف الروسي والتقدم السريع لقوات النظام في شرق حلب يشيران إلى أن المعارضين بدؤوا يفقدون السيطرة على المنطقة. وفي الوقت نفسه يقول الروس للمعارضين ما سبق أن قالوه للأتراك : إن لم تخلوا حلب وترحلوا إلى إدلب فإن المذبحة ستستمر. وغني عن البيان أن مجلس الأمن الدولي عاجز عن القيام بشئ أكثر من التسول لموسكو حتى لا يتحول شرق حلب إلى أكبر مقبرة في العالم. وفي الوقت نفسه يعمل الأتراك بجد لوقف إراقة الدماء في حلب، فقد أكد الرئيس، رجب طيب أردوغان في سلسلة من الاتصالات الهاتفية مع نظيره الروسي، على ضرورة إيجاد حل قبل تفاقم الأزمة الإنسانية.
وبينما تحاول قوات النظام المدعومة من روسيا انتزاع حلب، فإن المقترح التركي بإقامة منطقة آمنة في شمال سوريا، والتقدم نحو مدينة الباب معقل داعش قد أجج التوترات مع أطراف ثالثة. ولكي أكون واضحا فإن روسيا وأمريكا لا يرغبان في أن يحرر الجيش السوري الحر المدينة. وفي الوقت نفسه ما يزال من غير الواضح الخطوات التي ستتخذ ضد وحدات الحماية الشعبية الكردية "بي واي دي" وحزب العمال الكردستاني في شمال سوريا. وعلى الرغم من أن مجلس الأمن القومي التركي عمل خلال اجتماعه الأخير على وضع خطة لإجبار وحدات الحماية الشعبية والعمال الكردستاني على الخروج من عفرين ومنبج وسنجار، فإنه ما يزال على الأتراك إقناع موسكو وواشنطن قبل اتخاذ إي إجراءات ملموسة. ويبقى في النهاية أن الروس غير مرتاحين لفكرة أن توجه تركيا ضربات لأهداف تابعة لوحدات الحماية الشعبية في عفرين. وفي الوقت نفسه فإن إدارة أوباما غير مستعدة لأن تفي بوعودها بإجبار وحدات الحماية الشعبية على الخروج من منبج.
وعند هذه النقطة من الصواب أن يقال إن نظام الأسد يزداد قوة على الأرض، وأنه يريد أن يتحول سقوط حلب إلى نقطة تحول في الحرب الأهلية.
إن سقطت حلب، فإن دمشق ستكون قد استعادت السيطرة على جميع المدن الرئيسة في سوريا بعد سنوات من القتال. وعلى الرغم من أن المعارضين سيواصلون محاربة النظام في أماكن أخرى مثل إدلب وضواحي حماة وحمص، فإن موقفهم في محادثات السلام سيضعف ضعفا واضحا. وباستبعاد المعارضين المعتدلين من المشهد، ستتحول دمشق أخيرا ضد وحدات الحماية الشعبية الكردية في محاولة لإنهاء الحرب الأهلية.
وحتى إن سقطت حلب، فمن غير المرجح أن تلقي جماعات المعارضة التي تقاتل نظام الأسد أسلحتها وتستسلم. السيناريو الأكثر ترجيحا هو أن يتبنى عشرات الآلاف من المقاتلين تكتيكات حرب العصابات لمنع النظام من استعادة السيطرة على سوريا، حيث سستصير الميزة الواضحة للضربات الجوية للنظام غير فعالة. الجانب السلبي فقط هو أن الحرب الأهلية السورية قد تصير أكثر دموية.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس