جلال سلمي - خاص ترك برس
أوضح الباحث المتخصص في شؤون الشرق الأوسط "عثمان علي" أن ليس هناك أي جهة كردية رفيعة المستوى علقت على فوز الرئيس الأمريكي المنتخب حديثًا دونالد ترامب بشكل علني، إلا أنه أكّد، في مقاله المنشور عبر مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية "أورسام"، أن الساسة في إقليم شمال العراق يتفاءلون خيرًا بقدوم ترامب، معتقدين أنه قد يسمح لكيانهم بإعلان الاستقلال الدائم.
وبيّن علي أن تفاؤل الإقليم انعكس على الواقع بإرسال رئيسه مسعود بارزاني، ورئيس وزرائه نيجيرفان بارزاني برقيات تهنئة للرئيس المنتخب ترامب، أيضًا كان لتصريح رئيس دائرة العلاقات الخارجية في الإقليم فلاح مصطفى مع صحيفة أرا نيوز، والذي قال فيه "نريد تطوير علاقات الشراكة الاستراتيجية مع الولايات المتحدة كدولة صديقة وحليفة"، صدى آخر يعبر عن مدى النظرة الإيجابية للإقليم حيال فوز ترامب، حسبما ما يوضحه علي.
وبالاستناد إلى مقال الباحث، فإن التفاؤل الكردي العراقي متعلق بمسار الحزب الجمهوري الذي يراه الإقليم على أنه أكثر فائدةً له مقارنة بالحزب الديمقراطي، وأيضًا بشخصية الرئيس ترامب الذي يأمل الإقليم الاستفادة من رغبته في دعم الأقاليم ذات الإدارة الذاتية القوية لإعلان استقلالها بالكامل.
ويزيد تفاؤل الأكراد العراقيين، طبقًا لعلي، بسبب التصريحات الشديدة التي قام بها ترامب خلال حملته الانتخابية متوعداً إيران بإلغاء "الاتفاق النووي" والعودة إلى محاربتها سياسياً واقتصادياً، فبذلك يشعر الإقليم بالاطمئنان لفلول خطر معارضة إيران لتحركهم نحو الاستقلال.
وبالنسبة إلى الروح النفسية لشخصية ترامب، الذي يبدو أنه يرغب في منح الحلفاء المخلصين مكافآت تساهم في استمرارهم ضمن إطار القطب الأمريكي، وهذا ما يجعل الإقليم يشعر في المزيد من التفاؤل حيال تسلم ترامب مقاليد الحكم الأمريكية.
وأكّد علي أنه بالرغم من درجة التفاؤل العالية التي يبديها الإقليم، فإن احتمالية تدخل تركيا أو إيران لمنع استقلال الإقليم بالكامل تبقى واردة وتلوح في الأفق، موضحًا أن إدارة ترامب تعلم أن تركيا تملك علاقات استراتيجية مع إقليم العراق، لكنها قد لا توافق على استقلاله بشكل كامل، وإنما قد تقبل بتشكيل كيان كونفدرالي يساعده في التحرك الداخلي والخارجي وفقًا للمصلحة المركزية للعراق، وذلك خشية تحوله إلى حاضنة أكبر لقوات حزب العمال الكردستاني الذي قد تتحرك غريزته الانفصالية نحو توسيع إطار عملياته، محتذياً بالنموذج التاريخي لإقليم الشمال العراق الذي بدأ نضاله على شكل جماعات مسلحة وغدا، اليوم، دولة مستقلة.
وأشار علي إلى أن استقلال الإقليم بالكامل يؤثر سلبًا في الأمن القومي لإيران أيضًا، كونها تحتضن نسبة لا بأس بها من المواطنين الأكراد، وتتخوف من أن يتسبب استقلال الإقليم في فتح نوافذ أمام دول عدة ترغب لفرض سطوتها في العراق، مقابل لجم التوغل الإيراني.
وعلى صعيد أكراد سوريا، فقد أشار علي إلى أنه وفقًا لمتابعاتهم، فهم يُبدون تخوفًا شديدًا من عزوف ترامب عن دعم قواتهم المقاتلة ضد "داعش"، والتحالف مع تركيا كونها دولة قوية على الصعيد الإقليمي.
لم تصرح إدارة ترامب إلى حد الآن، بأيٍ من التصريحات التي تساعد في فهم الموقف الأمريكي الحقيقي من دعم قوات الحماية الكردية، إلا أن مقال الكاتب يوحي بأن إدارة ترامب التي تهدف للإبقاء على وحدة سوريا، واستقرار المنطقة، والابتعاد عن الاصطدام مع الحلفاء الإقليميين الأقوياء، كتركيا مثلاً، ويدفع بهم نحو عقد خناصر الاتفاق مع دول منافسة للولايات المتحدة، مما يجعل التكاليف السياسية والاقتصادية باهظة بالنسبة للمصالح الأمريكية، وبالأخص في ظل رسم ترامب لإرساء سياسة الاعتماد على الأعمدة القوية حول العالم، كبديل للتحرك الأمريكي المباشر الذي يكلف الولايات المتحدة الكثير "بلا فائدة".
وأوضح علي أن الصورة ما زالت غامضة، إلا أن المجلس الوطني الكردي، المناهض لحزب الاتحاد الديمقراطي، والمحالف لتركيا، اعتبر فوز ترامب أمراً إيجابياً يصب في صالحه، حيث يعتبر بأن تصريح ترامب، أثناء حملته الانتخابية، عن رغبته في تقريب وجهات النظر، يدعم أهدافه، أهداف المجلس الوطني، الرامية إلى إرساء اتفاق يُبقي سوريا موحدة، ويُبقي المجتمع الكردي السوري داخل إطار هذه الدولة الحامية لحقوقهم السياسية والإدارية والاقتصادية والاجتماعية.
بالمحصلة، أكّد علي أنه ليس من الصواب التأكيد على دعم إدارة ترامب الكامل لاستقلال إقليم شمال العراق، أو الحديث عن قطع الدعم الأمريكي بالكامل عن حزب الاتحاد الديمقراطي في عهد الإدارة المذكورة، إلا أن الشواهد الأولية، بحسب رؤيته، توضح أن إدارة ترامب قد تزيد من تحالفها مع إقليم شمال العراق، لكن إن كان استقلاله سيسبب العديد من الخلافات الإقليمية قد تتخلى عنه، وقد تتجه صوب تخفيف الدعم المقدم لحزب الاتحاد الديمقراطي.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!