ترك برس
بدأت البارحة في ساعات متاخرة من الليل حملة اعتقالات من قبل قوات مكافحة الإرهاب التركية، كان مركزها إسطنبول و24 مدينة أخرى، وشملت نحو 52 شخصاً من مسؤولي الشرطة الذين كان لهم يد في تحقيق ملف "مجموعة توحيد السلام"، كما شملت مسؤولين رفيعي المستوى.
ملفّ "مجموعة توحيد السلام" هو لقضيّةٍ اعتُقِل فيها مسؤولون في الحكومة التركية قبل أشهر من انتخابات البلدية السابقة، عبر أدلّة جُمِعت عن طريق التنصت على مُكالماتهم الهاتفية بطريقة غير قانونية من قبل ما يُسمّى الآن "التنظيم الموازي (جماعة غولن)". ومن بين الاشخاص الذين تم التنصّت عليهم كوادر تعليمية في الجامعات وسياسيون وصحفيون وصل عددهم إلى 2280 شخصية، حيثُ اعتُبرت أفعال التّجسس هذه مخالفةً للقانون.
اعتقالات على مرحلتين
ويواجه المعتقلون تُهم انتهاك سرية الحياة الخاصة وسرية التحقيق، والتنصت غير القانوني على مكالمات شخصيات مهمة، وتزوير وثائق رسمية، ودسّ أدلة كاذبة في التحقيقات مع شخصيات مهمة لإلحاق الضّرر بها، وخدمة أجندات أطراف سياسية خارجية تريد تشتيت البلاد.
وكانت الاعتقالات على حملتين اعتُقل في الأولى 40 شخصاً، 29 من إسطنبول و11 من المدن الأخرى. وبعد ساعات قليلة من الحملة الأولى، بدأت الحملة الثانية التي قام بها فرع "مكافحة الجرائم المُدبّرة"، وتم فيها اعتقال 15 شخصية من 16 مدينة، وتفتيش بيوت بعض المعتقلين. وكانت تُهَم هؤلاء استخدام المنصب لأعمال سيئة، وتزوير أوراق رسمية مهمة، وتعطيل نظم المعلومات، واستغلال المعلومات المتعلقة بأمن الدولة بطرق غير قانونية وتسليمها لجهات معينة.
وقد تم في حملة الاعتقالات هذه إجراء ما يقرب من 200 عملية تفتيش، شملت حتّى مراكز للشرطة. وكان من ضمن المعتقلين شخصيات كانت متورّطة في حوادث حديقة "غيزي بارك" التي وقعت العام الماضي.
ماهيّة التنظيم الموازي
التنظيم الموازي، أو ما يُعرف بجماعة غولن، موجودٌ في ثغرات مؤسسات الدولة، وهو تنظيم سريّ متغلغل في الأمن والاستخبارات والقضاء، ويُشبّهه البعض بأنّه دولةٌ داخل الدولة، في حين يرى آخرون أنّه يعمل لصالح أطراف سياسية تخدم مصالح غربية، حيث يربط بعض رسامي الكاريكاتير الأتراك هذا التنظيم بألمانيا والولايات المتحدة على سبيل المثال.
وظهر مؤخراً خلافٌ بين الحكومة التركية وجماعة غولن، بسبب قيام هذا التنظيم بأعمال تهدق لإسقاط حكومة حزب العدالة والتنمية. ويرى محلّلون أنّ اتّجاه حكومة العدالة والتنمية للحفاظ على استقلالية النّظام السياسي والدولة التركية بشكل يحمي الشعب والدولة من أخطار السياسة الخارجية، أزعج بعض الأطراف الإقليمية وعرقل بعض مصالحها في المنطقة، ليقود ذلك إلى تقاطُع لمصالح هذه الدول مع التنظيم الموازي، الذي بدأ بتحريك خلاياه داخل الدولة لتتسبّب بتوتر وارتباك داخل الدولة وتُعرقل مسيرة حزب العدالة والتنمية. وقد وصلت آثار هذا الارتباك إلى خسارة الاقتصاد التركي عشرات مليارات الدولارات قبل انتخابات البلدية الماضية.
ويُحمّل عدد من السياسيين في الحكومة التركية وكُتّاب الرأي المقربين منها "التنظيم الموازي" مسؤولية تسريب تسجيلات لاجتماعات حكومية بالغة السرية والحساسية، حيث يذهب بعض الكُتّاب إلى أنّ التنظيم وضع أجهزة تنصت في أماكن حساسة في الدولة، منها مكتب رئيس الوزراء، لكي يتجسسوا على مكالماته ولقاءاته مع الأطراف التي يعمل معها.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!