سمير صالحة - خاص ترك برس
لا يمكن لدولة عريقة مثل ايران عاشت الاف السنين وحكمت العديد من المناطق وبنت تحالفات اقليمية ودولية باتجاه السلم والحرب عبر التاريخ ان تكون قد سقطت في فخ النظام السوري الذي استقوى دائما بها وهي تعرف انه حول بلاده الى ركام واطلال ثم تتقدم هي لتقول انها تحمي سوريا و الشعب السوري من الاعتداءات والمؤامرات التركية العربية الغربية.
ما الذي يجمع طهران ودمشق حتى الاستماتة على هذا النحو؟
عروبة ايران ام اشتراكيتها وبعثيتها وتقدميتها ام اسلامية النظام السوري وولائه المطلق لقم نيابة عن الغالبية السنية في سوريا؟
المسألة ستتوضح في القريب العاجل .. غضبة ايران سببها اما انها حصلت على كل ما تريد من واشنطن وموسكو وبعض اللاعبين الاقليميين بسبب العناد التركي الذي فشل البعض في تليينه فوجد الطريق الى طهران اقصر واقل كلفة وخطورة بعدما سارعت هي لتنفيذ المهام الطلوبة منها . واما انها شعرت بالخطر القريب المحدق الذي يحاصرها بسبب دعمها اللامتناهي لنظام يحاصره المجتمع الدولي من كل صوب ورطها في مصيدة لن تخرج منها بمثل هذه السهولة فقررت تحميل تركيا المسؤولية الاولى كونها بين اهم من " خربط " حساباتها وقلب معادلاتها راسا على عقب.
هي المرة الاولى منذ عهد السلطانين سليم الاول وسليمان القانوني التي تتحرك فيها ايران لتوجيه رسائل التهديد العلني والمباشر للاتراك بعدم تجاوز الخط الاحمر الذي تعرفه على الشكل التالي : اي دخول عسكري تركي الى سوريا سيعتبر من قبلها خرقا للقانون الدولي والاتفاقيات والمواثيق الدولية وهي لذلك سترد باتجاه التصدي للعدوان التركي على دولة جارة . هل القانون الدولي وما تتحدث عنه من مواثيق يعطيها هي حق الرد واطلاق تهديدات من هذا النوع ؟ وهل ستتحرك عسكريا الى جانب دمشق اذا ما قررت الاخيرة تنفيذ تهديداتها لتركيا بسبب المساس بالسيادة السورية بعد السماح للجيش السوري الحر وليس البشمركة الكردية بدخول اراضيها باتجاه كوباني
طهران التي تلوح بالقانون الدولي هذه المرة في وجه التحالف وتدعوه للالتزام بقرارات الامم المتحدة التي انتقدتها لسنوات طويلة سيذكرها احدهم حتما بموقفها القانوني الذي تتبناه لحماية نظام الاسد اليوم وكذلك في سياستها العراقية والسورية واللبنانية.
طهران ايضا بدات تقلد ما فعله النظام السوري لسنوات التلويح باسلحتها الاستراتيجية الجاهزة للانطلاق باتجاه المدن التركية بعدما غيرت مواقعها واحداثياتها ولم تعد اسرائيل هدفا مع انها وعدت ان السلاح لن يستخدم ضد دولة مسلمة . انقرة تعض على اصابعها في هذه الاونة فهي التي كانت السباقة في التوسط واطلاق المبادرات لتسهيل عمليات التسلح الايراني ومحاولات فك عزلتها دفاعا عن جار وصديق.
طهران وعلى لسان قادتها السياسيين والروحيين تدعو انقرة لعدم الاقتراب كثيرا من الحدود السورية مع انها هي التي فعلتها قبل عامين تقريبا عندما كانت تحمي حكومة المالكي وتحاول توجيه الرسائل لحكومة العدالة والتنمية تتهمها بلعب ورقة اسرائيل ضد العالم الاسلامي والمشروع التركي الاقليمي الهادف لاسقاط انظمة وبناء اخرى. هي تقول انها ستدعم اكراد كوباني وتدافع عن حق حزب العمال الكردستاني في الوصول الى البلدة للقتال الى جانب اخوتهم هناك لكنها هي ايضا من تعهد رسميا بتوصيف العمال والناشطين الاكراد في الداخل الايراني بالمنظمات الإرهابية .الاحتمال الاقرب هو ان ايران تريد ان تفتح دفاترها القديمة جدا وان لا تخرج من المولد بدون حمص وتريد ان تكون جارنا الجديد من الجنوب بعدما نجحت في الاقتراب من الحدود الجنوبية الشرقية في اربيل عسكريا وسياسيا . لم نعد نفهم هل المشروع هو كردستان الكبرى ام التمدد الايراني عبر سوريا والعراق لمجاورة تركيا؟
الترجمة العملية لهذا التصعيد الايراني جاءت الاسبوع المنصرم بعد رفض التراجع عن قرار الرسوم المرتفعة التي تفرضها على الشاحنات التركية التي تعبر اراضيها رغم كل الوعود المقدمة فسارعت للرد على خطوة المعاملة بالمثل التركية برفع الرسوم الى الضعفين وزيادة سعر المحروقات الايرانية الذي تلزم به هذه الشاحنات . ثم اعقبها التهديد اليومي بالكشف عن الوثائق التي تملكها حول التعاون بين انقرة وداعش اذا ما تحركت الاخيرة للكشف عن ما بيدها من مستندات حول التعاون الايراني مع قيادات القاعدة وتدريبها وتسليحها وتكليفها القيام بعمليات لحسابها كبدل اتعاب.
ترى لمن كانت موجهة رسالة مساعد وزير الخارجية الايراني عندما " بق " بحصة الامن الاسرائيلي المعرض للتهديد في حال سقوط نظام الاسد لواشنطن ؟ للوبي الاسرائيلي في العالم باستعدادها لحماية مصالحه من خلال حماية نظام الاسد ؟ ام هي رسالة لدول المنطقة انها اتفقت مع تل ابيب دون ان تفاوضها على تقاسم المصالح الاقليمية والغنائم بعد الانتهاء من حرب داعش وانجاز المشروع الحوثي في اليمن واكمال عملية الهيمنة على العراق؟
إيران تقول انها لا تتمسك بالنظام السوري لكنها ترفض اسقاطه من قبل الارهابيين فمن هو المعني هنا؟
هي تتحدث عن تحالفات تركية قطرية وهمية في حروب الطاقة لقطع الطريق على خطوط الامداد الايرانية . ربما هي لا تريد لانقرة ان تنوع مصادر احتياجاتها الغازية وان تبقى تحت رحمتها هي وروسيا لمحاصرة قراراتها السياسية.
هي تريد لعب ورقة داعش والاكراد والغاز والنظام السوري وتحالفها مع روسيا وحماية بغداد والارقام التجارية في علاقاتها مع انقرة ثم تتهم تركيا بالتخريب!.
اصوات في ايران حدثتنا مؤخرا عن " الدور التخريبي " لتركيا وهو كلام كنا نسمعه في الصغر من قبل وسائل الدعاية الحربية الاسرائيلية ضد المقاتلين الفلسطينيين فهل قررت ايران ارتداء الجزمة الاسرائيلية في المنطقة بينما تحولنا نحن الاتراك الى مخربين يستحقون القتل؟
لم يدلنا الاعلام الايراني او المحسوب عليه في الدول العربية على عنوان القنصلية الداعشية في اسطنبول بعد رغم كل التطبيل والتزمير حول خبر فبركه اعلام يساري متطرف متعاون مع النظام السوري في تركيا.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس