يشار ياكيش - أراب نيوز - ترجمة وتحرير ترك برس
تمر العلاقات التركية الإيرانية بأزمة جديدة بعد تصريح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في الرابع عشر من فبراير/ شباط الذي قال فيه إن إيران تدعم القومية الفارسية.
وتبعه تصريح وزير الخارجية، مولود جاويش أوغلو الذي أشار إلى سياسة إيران الطائفية في المنطقة، ثم ذهب المتحدث باسم الخارجية التركية، حسين مفتي أوغلو، أبعد من ذلك بالقول إن الاتهامات الإيرانية لتركيا بدعم الإرهاب غير مقبولة ولا مفهومة.
ردت إيران بتصريح لوزير الخارجية جواد ظريف اتهم فيه الحكومة التركية بأن لها ذاكرة ضعيفة "حيث يتهمون الجمهورية الإسلامية بالطائفية، وكأنهم تناسوا موقفنا ليلة حدوث الانقلاب العسكري الأخير، وكيف أننا بقينا نتابع الأوضاع حتى الصباح، رغم أنها ليست حكومة شيعية".
وذهب المتحدث باسم الخارجية الإيرانية خطوة أبعد من ذلك بالقول إن إيران لا ترغب في وجود مثل هذه التصريحات، وإنها ستواصل الصبر على هذه المهاترات، إلا أن لصبرها حدودا"، كما استدعت الخارجية الإيرانية السفير التركي للاستيضاح.
ليس التوتر في العلاقات بين البلدين جديدا، ولن تكون هذه هي المرة الأخيرة، لكن في كل مرة حدث فيها توتر توصل الطرفان في النهاية إلى تسوية مؤقتة. ومن الجدير بالذكر أن الحدود التركية الإيرانية تعد واحدة من أقدم الحدود الدولية، حيث رسّمت في معاهدة قصر شيرين في عام 1639، ولم تتغير الحدود شبرا واحدا خلال 380 عاما، وهذا دليل على استقرار العلاقات بين البلدين.
ومن قبيل المصادفة المؤسفة أن هذا الخلاف اندلع في وقت يستطيع فيه البلدان أن يقدما إسهامات قيمة في حل كثير من المشاكل الإقليمية، وأبرزها الأزمة السورية والعراقية.
في العراق تستمر الحرب بلا هوادة على تنظيم داعش في الموصل. بمقدور تركيا وإيران مساعدة العراق على التخلص من هذه الآفة، إذا دعتهما السلطات العراقية إلى تقديم الدعم. على أنّ تمدد الدعم من دولة مجاورة مسألة أكثر حساسية؛ لأنه ليس من السهل تحديد نقطة الانكسار بين المساعدة والتدخل.
في سوريا لدى تركيا وإيران كثير من المصالح المتقاربة، من بينها الحفاظ على وحدة الأراضي السورية. وإذا تفتت سوريا، فإن المنطقة قد تحتاج إلى وقت طويل حتى تستقر ثانية، ويمكن لتركيا وإيران أن يسهما إسهاما كبيرا في الحفاظ على وحدة الأراضي السورية، إذا وحدا جهودهما.
ثمة مجال آخر للمصالح المتقاربة هو الطموح الكردي لإنشاء منطقة حكم ذاتي في شمال سوريا، وهو الطموح الذي تدعمه القوتان العظميان روسيا والولايات المتحدة، على الرغم من أنهما تدعمان أيضا وحدة الأراضي السورية.
ستكون تركيا الأكثر تأثرا إذا أقيمت منطقة الحكم الذاتي في شمال سوريا؛ لأنها ستكون محاطة بحزام كردي، حيث أعلن الأكراد السوريون قطعيا أنهم يسعون فقط إلى الحكم الذاتي وليس الاستقلال، ولكن إذا تفككت سوريا، فهم جاهزون لإعلان الاستقلال. تعارض تركيا إقامة دولة كردية تحيط بها من الجنوب، كما تعارض إيران هذه الخطوة، لكنهما لا تستطيعان التعاون لإجهاضها، إن لم يتوقفا عن تبادل الاتهامات.
إن إقامة منطقة حكم ذاتي للأكراد في شمال سوريا سيشجع أكراد تركيا على محاولة فعل الشيء نفسه، ما من شأنه أن يلحق الضرر بالمصالح الإيرانية أيضا، لأنه بعد إقامة حكم ذاتي للأكراد في سوريا والعراق وتركيا سيأتي الدور على أكراد إيران.
ونظرا لأنه يتوقع أن تفضل سوريا الحفاظ على وحدة أراضيها، فستتلاقى المصالح التركية الإيرانية السورية. صحيح أن أنقرة قد لا تكون مسعدة في الوقت الحاضر للتعاون مع دمشق، لكن تلاقي المصالح يمكن استكشافه عندما تكون الظروف مناسبة.
وهناك مساحة تلاق أخرى بين تركيا وإيران، هي أنهما شريكان تجاريان مهمان، لكنهما لم يتمكنا من من تعبئة الإمكانيات الكاملة للتعاون بسبب العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران. تحصل تركيا على ما يقارب 10 مليارات متر مكعب من الغاز الطبيعي من إيران، وإذا طُور احتياطي حقل بارس الثاني، فقد تتعاون تركيا مع جارتها في بناء خط أنابيب لتصدير الغاز من هذا الحقل إلى أوروبا.
إن الخطر الأكبر الذي يهدد منطقة الشرق الأوسط هو إضفاء مزيد من الطائفية على الصراع، ويمكن لتركيا وإيران إلى جانب المملكة العربية السعودية أن تلعبا دورا مهما في تجنب ذلك.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس