مصطفى كارت أوغلو - ستار - ترجمة وتحرير ترك برس
منعت السلطات الألمانية اجتماعات لوزيري العدل بكر بوزداغ والاقتصاد نهاد زيبكجي التركيين في ألمانيا كان من المقرر فيها أن يلقي الوزيران خطابات للجالية التركية هناك.
وبررت السلطات منعها لاجتماع وزير العدل بكر بوزداغ بحجة مضحكة وهي "نقص مواقف السيارات" في مكان التجمع. أما منعها لاجتماع وزير الاقتصاد نهاد زيبكجي فبررته بحجة أكثر منطقية وهي "عدم سماح إدارة الصالة بإلقاء خطابات سياسية".
نحن نعلم في الأساس السبب الحقيقي وراء منع هذه الاجتماعات من خلال التصريح الذي أدلى به وزير العدل الألماني هييكو ماس عندما تم الإعلان عن إجراء الاجتماعات، حين قال: "يجب على من يطلب حرية التعبير لنفسه أن يضمن الحقوق وحرية التعبير للصحافة في دولته". ويقصد بقوله اعتقال السلطات التركية لمراسل صحيفة دي ويلت الألمانية دينيز يوجال للاشتباه بقيامه بالدعاية للمنظمات الإرهابية. وكأنهم يرسلون رسالة مفادها: "إن كنتم ستعتقلون صحفيًا ألمانيًا، فلن نجعلكم تلقون خطاباتكم هنا". وبرأيي أدلى الوزير الألماني ماس بتصريح أهم من ذلك عندما قال: "لقد ولّت مرحلة التحدث بهدوء".
تسير ألمانيا نحو الانتخابات، ومن المرجح أن تكون المستشارة الألمانية ميركل على رأس تحالف يضم أحزاب الاتحاد المسيحي والحزب الديمقراطي الاجتماعي. ولكن لدى الحزب الديمقراطي الاجتماعي مرشح أكثر قوة للمنافسة وهو رئيس البرلمان الأوروبي السابق مارتن شولتز.
في سياق آخر، بعد خروج بريطانيا من منطقة اليورو أصبحت ميركل وحيدةً في عملية إنقاذ دول الاتحاد الأوروبي من مستنقع الديون باعتبارها زعيمة الدولة الأغنى داخل الاتحاد، والمسؤولة عن حماية دول شرق أوروبا التي وضعتها روسيا نصب عينيها. كما أن تفاقم الهجرة غير الشرعية إلى ألمانيا يزيد من مخاطر استنزاف الدولة من جهة، ونمو التعصب والعدائية تجاه الأجانب داخل الدولة من جهة أخرى.
تستطيع ميركل إيجاد حلول لهذه المشاكل وخاصةً مشكلة الهجرة غير الشرعية بمشاركة تركيا، حيث أن مرحلة عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي ستعود بالنفع لكلا الطرفين فيما يتعلق بمواضيع الموارد البشرية والمال. ولكنها لا تفعل ذلك، بل وعلى العكس تمامًا، إذ تحاول ميركل كسب أصوات ناخبي حزب البديل من أجل ألمانيا المتطرف بانتهاجها سياسات الانغلاق على الداخل والسير نحو القومية العرقية المتطرفة.
بهذا الشكل يكون حزب البديل من أجل ألمانيا المتطرف قد نقل أفكاره إلى سدة الحكم منذ الآن.
يحاول شولتز المنافس المباشر لميركل أيضا انتهاج السياسات نفسها من أجل كسب أصوات الشريحة اليسارية القليلة للتقدم على منافسته. كما أن الوزير الألماني ماس الذي انتقد تركيا علنا هو عضو في الحزب الديمقراطي الاجتماعي. وهذا يعني أن نتائج الانتخابات الألمانية لن تسفر عن أي تغيير في السياسات الألمانية تجاه تركيا وإنما قد تشكل فرقًا لألمانيا نفسها.
إن كان قادة ألمانيا يريدون إيصال العلاقات مع أنقرة إلى مستوى التصعيد فهذا شيء يخصهم، ولكن إذا كانوا يقومون بذلك بالنظر إلى أنهم زعماء المسيرة الأوروبية الوحيدون فعليهم تبني عملية الإنقاذ الاقتصادي لدول الاتحاد والتي تعتبر أكبر من عملية الانقاذ للدول في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية وتقبل تقاسم مكاسب الشعب الألماني مع الدول الأوروبية الأخرى. بالإضافة إلى أن عليها الوضع في الحسبان أنها لن تحصل على الدعم السياسي من فرنسا أو من بريطانيا أو حتى من الولايات المتحدة التي تستمر في وصايتها على ألمانيا.
لا تحبذ تركيا إيصال العلاقات مع برلين إلى مستوى التصعيد، ولكنها تظن أن تجربتها في التصعيد لا تخفى على أحد. كل ما تريده هي هو أن يكون الضيف الجديد القادم إليها مرتاحًا على الكرسي العثماني الذهبي.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس