محمود أوفور – صحيفة صباح – ترجمة وتحرير ترك برس
من المشاكل الممتدة إلى الماضي البعيد، والتي ظهرت ونشأت مع تأسيس الجمهورية التركية، هي قضية العلويين، وسبب ظهور هذه المشكلة هو نموذج الجمهورية التركية الذي اعتمد على "النمط الواحد"، مرتكزا في ذلك على القانون الذي صدر في أولى سنوات تأسيس الجمهورية، قانون الثورة رقم 677.
بتطبيق هذا القانون لم يتضرر العلويين لوحدهم، بل قُطعت العلاقة بين الدولة وأهل السنة، وأصبح المجتمع غير قادر على "التنفس"، وعند إضافة حقيقة أنّ المجتمع التركي ذو أغلبية سنية، تضاعفت مشاكل العلويين واستمرت إلى يومنا هذا.
في تسعينات القرن الماضي أصبح المجتمع التركي أخيرا، ينظر إلى الأطياف الأخرى في المجتمع ومنهم العلويين، وأصبحت تلك الطوائف تتحدث وتعبر عن نفسها، لكن مع ذلك لم تُحل المشكلة جذريا.
وفي حُكم حزب العدالة والتنمية الذي بدأ قبل ما يزيد عن اثني عشر عاما، توقعنا أنْ تُحل المشكلة حلا نهائيا، لكن ذلك لم يحصل، فبرغم ورش العمل العديدة التي قام بها الحزب، والتي سمحت بدخول الكتب المتعلقة بالعلوية إلى المدارس، إلا أنّ المشكلة لم تحل من جذورها أيضا.
وبعد ذلك أصبح هناك أحاديث كثيرة في التفاصيل، وهي مناقشة قضية "هل بيوت الجمع أماكن عبادة أم لا؟"، لكن أصل المشكلة لا يكمن هنا، وإنما يكمن في القانون رقم 677 الذي أمر "بإغلاق الخانقاه (أماكن المتصوفين) والزوايا والمقامات" وما يتبعه من تفاصيل وتفرعات، فلو تم تغيير هذا القانون لتم حل المشكلة تلقائيا.
لكن من وقف في هذا الطريق، وخلق مشاكل هو حزب الشعب الجمهوري، لهذا ما زالت الطائفة العلوية قلقة وغير مطمئنة لتلبية مطالبها وحقوقها، أما حزب العدالة والتنمية فقد طالب مرارا بتغيير هذا القانون وصرّح بذلك كثيرا لكنه لم يعُد لذكر ذلك مرة أخرى.
الآن نحن نبدأ مرحلة جديدة بقيادة رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو، وخيوط وعلامات المرحلة الجديدة تحدث فيها داود أوغلو سابقا، وإذا كان التعبير صحيحا، فإنّ تلك التصريحات هي بمثابة بيان للعلويين.
وقد وعد داود أوغلو بتحقيق كل ما ذكره في ذلك البيان، والخطوات التي سيتخذها واضحة، أولها حل قضية "بيوت الجمع"، وبعدها يبقى تطبيق ما هو مذكور في إعلان الأمم المتحدة المتعلق بحقوق الإنسان وهو "حماية وجود الأقليات، وعدم استبعادهم واستقصائهم، وعدم التمييز بينهم وبين الآخرين، وعدم ذوبان حقوقهم مع الزمن"، وهذا أصلا مطلب مشترك لكل فئات الشعب التركي، وهذه المطالب المشتركة تشير إلى أمر واحد فقط؛ وهو دستور جديد.
كل خطوة سيتم اتخاذها على طريق قضية العلويين، ستسهل مهمتنا في عملية السلام والمصالحة الوطنية مع الأكراد، كما ستسهل مهمتنا في إنشاء دستور جديد للبلاد.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس