ترك برس
قال رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو "إنني أحُل اليوم ضيفا على أحفاد الاستراليين الذين قاتلهم أجدادي في حرب "تشاناك كالة" و"غالي بولي" في الماضي. إنّها تقلبات الدهر".
جاء هذا في الكلمة التي ألقاها رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو في ختام المؤتمر الذي نظم في جامعة غرفيثفي مدينة بريزبن الأسترالية تحت عنوان "دعم التطور العالمي: مؤتمر بريزبن للخبرات والمساهمات في قمة مجموعة العشرين".
وتحدث داود أوغلو باللغة الإنكليزية شاكرا المسؤولين الأستراليين على نجاحهم في ترتيب القمة، مذكراً بأن تركيا ستأخذ على عاتقها مهمة إدارة القمة في العام المقبل.
وأكد أنّ تركيا تتعاون مع أستراليا بشأن تنسيق إدارتها للقمة في العام المقبل، قائلاً: "إننا نعي مرور مئة عام على معركة غالي بولو ومعركة تشاناك كاله حيث كانت أستراليا إحدى الدول التي حاربناها. علينا ألا نحمل مشاعر الضغينة والانتقام بعد الحرب، يجب تطوير ثقافة الاحترام والصداقة المتبادلة. ما حدث في الماضي يبقى في الماضي وعلينا أن نمضي معا من أجل بناء المستقبل وإيجاد السبل للخروج من الأزمات الاقتصادية والتعاون لرفع مستوى الإنسانية".
وأضاف داود أوغلو: "اليوم وبعد مرور مئة عام على المعارك تلك يعيش في أستراليا ما ينوف على 170 ألف تركي في سلام، وهذا ما نريده لكل الشعوب. وأريد إعادة النظر في التاريخ حيث يصادف هذا العام الذكرى المئوية للحرب العالمية الثانية لينظر العالم من منظور جديد للمستقبل".
ونوه داود أوغلو إلى ضرورة القمة في ظل الأزمات الاقتصادية التي يعيشها العام والحاجة الملحة إلى استراتيجيات سياسية جديدة.
التجارب الاقتصادية الثلاث
وتطرق إلى التجارب الاقتصادية عبر التاريخ مصنفا إياها في ثلاث مجموعات، إحداها الإمبراطوريات التي قامت في منطقة البحر الأبيض المتوسط حيت تمركز الاقتصاد العالمي في مناطق معينة، واتصلت هذه المناطق ببعضها البعض اقتصاديا. ولفت النظر إلى الأزمات الاقتصادية التي مرت على مدى التاريخ كالتي حصلت في إمبراطورية روما بعد غزو المغول وأدت إلى انهيارها. فالاقتصاد العالمي ينهض بقيام إمبراطورية قوية إلا أن الازمات السياسية تؤدي إلى هبوط الاقتصاد.
أما المرحلة الثانية التي مر بها الاقتصاد العالمي فهي مرحلة الحداثة عبر التاريخ وفيها تتصل الأنظمة المالية والإدارات الاستعمارية ببعضها البعض دون أن يستجوب ارتباطا بريا أو جغرافيا. فالاقتصاد الاستعماري يعتمد على شبكة أو نظام مالي. وبظهور حكومات سياسية يعمل النظام بشكل جيد. ثم ينشأ مركز للتواصل بين المراكز الصناعية والأسواق. وفي عام 1929 تعرض هذا النظام لأزمة فانهار وكان أحد أهم أسباب الحرب العالمية الثانية.
ونحن الآن نعيش المرحلة الثالثة في تاريخ الاقتصاد العالمي. ويسمى هذا النظام: "الاقتصاد العالمي والسياسة العالمية"، وأوضح أن الأزمة التي عاشها العالم عام 2008 هي أزمة الاقتصاد العالمي حيث أصبحت مراكز الاقتصاد مرتبطة ببعضها البعض فهي بذلك لا تشبه الأزمات الأخرى. وقال: "إذا ما أردنا بقاء نظام اقتصادي قابل للاستمرار علينا أن نتحرك كقادة للإنسانية وأن نحل مشاكل النظام المتعلقة ببعضها البعض بفكر جماعي. يجب أن تنضوي السياسة والاقتصاد تحت جناح واحد. وأكد أنه لا يمكن لأي شعب أن يحدد مصيره منعزلاً عن الشعوب الأخرى. تتألف أستراليا من جزيرة واحدة أما نحن فجيران للأزمات. ولكن انفصال أستراليا الجغرافي لا يعني أنها في منأى عن الأزمات المالية. لذلك فإن اجتماع قمة العشرين للقيام بدور المرشد الاستراتيجي هو أمر صائب. فالهدف منها حل الأزمات والمشكلات من خلال صلتها بالأزمة الاقتصادية العالمية.
وتابع قائلاً: "الأزمات العسكرية تؤثر في اقتصاد المنطقة ثم في اقتصاد الدول ثم في الاقتصاد العالمي. منذ 3 سنوات وسوريا تعيش أزمة أدت إلى نزوح أكثر من مليون ونصف مواطن سوري. بينما يوجد 4 مليون في البلدان المجاورة الأخرى. ثلث أهل لبنان اليوم من اللاجئين، لا يمكن لأحد أن يقول إن هذا يخص اللبنانيين فحسب. ويوجد في تركيا 200 ألف لاجئ من العراق، وقد صرفت تركيا 2.5 مليار دولار خلال السنوات الثلاث الماضية".
وأشار رئيس الوزراء إلى أن قمة مجموعة العشرين ستكون منبراً لجميع الدول، قائلاً: "سنجمع البلدان الفقيرة مع دول مجموعة العشرين وسنساعدهم على فهم بعضهم البعض"، في إشارة إلى اجتماع مجموعة العشرين الذي ستعقده تركيا.
وأكد داود أوغلو على أن تأسيس أنظمة تجارية حرة هي أفضل طريقة لمنفعة الجميع، بشرط أن تكون التجارة بحرية متاحة للجميع، مؤكداً أن التجارب أثبتت أن أنظمة التجارة المتكاملة تمكّن شعوبنا من العيش برفاهية ورخاء". مؤكدا أنه يجب ألا يبقى أي اقتصاد في العالم مقتصرا على حدوده الجغرافية.
وذكر أن قمة العشرين التي ستعقد تحت قيادة تركيا سيكون شعارها: "الشمولية من أجل كل أبناء العلم".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!