أحمد طلب الناصر - خاص ترك برس
"لو كان العالم دولة واحدة لكانت إسطنبول عاصمتها" نابليون بونابرت
تتميز إسطنبول بمزايا جمالية جمّة منذ القدم، وأول المزايا هو التنوع الطبيعي الموزّع بين اليابسة والماء والجبل، فقد حباها الله بطبيعة ذات ألوان خلّابة يقل نظيرها في العالم. والميزة الثانية تكمن في الإنجازات العمرانية والفنية التي شكلها الإنسان منذ القدم حتى وقتنا هذا، بدءًا بأسوارها مرورًا بمساجدها وقصورها وصولًا إلى النهضة البنائية الحديثة وبُناها التحتية، ومن بينها "ميترو" الأنفاق ومحطاته..
لا شك أن محطات ميترو إسطنبول النفقية تعتبر من أجمل الأنفاق الموجودة في العالم على الإطلاق، وهذا القول ليس هولاكيَّ النزعة أو مبالغًا فيه، ولكن كل من يستخدم الميترو في تنقلاته اليومية يلاحظ جليًا الأساليب الفنيّة المتبعة في تشكيل وتزيين المحطات الممتدة من منطقة "قاضي كوي" في أقصى القسم الآسيوي إلى "باشاك شهير" ومطار أتاتورك في قلب إسطنبول الأوروبية.
حيث لم يدّخر المعماري والمهندس والفنان موهبة إلا وشكّلوا منها لوحة فنيّة راقية مزيجة بين العريق والحاضر، فاستخدموا الرخام والمرمر والأحجار والسيراميك والفسيفساء الملونة والزجاج وكافة أنواع المعادن في تكوين صورة المحطّات المبهرة، ما يبعث في نفس الإنسان الطمأنينة والراحة النفسية والجسدية، ويشعر بأنه جالس في قصر أو حديقة أو حتى مدينة ألعاب..
"علاء الدين أبو الورد" طبيب استشاري انتقل حديثًا مع عائلته من ألمانيا إلى إسطنبول، بعد قضائه ما يقارب 14 عامًا طبيبًا متنقّلا بين المدن الألمانية كافة، وأصله من سوريا، يقول "لترك برس": "اضطررت ذات مرة للتنقّل بقطار الميترو بسبب تعطّل السيارة، فتوجّهت من منزلي الكائن في (باشاك شهير/ ميترو كينت) إلى (شيشلي) بواسطة الميترو حيث شاهدت معظم المحطات التي توقفنا عندها، لا سيما محطة (ييني كابي) التي نزلت فيها لاستبدال خط الميترو.. أدهشني مشهد الألوان وطريقة توزيعها على ألواح الزجاج التي تغطي جدران المحطة، ومشهد الحجارة المصقولة بعناية فائقة، ثم حين صعدت السلّم الكهربائي وشاهدت اللوحات التشكيلية التي تصوّر معالم إسطنبول الحضارية، أضف إلى ذلك النظافة الفائقة التي تغطّي المكان.. تنقّلت بالماضي في كافة المدن الألمانية ومعظم عواصم ومدن أوروبا، ولا زلت أسافر على الدوام بسبب طبيعة عملي، لم أشاهد بجمالية وروعة تصاميم محطات إسطنبول".
أما "مدحت. ع" وهو مدرّس مصري الجنسية درَس في بريطانيا ويعلّم الآن اللغة الإنكليزية بإسطنبول فيضيف: "حين قدمت إلى إسطنبول صارت لدي هواية أمارسها أيام العطل وهي التنقّل بواسطة ميترو الأنفاق بين القسمين الآسيوي والأوروبي، وفي كلّ مرة أتقصّد النزول بمحطة معينة لأزور المناطق السياحية وأستكشفها، شعرت مرّة أني في مَعلَم سياحي حين نزلت في محطة Boğaziçi Üniversitesi. وهذا ما دفعني للتفرج على المحطات الأخرى، والتي يختلف فيها الفن بين محطة وثانية.. هناك العديد من المحطات الجميلة موزّعة في العالم، لكنها فردية، أما في إسطنبول فالجمال يشمل معظم المحطات".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!