ترك برس
رأى الكاتب والباحث المتخصص في الشؤون الدولية والاستراتيجية، علي حسين باكير، أن هناك مصلحة تركية في تطهير منطقة "عفرين" وجوارها بريف محافظة حلب السورية من ميليشيات "حزب الاتحاد الديمقراطي (بي واي دي)" الذي يعد امتدادًا لمنظمة "حزب العمال الكردستاني (بي كي كي)" المصنفة في قائمة الإرهاب".
جاء ذلك في تقرير نشرته صحيفة "القبس" الكويتية، حول إجراء تركيا استعدادات عسكرية لإطلاق عملية في منطقة عفرين" ومدينة "تل رفعت" ومطار "منغ" العسكري في شمال سوريا، ضد ميليشيات "بي واي دي / واي بي جي" التي تسعى لتشكيل كيان كردي على الشريط الحدودي بين تركيا وسوريا.
وأشار باكير إلى أنّ التركيز التركي انتقل الآن من منطقة شمالي شرق وشمالي وسط سوريا إلى شمالي غربها، حيث منطقة عفرين وجوارها، وأن العامل الأساسي في هذه النقلة يعود إلى طبيعة العلاقة بين تركيا وكل من الولايات المتّحدة وروسيا من جهة، وعلاقة هذه الدول بالميليشيات الكردية من جهة أخرى.
وفقا للمسؤولين الأتراك - يُضيف باكير- فمن غير الممكن ضمان تأمين المناطق المحررة من سيطرة "داعش"، خلال عملية "درع الفرات"، من دون تطهير منطقة عفرين من مقاتلي "واي بي جي" الكرديّة، ولا يمكن المخاطرة بهذا الأمر وتركهم هناك سيما أنّ الجانب التركي كان قد استثمر كثيراً في إعادة الحياة إلى طبيعتها في المناطق المحررة.
وفي هذا السياق، تنشط وزارة الخارجية التركية وكذلك جهاز الاستخبارات للتنسيق مع الدول المعنية بهذا الأمر تمهيدا لإطلاق عملية عسكرية محتملة في تلك المنطقة. ونظراً للتفاهمات التي تربط هذه الميليشيات بكل من الولايات المتّحدة وروسيا، فإن تركيز أنقرة ينصب حاليا على محاولة تحييد كل منهما، نظراً للتكاليف التي ستترتب على المبادرة التركية في حال معارضة أي منهما لعمل عسكري يطال هذه الميليشيات بالتحديد.
ونقل باكير عن مصدر رفيع المستوى، قوله إن "اتصالات جرت الشهر الماضي بين مسؤولين أميركيين ومسؤولين أتراك حول الملف الكردي تحديداً، وقد أمل المسؤولون الأميركيون من نظرائهم الأتراك في هذه الاجتماعات أن لا يقوموا بعمل عسكري من شانّه أن يعرقل التقدّم في المعركة القائمة ضد داعش في الرقة"،
وفي سؤال له حول طبيعة التعاون مع الولايات المتّحدة في هذا الملف، قال المسؤول: "لقد طلب الأميركيون أن يتم التنسيق بشكل وثيق معهم حتى يستطيعوا المساعدة في محاربة حزب العمال الكردستاني لا سيما العناصر القيادية منه"، بحسب الباحث.
وأوضح باكير أن ما ذكره المصدر أعلاه أكّده مسؤول في الخارجية التركية بالقول إن "الجانب الأميركي أكّد لنا الالتزام الذي قطعه سابقا الرئيس الأميركي ووزير دفاعه بشأن التنسيق مع تركيا لضرب حزب العمال الكردستاني"، مضيفا "المسؤولون الأميركيون طلبوا منا منحهم المزيد من الوقت، وإن أمكن تأجيل أي عمل عسكري تركي ضد الميليشيات الكردية إلى نهاية العام الجاري".
وأضاف الباحث: "ربما تكون هذه الاتصالات قد لعبت دوراً أساسياً في نقل تركيز تركيا من شمال شرق سوريا حيث التمركز الأميركي إلى شمال غربها، حيث التمركز الروسي. من المعروف بأنّ عفرين تحوّلت بعد سيطرة الميليشيات الكردية عليها في عام 2013 إلى شريان حياة للنظام السوري ومواقعه الشيعية المتقدمة في حلب (نبّل والزهراء)، قبل أن تستكمل الميليشيات الكرديّة السيطرة على كامل المنطقة في عام 2015 على حساب الجيش الحر و"داعش".
وأردف: "صحيح أنّ تركيا كانت قد أوضحت للولايات المتّحدة ولروسيا مؤخراً بأنّها سترد في حال استشعرت وجود أي تهديد من حزب العمال الكردستاني أو فرعه السوري، إلا أنّ ذلك لوحده ليس كافيا لتفسير التطورات الأخيرة في عفرين ومحيطها".
واعتبر باكير أن تطهير منطقة عفرين ومحيطها من الميليشيات الكردية من شأنه أن يُساهم في تأمين المناطق المحررة سابقا عبر عملية درع الفرات، وتوسيع الرقعة التي تفصل بين مناطق سيطرة وتوسّع الميليشيات الكردية في أقصى شمال شرق سوريا، وأقصى شمال غربها، وبالتالي قضم المزيد من المساحات التي تمددت فيها الميليشيات الكردية على الشريط الشمالي.
وأضاف: "بهذه الطريقة، ستعمل أنقرة على إعادة القرى العربية لسكّانها الأصليين، حيث يسمح ذلك للجانب التركي، كذلك بتخفيف جزء من أعباء اللاجئين التي لا يزال يتحملها، ويستطيع أن يؤمّن أيضاً عمقه على الجهة التركية من الحدود، من خلال العناصر العربية في هذه المناطق".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!