ترك برس
نُشِرت رواية العشق الممنوع، أو "Aşkı memnu"، للكاتب التركي خالد ضياء أوشاكلي، في القرن التاسع عشر سنة 1899، وعدّها مؤرخون ونقّاد الرواية الأولى في تاريخ الأدب التركي المعاصر.
وُلد خالد أوشاكلي سنة 1865 في مدينة إسطنبول لعائلةٍ من التجار المعروفين. درس فيها الأدب الفرنسي والفلسفة والرياضيات على يد أهمِّ الأساتذة، وبقي فيها إلى أن تدهورت ظروفُ عائلته بسبب الحرب الروسية العثمانية 1877 - 1878، الأمر الذي دفعهم للانتقال إلى مدينة إزمير، حيث تعرف أوشاكلي على الأدب بشكل أوسع وسلك بعدها طريق الكتابة. أصبح يكتب في عددٍ من صحف المدينة، ومن ثم بدأت رحلتُه في كتابة القصص والروايات. كتب العديد من القصص والروايات والمسرحيات والقصائد والأشعار. وصار من أشهر كتاب عصره الذين لا زال القُرّاءُ يتغنّون بهم حتى الآن.
لم يستطع شيءٌ إيقافه عن الكتابة، سوى حادثة انتحار ولده سنة 1937، التي تركت فيه أثرًا بالغًا وجعلته حبيس بيته رافضًا اللقاء بأي أحد. ولم تُنشر له ورقةٌ واحدة حتى سنة 1942، حين كتب مذكراتٍ بعنوان "حكاية مؤلمة" يروي فيها تفاصيل حياته مع ولده، ليعود بعدها إلى عزلته يقاسي آلام المرض وحيدًا ممتنعًا عن العلاج. إلى أن مات سنة 1945.
تعدُّ العشق الممنوع أفضل روايةٍ كتبها أوشاكلي على الإطلاق، ولربما من أبرز ما ميّز تلك الرواية، الواقعية التي التزمها أوشاكلي أثناء كتابتها، وأسلوبه الفريد في سرد التفاصيل ووصف الأحداث.
تتحدث الرواية عن سيدةٍ تُدعى فردوس وابنتها بيهتار. تتسببُ فردوس بموتِ زوجها إثر صدمةٍ تعرّض لها لدى معرفته بخيانتها له. وتقرّرُ الزواج من رجل الأعمال الثريِّ عدنان زياغي، ولكن وبرغم فارق السن الكبير بينه وبين بيهتار، يتزوج عدنان بيهتار وتذهب فردوس للعيش معهما في القصر. بعد مدةٍ قصيرة تشعر بيهتار بالسوء من حياتها الزوجية مع رجلٍ يكبرُها بعقود، فتبدأ محاولاتُها اليومية من أجل التقرب من ابن أخيه بهلول. عدنان أشرف على تربية بهلول منذ وفاة أبيه وأسكنه معه في القصر، إلا أن ذلك لم يمنع بهلول من التقرّب من زوجة عمه بيهتار.
فردوس التي تخشى على الثروة التي قد تضيع من بين يديها ويدي ابنتها تحاول بجد ربط بهلول بنهال ابنة عدنان لا سيما أن نهال واقعةً في حبه. وبالفعل يقرّرُ الاثنان الارتباط، الأمرُ الذي يفجّر الغيرة بداخل بيهتار. وفي ليلة زفافهما، تفشي أحدُ الخادمات سرَّ حب بيهتار لبهلول أمام الجميع، لتدخل نهال في صدمةٍ نفسية، وبيهتار تقتلُ نفسها، أما بهلول فيتمكنُ من الهرب.
تناقشُ القصةُ قضية التيهان بين الحبِّ والرغبة بالثراء، تلك الحالةُ التي يعيشها الكثيرون منذ الأزل وحتى اليوم. ربما بإمكان البعض الحصولَ على الاثنين معًا، إلا أن اختيار أحد الطريقين منذ البداية، يوجبُ الاستمرارَ فيه إلى الأبد. ومحاولةُ بيهتار الجمعَ بين الاثنين على حساب كل شيءٍ وكل شخصٍ آخر، كان السببَ في الاضطراب الذي عاشته طوال حياتها في القصر. فلا هي راضيةٌ عن وضعها الحالي ولا هي قادرةٌ على اختيار الحياة التي باتت تحلمُ بها بعد أن حققت حلمَها بالثراء.
تم تحويل الرواية إلى مسلسلٍ درامي سنة 2008 من بطولة بيرين سات وكيفانش تاتليتو وهازال كايا، واستمرَّ تصويرُه حتى عام 2011. لاقى المسلسلُ نجاحًا واسعًا وتمت دبلجته إلى عدة لغاتٍ من بينها العربية. ويعد العشقُ الممنوع أحد أبرز المسلسلات التركية التي عُرضت على شاشة التلفزيون العربي وأكثرها تأثيرًا. فبعد عرض المسلسل، قام عددٌ من كتاب المسلسلات العرب باقتباس القصة ووضعها ضمن إطارٍاتٍ عربية. ولكن يعتقدُ الكثيرون أن المسلسل لم يستطع إيصال جمالية القصة بالطريقة التي كتبها بها أوشاكلي، فالعملُ الأصليُّ دائمًا، يبقى الأكثر مصداقية.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!