ترك برس
ارتفعت في الآونة الأخيرة حدة التوتر بين أنقرة وبرلين، حيث أثارت دعوة الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، للأتراك الألمان بعدم التصويت للأحزاب السياسية الرئيسية الألمانية في الانتخابات القادمة رد فعل واسع من السياسيين والمسؤولين الألمان.
تعهدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل فى تصريحات مفاجئة خلال الحملة الانتخابية بوقف محادثات انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي.
وبعد يوم واحد من تصريحات ميركل، قالت فيدريكا موغيريني، مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، خلال لقائها وزير الخارجية التركي في منتدى بليد الاستراتيجي، إن المحادثات مع تركيا كشريك مهم للاتحاد الأوروبي ستستمر. كما صرح المتحدث باسم ميركل أيضا في 5 سبتمبر أنه لن يتخذ أي قرار بشأن تركيا قبل الانتخابات في ألمانيا.
يرى كورنيليوس أديبهر، زميل مشارك في مركز ألفريد فون أوبنهايم لدراسات السياسة الأوروبية، أن موقف ميركل من مسألة استمرار المحادثات مع تركيا لم يتغير، ولكن ما حدث هو أن مارتن شولز المرشح الاجتماعى الديمقراطى لمنصب المستشارية،وهو مؤيد قوي لانضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، تحدى ميركل خلال المناظرة التلفزيونية أن تعلن أنها ستضع حدا لمحادثات الانضمام. فجاء رد فعل ميركل سريعا خلال المناظرة بتصلب موقفها ولكن دون تغيير فعلي.
وبالنظر إلى تصريحات المتحدث باسمها بعد يومين فقط من تصريحاتها الحادة، فربما كان ذلك محاولة للتراجع عن تصريحها.
بدوره قال المحلل السياسي التركي سميح إيديز، إن ميركل على الرغم من دفاعها عن تركيا بطرق مختلفة، فإنها لم تكن قط مؤيدة لمحاولة أنقرة الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وقد صرحت بذلك علنا. ومع ذلك فهي تستخدم ورقة الاتحاد الأوروبي الآن لمحاولة توجيه ضربة لأردوغان ردا على دعوته للأتراك في ألمانيا عدم التصويت للأحزاب الألمانية المعادية لتركيا.
ويستبعد المحللان أن يقدم الاتحاد الأوروبي على الإعلان رسميا عن تجميد محادثات الانضمام مع تركيا. ويقول أديبهر إن هذا الإعلان له قيمة رمزية كبيرة، حيث سيمنح مزيدا من القوة لطموحات الرئيس أردوغان القومية الإسلامية.
ويشير إلى أن ألمانيا أو أي دولة أخرى من دول الاتحاد لا يمكنها أن تتخذ قرار وقف المحادثات بمفردها، حيث إن مثل هذا القرار ينبغي أن يتخذه جميع الأعضاء الـ28 بالإجماع،وهذا أمر مستبعد جدا في ظل الظروف الراهنة. وعلى النقيض من ذلك، يمكن لتركيا أن تعلن من جانب واحد إنهاء المحادثات؛ إلا أنه من غير المرجح أن تقدم أنقرة على ذلك؛ لأنه سيمنح الأوروبيين الفرصة لتوجيه اللوم للرئيس أردوغان.
ويقول المحلل التركي سميح إيديز إن ألمانيا إذا حاولت إنهاء محادثات انضمام تركيا، فإنها لن تفعل ذلك سوى في إطار قرار جماعي للاتحاد الأوروبي. وهناك بلدان في الاتحاد الأوروبي، مثل اليونان، على سبيل المثال، لن تكون سعيدة لحدوث ذلك، لأنه من الأفضل بالنسبة لها احتواء تركيا بدلا من حرق الجسور. لذلك أعتقد أن التوصل إلى توافق في الآراء حول وقف مفاوضات عضوية تركيا سيكون صعبا للغاية.
ويلفت إيديز إلى أن هناك أسبابا تدفع برلين إلى عدم الذهاب بعيدا واستخدام حق النقض (الفيتو) لوقف انضمام تركيا،أولها وجود ثلاثة ملايين تركي في بلدها يحملون الجنسية الألمانية، وكذلك أزمة اللاجئين التي تواجه أوروبا وتحتاج إلى تعاون تركيا معها، ثم حجم التجارة البينية بين ألمانيا وتركيا الذي يصل إلى مليارات الدولارات ، وخاصة في المجالات الاستراتيجية مثل الطاقة.
وقد حصلت شركة سيمنس على سبيل المثال على مشروع طاقة الرياح بقيمة مليارات الدولارات في الآونة الأخيرة، لذلك فإن رجال الأعمال الألمان الذين يمثلون لوبيا قويا ومؤثرا في برلين، يشعرون بالقلق إزاء تدهور العلاقات بين البلدين وسوف يبذلون قصارى جهدهم لوقف ذلك.
وينوه المحلل التركي إلى أنه حتى في حال إنهاء محادثات انضمام تركيا، فإن ذلك لن يؤثر على المتطلبات الأمنية لألمانيا وتركيا العضوين في حلف الناتو نظرا لاعتبارات استراتيجية أوسع. ولكن ما سيفعله هذا القرار هو إثارة النقاش حول ما إذا كانت تركيا ستغادر المحور الغربي، وأن تبتعد تدريجيا عن هيكلها الأمني الجماعي. غير أنه لا بد من التأكيد على أن تركيا تحصل أيضا على الكثير من الغطاء الأمني الذي يوفره حلف الناتو، ولذلك ليس من السهل عليها أن تتخلص من عضويتها في التحالف.
ويرى إيديز أن آفاق تحسين العلاقات بين البلدين بعد الانتخابات الألمانية لا تبدو جيدة بالنظر إلى عدد المشاكل الخطيرة بين البلدين من قضية تنظيم فتح الله غولن الإرهابي" فيتو، إلى المواطنين الألمان الذين اعتقلوا في تركيا بتهمة الإرهاب، مضيفا أن العلاقات ستظل متوترة بعد الانتخابات، ولكن سيتم إدارتها بطريقة تضمن تجنب الانهيار الكامل.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!