ترك برس
على مدى السنوات العشر الماضية، شهد الاقتصاد التركي فترة من الحشد المكثف لكل الوسائل لتعزيز تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى البلاد. وتحقيقا لهذه الغاية، أنشأت الحكومة في عام 2006 وكالة دعم وتشجيع الاستثمار التركية (ISPAT)، وهي المنظمة الرسمية لتعزيز فرص الاستثمار في تركيا لمجتمع الأعمال العالمي وتقديم المساعدة للمستثمرين قبل وأثناء وبعد دخولهم تركيا. وقد اعتمد هذا التصميم على أداء اقتصادي قوي مع ارتفاع الصادرات، والإنتاج الصناعي، ومتوسط معدل نمو بلغ أكثر من 5 في المئة خلال السنوات العشر الماضية.
ووفقا لبيانات وزارة الاقتصاد والبنك المركزي التركي، بلغ حجم الاستثمار الأجنبي المباشر في تركيا خلال هذه الفترة 145 مليار دولار جاءت من أوروبا وآسيا والشرق الأوسط والولايات المتحدة. وخصص نحو 10 في المئة من هذا المبلغ لقطاع الطاقة الذي يحتل المرتبة الثالثة من حيث قطاعات الاستثمار في الفترة المذكورة، وبلغت استثمارات الطاقة من الشركات الدولية 15.7 مليار دولار خلال الفترة 2006-2016.
على أن محاولة الانقلاب العسكري الساقط في تموز/ يوليو من العام الماضي أثارت قلقا كبيرا بين المستثمرين الأجانب، وهو ما دفع الحكومة التركية ورجال الأعمال إلى التركيز على الاقتصاد واتخاذ تدابير لمواجهة الانعكاسات الاقتصادية المحتملة لمحاولة الانقلاب. ونتيجة لهذه الجهود، استقطب الاقتصاد نحو 12.3 مليار دولار من الاستثمارات الأجنبية المباشرة في العام الماضي، من بينها 740 مليون دولار من استثمارات الطاقة، وأصبحت الطاقة القطاع الثالث الذي يحصل على أكبر قدر من الاستثمارات الأجنبية بعد قطاعي الصناعة والتمويل.
وشملت استثمارات الطاقة في عام 2016 تأسيس شركة أرونا سيرفيسيوس إنتغراليس وزيادة شركة سوكار لأسهمها في تركيا، وزيادة حصة شركة أو إم في النمساوية العملاقة للنفط والغاز حصتها في محطة سامسون للكهرباء.
وبالنظر إلى التوزيع القطاعي للمشاريع التي أطلقتها الشركات الدولية، تأتي الطاقة في المرتبة الثانية بقيمة 1.7 مليار دولار، بنسبة 16.6 في المئة.
تواصلت مشاريع الطاقة والاستثمارات خلال العام الحالي أيضا، وشملت المشاريع الاستثمارية مجالات متعددة للطاقة، مثل مشاريع خط أنابيب الغاز الطبيعي الدولي ومحطات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح الكبيرة مع شراكة بين الشركات التركية والدولية.وعلاوة على ذلك، وفي وقت مبكر من هذا العام، بيعت شركة " بترول أوفيسي" أحد أكبر موزعي المشتقات النفطية في تركيا والمملوكة لمجموعة "أو إم في" النمساوية إلى مجموعة فيتول النفطية العملاقة ومقرها في هولندا مقابل 1.368 مليار دولار.
وبعد إعلان الاستحواذ في أوائل شهر آذار/ مارس، أشار رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لفيتول ، إيان تايلور، إلى الأداء الاقتصادي القوي لتركيا والطلب المتزايد على منتجات الطاقة، مؤكدا أن الشركة الهولندية حققت استثمارا قويا في سوق متنامية مع الاستحواذ على بترول أوفيسي.
كانت شركة النفط الحكومية في أذربيجان (سوكار) صاحبة أكبر استثمارات للطاقة في تركيا في العقد الماضي، وقد بدأت استثمارات الشركة في تركيا عندما استحوذت على الشركة البتروكيماوية الرائدة في البلاد بيتكيم في عام 2008 بمبلغ ملياري دولار. وقد بلغ حجم استثمارات سوكار في تركيا منذ عام 2008 نحو 13 مليار دولار لتصبح أكبر شريك أجنبي في قطاع الطاقة وأكبر مستثمر دولي في البلاد. وقد أنجزت عملاق الطاقة الأذربيجانية مشاريع واسعة النطاق، مثل مشروع مصفاة النفط "ستار" في بحر إيجة، وسوف تتجاوز استثمارات الشركة في تركيا 20 مليار دولار بمجرد اكتمال المشروع.
وتعد مصفاة النجم المعروفة أيضا باسم "سوكار وتوركاس" واحدة من أكبر المشروعات النفطية في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا، وهي أول مصفاة تابعة للقطاع الخاص في تركيا وتبلغ تكلفتها الإجمالية 6 مليارات دولار. وسيتم تغطية ما مجموعه 3.29 مليار دولار من تكلفتها من قروض تمويل المشروع، في حين يأتي باقي المبلغ المقدر بـ2.4 مليار دولار رأس مال الشركة.
تخطط سوكار لتنفيذ مشاريع تكرير النفط والبتروكيماويات والخدمات اللوجستية والتوزيع والتخزين بحلول عام 2020، كما تعمل الشركة أيضا في مجال طاقة الرياح في محطة بيتكيم التي تنتج 51 ميغاواط. كما أن الشركة شريك في خط أنابيب الغاز الطبيعي الأناضول (تاناب)، الذي يبدأ من العاصمة الأذربيجانية باكو وينتهي في إيطاليا. وفي مطلع فبراير/ شباط من هذا العام، خصص البنك الدولي 400 مليون دولار لهذا المشروع الذي تشترك فيه تركيا مع أذربيجان.
ويهدف مشروع "تاناب" الذي ينتظر أن ينتهي في 2018 كمرحلة أولى، إلى نقل 16 مليار متر مكعب من الغاز من أذربيجان إلى أوروبا مروراً بجورجيا وتركيا.وسيتم بيع 6 مليارات من الغاز الأذربيجاني للسوق التركية، فيما سُتنقل الـ10 مليارات المتبقية منها إلى دول اليونان، وألبانيا، وإيطاليا، ومنها إلى السوق الأوروبية.
في هذا العام أيضا تواصلت مشاريع الطاقة مع تركيز خاص على الطاقة المتجددة . وفي أواخر مارس / آذار طرحت مناقصة لإنشاء محطة "كارابينار يكا 1" للطاقة الشمسية في ولاية قونيا وسط الأناضول فازت بها شركة كاليون التركية لاستثمارات الطاقة "kalyon Energy Investments Inc" والشركة الكورية هانوا كيو سيلس المحدودة "Hanwha Q Cells". وقال وزير الطاقة والموارد الطبيعية بيرات البيرق إن ما يقدر بنحو 1.3 مليار دولار سيتم استثماره في المشروع.
والمشروع عبارة عن محطة ذات قدرة إنتاجية سنوية تبلغ 500 ميغاوات على الأقل. وسيتم رفع القدرة تدريجياً إلى ألف ميغاوات من خلال البحث والتطوير خلال العقد المقبل.
وعلاوة على ذلك طرحت في مطلع شهر آب/ أغسطس الماضي مناقصة عالمية لإقامة مشروع لإنتاج طاقة الرياح المتجددة تساهم في توليد ألف ميغاواط من طاقة الرياح في 5 مناطق مختلفة بتركيا. ويقدر أن يكلف المشروع قرابة مليار دولار.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!