فاروق أوزلو - دورية السياسة التركية - ترجمة وتحرير ترك برس

تعزز التكنولوجيا في المجموعة الأولى من تقنية المجموعات القدرة على معالجة البيانات والمعلومات. ومن الأمثلة على ذلك تقنية الحوسبة السحابية، وتكنولوجيا إنترنت الأشياء، وأجهزة الاستشعار التي تتيح جميعها الترابط. وفي عالم صار فيه كل شيء مرتبطا بالإنترنت تتزايد أهمية حلول الأمن السيبراني.

وتتألف المجموعة الثانية من تقنية المجموعات من تكنولوجيات تعزز القدرة على جمع المعلومات وتحليلها. فعلى سبيل المثال، يمكن تضمين التقنيات التحليلية المتقدمة، وتقنيات التعلم الآلي العميق، وتكنولوجيات البيانات الكبيرة، والذكاء الاصطناعي في هذه المجموعة. وبعبارة أخرى، يمكن جمع المزيد من المعلومات ومعالجتها بسرعة وتحليلها بطرق مختلفة بفضل التكنولوجيات في المجموعتين الأوليين.

أما المجموعة الثالثة فهي التقنيات التي تسهل التفاعل البشري مع الآلات وتجعلها أكثر فعالية. وتتضمن هذه المجموعة شاشات الجيل الجديد المستخدم، والواقع الافتراضي، وتقنيات الواقع المعزز. ويعتقد البعض أن التكنولوجيات المذكورة آنفا سوف تأخذ التفاعل البشري مع الروبوتات إلى مستويات لم يسبق لها مثيل، تدفعنا نحو الثورة الصناعية الخامسة.

ويمكن تعريف المجموعة الأخيرة من التكنولوجيات بأنها تكنولوجيات تصنع المنتجات من النماذج الرقمية. وعلى سبيل المثال، تقوم آلات الطباعة ثلاثية الأبعاد بتحويل البيانات الرقمية إلى المخرجات المادية (المنتجات) باستخدام مواد مثل المعادن والبلاستيك وحتى الأقمشة. على الرغم من أنها يمكن تجميعها بطرق مختلفة،  فإننا عند مناقشة التحول الرقمي، نشير إلى التكنولوجيات التي تولد وتجمع وتعالج وتحلل كميات هائلة من البيانات، فضلا عن التكنولوجيات التي تعزز التفاعل البشري مع الآلات وتحويل البيانات إلى المنتجات المادية.

تتزايد هذه المجموعات التكنولوجية الأربع وتتوسع بوتيرة لم يسبق لها مثيل. ووجدت دراسة أجرتها شركة سيسكو على سبيل المثال أنه في عام 2013 كان هناك 10 مليارات آلة وجهاز تتواصل مع بعضها البعض. وتنبأت الدراسة بأن التقدم في مجال معالجة البيانات والمعلومات وشبكات المعلومات سيزيد هذا العدد إلى 50 مليار بحلول عام 2025.

وكشفت دراسة أجرتها مؤسسة الأبحاث الدولية (IDC) أن كمية البيانات التي تم إنشاؤها عالميا من 2013 إلى 2020 سوف ترتفع 11 أضعاف إلى 44 زيتابايت. ومن ثم فإن كل قطعة من البيانات تم إنشاؤها لكن لا يمكن استخدامها بطريقة ذات مغزى تعد هدرا. ومن المتوقع أيضا أن ينمو سوق تطبيقات الواقع الافتراضي المعزز بمقدار خمسة أضعاف بحلول عام 2020، ليصل إلى قيمة 100 مليار دولار. ونتيجة لذلك، فإن التفاعل الإنساني مع الآلات سوف يصبح قريبا حقيقة واقعة. وبحلول عام 2020، سيكون هناك ثلاثة ملايين روبوت صناعي يعملون في المصانع وحدها.

ليس انتشار استخدام هذه التكنولوجيات في الصناعة هو السبب الوحيد الذي تقدمت به وانتشرت بسرعة كبيرة. ويتوقع الخبراء أن يكون لتكنولوجيا إنترنت الأشياء تأثير يصل إلى تريليونات الدولارات، في مجالات تتراوح بين الصحة والنقل، ومبيعات البناء والتجزئة. ووفقا لدراسة أجراها معهد ماكينزي العالمي في عام 2015، من المتوقع أن يكون لتكنولوجيا إنترنت الأشياء أثر اقتصادي سنوي قدره 11 تريليون دولار بحلول عام 2025، 40٪ منها ستكون في التصنيع.

لا تشمل التكنولوجيا قطاع الصناعة التحويلية فحسب، بل تشمل أيضا قطاعات أخرى كثيرة، وتؤثر في كل شريحة من قطاعات المجتمع. ففي المدن، على سبيل المثال، يتوقع أن يكون لتكنولوجيا إنترنت الأشياء أثر اقتصادي يتراوح بين 0،9 و1،7 تريليون دولار بحلول عام 2025. ومن المتوقع أن تبلغ الفائدة التي توفرها أنظمة إدارة حركة المرور الذكية ما يتراوح بين 500 و900 مليار دولار سنويا.

ومن المتوقع أن يكون للتكنولوجيا الرقمية أثر كبير في مختلف القطاعات. وعلى سبيل المثال، سينمو سوق الصحة الرقمية العالمية إلى 233 مليار دولار بحلول عام 2020، في حين يتوقع أن تصل سوق الروبوتات الزراعية إلى 20 مليار دولار في نفس الإطار الزمني. وللتكنولوجيا الرقمية وتقنيات الإنتاج المتقدمة أيضا القدرة على زيادة كبيرة في كفاءة الصناعات التحويلية وقدرتها التنافسية. وتستطيع تكنولوجيات التصنيع الذكية القائمة حاليا زيادة كفاءة الصناعة التحويلية بنسبة تتراوح بين 3 و 5 في المئة في المتوسط. هذه التقنيات يمكن أن تقلل من الوقت الذي تبقى فيه الآلات خاملة بنسبة 30-50 في المئة. وعلاوة على ذلك، يمكن  للتطور في تكنولوجيا الروبوتات  زيادة إنتاجية القوى العاملة بنسبة 45-55 في المئة، وذلك باستخدام الروبوتات لأداء المهام الخطيرة والروتينية.

التحولات إلى الأنظمة الرقمية في أنحاء العالم

شرعت كثير من الدول في اتخاذ خطوات ملموسة فيما يتعلق بالتحول الرقمي في الصناعة التحويلية. فعلى سبيل المثال، أعلن الاتحاد الأوروبي استراتيجيته "لرقمنة الصناعة الأوروبية" كجزء من "استراتيجية السوق الفردية الرقمية" في عام 2016، وأطلقت الولايات المتحدة أخيرا مبادرة تسمى "صنع في أمريكا"، وهدفها الأساس إعادة الصناعة التحويلية التي بدأت مغادرة البلاد في عقد السبعينيات. ويبدو أن هذا الاتجاه سيستمر في النمو بقوة خلال إدارة ترامب.

ظهر مفهوم الثورة الصناعية الرابعة 0-4 لأول مرة في ألمانيا، حيث أنشئت منصة كجهد تعاوني بين الصناعة والأوساط الأكاديمية والقطاع الخاص. وتشارك هذه المنصة في العمل على الاستخدام المشترك والمنفعة، ولا سيما لتسهيل عملية التحول الرقمي للشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم. وعلاوة على ذلك، تهدف استراتيجية الصين "صنع في الصين 2025" إلى تحويل التصنيع المنخفض القيمة المضافة للصين إلى تصنيع القيمة المضافة العالية. وعند النظر في التأثير الواسع للثورة الصناعية الرابعة، من الواضح أنه سيكون مرحلة حاسمة بالنسبة لبلادنا.

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس