ترك برس
بعد الحرب العالمية الثانية أصبحت الولايات المتحدة دولة اقتصادية عظمى، واستمرت كذلك لعدة سنوات ارتكبت خلالها العديد من الأخطاء التي أثّرت ليس فقط على النظام الاقتصادي الأمريكي بل أيضا على سياسة النقد الدولي عامة، وتسببت في اندلاع أزمات اقتصادية عالمية لا تزال تداعياتها متواصلة إلى اليوم.
فقد أصبحت فكرة اعتماد العملات المحلية في التبادلات التجارية بين الدول، توجهاً عالمياً، حيث أنه في السنوات الأخيرة بدأ الكثير من دول العالم وخصوصاً الصين وكوريا الجنوبية، وأمريكا الجنوبية، التوجه لاعتماد عملاتها المحلية في مبادلاتها التجارية.
وكانت الليرة التركية إحدى أكثر العملات تأثرا بارتفاع قيمة الدولار الأمريكي، ولذلك رأى خبراء وأكاديميون في الاقتصاد والمال والتجارة الخارجية، أنَّ فكرة اعتماد العملة المحلية، بعمليات التبادل التجاري بين تركيا والدول الأخرى كالصين وروسيا وإيران وغيرها من الدول من شأنها أن تفتح آفاقا جديدة في العديد من المجالات الاقتصادية والتجارية.
فقد أنجزت تركيا في 30 من تشرين الثاني/ نوفمبر عام 2016 اتفاقا لمبادلة العملة مع الصين بقيمة 450 مليون ليرة تركية (نحو 132 مليون دولار)، مع توجه أنقرة إلى اعتماد العملات المحلية في جانب من تعاملاتها الخارجية مع شركائها لمواجهة ارتفاع الدولار أمام الليرة.
وجاءت زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قبل أيام لإيران بقرارات هامة بالنسبة للعلاقات التجارية بين البلدين، إذ تم الاتفاق على استخدام العملة المحلية بديلا عن الدولار في التبادل التجاري بين تركيا وإيران.
وفي هذا السياق، قال رئيس مجلس الأعمال التركي الإيراني بيلغين آيغول، إن "العلاقات الاقتصادية التركية الإيرانية في تحسن مستمر، وأعتقد أن التجارة الخارجية بالعملة المحلية ستزيد من صادراتنا، وسيصل حجم التبادل التجاري بين البلدين خلال هذا العام إلى قرابة 15 مليار دولار، وسيرتفع إلى 30-35 مليار دولار في السنوات المقبلة".
وكذلك فنزويلا أبدت رغبتها في زيادة التعاون التجاري المشترك مع تركيا، وتم الاتفاق على التعامل بالليرة التركية لأجل القضاء على المشاكل الناجمة عن عمليات السداد في العلاقات التجارية.
ويمكننا إدراج الفوائد المكتسبة من التجارة الخارجية بالعملة المحلية على النحو الآتي:
- إن اعتماد العملة المحلية في التجارة الخارجية، يؤثر بشكل مباشر على زيادة حجم التجارة بين البلدان، ويعزّز السياحة، ويفتح الباب لخلق فرص جديدة.
- زيادة قيمة العملتين في الأسواق المالية العالمية.
- تخفيض تكاليف تبادل العملات وتسهيل استخدام العملتين في التجارة والاستثمارات عبر الحدود.
- تشجيع الاستثمار وتلبية احتياجات المؤسسات الاقتصادية.
- انخفاض التكلفة التشغيلية للتجارة الخارجية.
- تقليل الخسائر الناجمة من التجارة بالدولار.
- تعزيز وضع العملة المحلية أمام حركة المضاربة والتقليل من المخاطر.
- التقليل من حساسية الاحتياطي وعلى رأسها الدولار الأمريكي أمام العملة المحلية.
- تقليل التكلفة الناجمة من استيراد الطاقة. إذ تحتل تركيا المرتبة الثانية بعد ألمانيا في حجم استيراد الغاز الطبيعي الروسي، وتستورد تركيا ما نسبته 90% من حاجتها للطاقة من الخارج، مما يمثل عبئًا كبيرًا على ميزانيتها المالية وحاجتها للعملة الصعبة للوفاء بقيمة السلع المستوردة.
وعليه سيكون للتجارة بالعملة المحلية التي تقودها تركيا، وايران، وروسيا، والصين، تأثير يشبه أحجار الدومينو في أنحاء العالم، مما سيؤدي إلى تسريع وتيرة إنشاء نظام تجاري واقتصادي جديد في العالم.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!