ترك برس
تناول تقرير في شبكة الجزيرة، تساؤلات مطروحة عن مصير محافظة إدلب السورية من الناحيتين العسكرية والإدارية في ضوء الانتشار العسكري التركي ضمن اتفاقية أستانا 6 لخفض التصعيد، فضلًا عن طبيعة العملية التركية وخصوصيات المحافظة باعتبارها موقع التمركز الأبرز للمعارضة السورية.
ويقول الخبير العسكري والإستراتيجي فايز الأسمر إن تركيا دخلت بطلائعها البرية للانتشار على جبهة 130 كيلومترا وعمق ما بين 35 إلى 40 كيلومترا في المنطقة الممتدة ما بين بلدة دارة عزة شرقا إلى خربة الجوز غربا.
وتختلف إدلب -المنطقة الرابعة بين مناطق خفض التصعيد- عن المناطق الباقية في طبيعة الفصائل التي تسيطر عليها، كونها تعد المعقل الرئيس لـ"هيئة تحرير الشام" (النصرة سابقا)، كما يقول الخبير العسكري والإستراتيجي فايز الأسمر.
وتعد المحافظة -التي تقابلها من الجهة التركية ولاية هاطاي- الخزان البشري الأهم للمعارضة السورية، وخلال الفترة الماضية نزح إليها آلاف المقاتلين وعشرات آلاف المدنيين ضمن اتفاقيات في ريف دمشق وحمص وحلب وسواها، وفقًا لتقرير الجزيرة.
ويرى العقيد فايز الأسمر أن للدخول التركي هدفين أساسيين، الأول هو العمل كقوة مراقبة وفصل وهي إحدى مهامها كدولة ضامنة لاتفاق أستانا، والهدف الآخر -وهو ما يراه العقيد فايز الأهم- هو السعي لوصل مناطق سيطرة فصائل درع الفرات من جرابلس وأعزاز والباب مع الريف الغربي لحلب المتصل جغرافيا مع ريف إدلب الشمالي.
ويضيف أن هذا الوصل سيتيح لتركيا تطويق وعزل مدينة عفرين التي تسيطر عليها الوحدات الكردية عن المحيط الخارجي وقطع طرق إمداد ما يعرف بقوات سوريا الديمقراطية التي تشكل الوحدات الكردية معظمها.
من جهته، يرى المحلل السياسي ياسر النجار، الأستاذ في جامعة إدلب، أن العمليات العسكرية التركية في إدلب قد تكون انعكاسا لحالتين، منها خشية تركيا من تمدد قوات سوريا الديمقراطية المصنفة إرهابية لدى تركيا والتي تحاول التمدد في مناطق الثورة على حد وصفه.
ويشير إلى أن أهالي إدلب يخشون أيضا أن تستغل القوى الانفصالية حالة الفراغ الأمني والتجاذبات بين الفصائل ومحاربة الإرهاب، وبالتالي فإن وجود القوات التركية سيكون الضامن لعدم تمدد تلك القوى على حد قوله.
لا تزال سيناريوهات مستقبل إدلب غير واضحة، خاصة في ظل عدم بدء أي عمليات عسكرية ضد أي طرف حتى الآن، ويرى العقيد فايز الأسمر أن ذلك سيبدو جليا بعد أن ينتهي المشهد في إدلب وما ستفرضه الأحداث والتجاذبات والمعارك التي ستحدث مستقبلا.
ويشير إلى أن دخول القوات التركية إلى إدلب لن يكون فقط للانتشار والمراقبة بل للدخول في معارك مع جبهة النصرة وإخراجها من ريف إدلب بالاشتراك مع فصائل درع الفرات.
وبحسب العقيد فايز الأسمر، فإنه ربما يطول الأمر قبل أن يعرف كيف ستدار المحافظة ومن سيديرها خاصة أن المعارك لن تبقي ولن تذر وسيكون دافع الضريبة الأكبر فيها هم أكثر من مليون نازح ومبعد وربما سيتدفقون موجات بشرية للجوء إلى تركيا.
ويرى الدكتور ياسر النجار أن المؤتمر السوري العام الذي عقد في إدلب مؤخرا انبثقت عنه هيئة سياسية كلفت الدكتور محمد الشيخ لتشكيل حكومة تكنوقراط، خاصة أن المواطن السوري بحاجة إلى حكومة حقيقية في الداخل تقوم بواجباتها تجاهه.
ويرى النجار -وهو المتحدث الرسمي للمؤتمر السوري العام- أن في الحكومة مصلحة مشتركة للمواطن السوري وتمثيلا حقيقيا سياسيا للداخل السوري وأيضا مصلحة للدولة التركية التي ستجد إمكانية التعامل مع مؤسسات مدنية.
ويضيف أن هذه المؤسسات المدنية ستجنب مدينة إدلب أي صراع عسكري، حيث يقع على الحكومة إخراج المظاهر المسلحة من المدينة وبالتالي لن يكون هناك أي مبرر لعمليات عسكرية للنظام أو حلفائه.
في سياق متصل، يرى أستاذ العلاقات الدولية في جامعة مرمرة التركية جنكيز تومار، أن عملية إدلب أفضل خطوة ممكنة لتركيا داخل سوريا، في ظل تخلي شريكها الاستراتيجي السابق عنها، في إشارة إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
وأبرز أن تركيا أقدمت على خطوة أولى لـ"إفشال المكائد" عبر عملية "درع الفرات" بسوريا، وأن عملية إدلب تعد الثانية في هذا الإطار، وربما تكون عفرين (شمال غرب سوريا) والخاضعة لتنظيم "بي واي دي" الإرهابي، المحطة الثالثة والأصعب.
وأشار تومار، إلى أن "إدلب هامة جدا بالنسبة لكانتونات (مقاطعات) تنظيم (بي واي دي) الذراع السوري لمنظمة (بي كي كي) الإرهابية، من أجل انفتاح الحزام الذي يسعى لتشكيله على البحر المتوسط".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!